Culture Magazine Thursday  27/05/2010 G Issue 312
فضاءات
الخميس 13 ,جمادى الآخر 1431   العدد  312
 
مداخلات لغوية
كلا ليس اللحيدان محقًّا
أبو أوس إبراهيم الشمسان

أنهى الشيخ صالح اللحيدان خاطرته عن (المصدر) بقوله: «أفليس اللحيدان بعد هذا مُحقاً في طرح هذا وسواه»، قلت: هو مُحِقٌّ لو طرح هذا وسواه عن الناس لا على الناس. والشيخ تقصر به أدواته عن إحسان القول في أمور يدّعي أنه صاحبها، وليس من همي بيان الركاكة البادية في نسيج لغة الشيخ، فهذه ظاهرة لكل قارئ، ولكني أقف القارئ على الخلط في المصطلحات والمفاهيم وما توهم من أخطاء الناس وهم على صواب. قال الشيخ «المصْدر: يقع في الخلط فيه جملة حتى من كبار النقدة وكتاب اللغة لا العلماء فهناك من العلماء والمحققين والمحاورين وجلة من الباحثين من يخلط ما بين المصدر والمفعول المطلق، والتمييز، والحال»، ولم يبين لنا كيف يخلطون. وقال الشيخ: «المصدر هو: اسم جامد دل بنفسه على عمل ما لكنه مجرد من الزمان، فإذا حده زمانٌ ما فيخرج بهذا من كونه مصدراً وهو بهذا يجعله مشكلا لحصول التداخل بين المصدر وغيره». أما كونه جامدًا فهو قول البصريين، وهو مشتق عند الكوفيين، فالمسألة خلافية ولا يصح ورودها في تعريف المصدر بلا حجة، ويرى الشيخ أن المصدر إن حدّه زمان خرج عن المصدرية، فكيف يحده الزمان؟ وكيف يخرج عن المصدرية؟ ويقول الشيخ: «وقد يختلط المصدر نفسه باسمه وهذه (بلية كبيرة) إذا لم يتنبه لها القوم في هذا الحين، ولكي يتم فك مثل هذا هنا فإن الأمثلة ولا جرم فيها بيانٌ شاق فالمصدر كقولك مثلاً: (اقرأني قراءة) (أدبني أدباً). فقراءة، وأدباً كلاهما وهذا ظاهر (مصدر للفعل)؛ لأنه أخذ منه حقيقة.. ولفظاً». وأقول: إنه هوّل في الخلط بين المصدر واسم المصدر؛ إذ لا يترتب على ذلك الخلط أمر جلل والشيخ أول الخالطين حين توهم أن (قراءة) مصدر للفعل (أقرأ) والصحيح: إقراء، و(أدب) ليس مصدر الفعل (أدّب) بل مصدره: تأديب. لأن (قراءة) مصدر الفعل المجرد (قرأ)، و(أدَب) مصدر الفعل المجرد (أدُبَ). ويقول الشيخ: «وهو والمفعول المطلق قد يتشابهان كثيراً»، وغاب عنه أن (المصدر) مصطلح صرفي و(المفعول المطلق) مصطلح نحوي، والأول يطلق على نوع من أنواع الاسم، والثاني وظيفة نحوية من وظائف المصدر التي منها أن يكون مبتدأ أو خبرًا أو نعتًا أو مفعولاً مطلقًا أو مفعولاً له، أو مفعولاً به. ويقول الشيخ: «إن المصدر المقدر يُراد به المأخوذ من فعله لا من وصفه»، ألم يقل إنّ المصدر جامد؟ فكيف يؤخذ من فعله، ثم هل يؤخذ المصدر من وصفه؟. ويقول عن إعمال المصدر»الأول»: أن يتجرد المصدر عن الإضافة فما لم يتجرد عنها فهذا يسبب الخلط وذلك نحو: (إكمالٌ في قراءة موهبة) فموهبة مفعولة (هكذا)به لكن للمصدر (إكمال) وقس على هذا» وما معنى المثال؟ فما إكمال في قراءة؟ وأين خبر المبتدأ؟ وكيف تسبب الإضافة الخلط والمصدر يعمل مضافًا كما ذكر في «الثاني: أن يكون المصدر قد أضيف إلى فاعله.. ولابد.. وذلك مثل (سُررت من قراءة محمد الطب)، (سلمتُ من كتاب مهمل اللغة)». ولا ندري ما الذي لا بدّ منه، وكلنا يعرف أن المصدر قد يعمل مضافًا إلى فاعله أو مفعوله. والمثال الثاني مشكل من غير ضبط بالحركات فقد يكون (سلمتُ من كتابِ مهملٍ اللغةَ) أو (سلمتُ من كتابِ مهملِ اللغةِ) أو (سلمت من كتابٍ مهملِ اللغةِ) أو (سلمتُ من كتابٍ مهملَ اللغة). ويقول الشيخ معلقًا على المثال الأول: «ويلاحظ في هذا المثال أن المصدر قد أضيف إلى فاعله بعده ف(قراءة) مصدر مضاف، ومُحمد، هنا مضاف إليه وهو فاعله فتم بهذا الجر لكن بالإضافة، وهذه النقطة بالذات هي ما أعوز الباحثين الوقوف عليه جزماً» أليس هذا ادعاء؟ فكيف يعوز الباحثين ما هو مبذول في الكتب التعليمية. ويمثل الشيخ لإعمال المصدر المحلى بأل «الثالث: أن يكون المصدر متصلاً (بالألف.. واللام). نحو: (باسط الشكاية أوراقه). فالشكاية مصدر تم إلحاق الألف واللام به، والشكاية أصلُها مصدر الفعل (يشتكي)». وهو هنا يجعل الباسط يشتكي أوراقه والذي يفهمه القارئ أن الأوراق مفعول به لاسم الفاعل (باسط)، ولعله أراد محاكاة الشاهد النحوي وهو:

ضعيف التكايةِ أعداءَه

يخال الفرار يراخي الأجل

ولكنه لم يوفق، كما لم يوفق في فعل الشكاية فتوهم أنه (يشتكي) والصواب (يشكي)، وأما مصدر يشتكي فهو الاشتكاء. وأما قوله: «وهذه النقطة بالذات إلحاق الألف واللام بالمصدر لصعوبة إيرادها نجدها قليلة الورود، لكنها حالة من حالات إضمار المصدر تقديراً» فمشكل؛ فالألف واللام لا تلحق المصدر بل تدخل عليه، ولا نعلم ما قصده من كونها من حالات إضمار المصدر تقديرًا، أليس المصدر المحلى بأل ظاهرًا فكيف يعدّ مضمرًا. وينكر الشيخ قول من قال: «(لقد تتملذتُ على يديه فعلمني تعليمات كثيرة)، ويقول: «والصواب: (فعلمني تَعلِيماً)» وأقول: لو أراد تأكيد فعله لقال، ولكنه أراد شيئًا غاب فهمه عن شيخنا وهو أنه أراد علمني مرات فهو أراد جمع اسم المرة (تعليمة)، ولفظ (تعليمات) مستعمل كثيرًا في الفصيحة المعاصرة واستعملت في مجلة مجمع اللغة العربية. وأنكر قول القائل: (قرأت عليه مقروءة طويلة). وقال: «والصواب: (قرأتُ عليه قراءةً)» وأقول: إنه أراد اسم المفعول لا المصدر فمقروءة مفعول به وليس مفعولاً مطلقًا مؤكدًا. وقال الشيخ: «وفي فتوى شرعية جاء هذا: (هذا الراجح عندي - رجحاناً بيناً) والصواب: (ترجيحاً). والصواب ما في الفتوى الشرعية، فالراجح اسم فاعل من الفعل المجرد (رجح) ومن مصادره (رجحان)، وأما الترجيح فمصدر الفعل المزيد بالتضعيف (رجّح). وقال الشيخ: «وفي نادٍ أدبي مرموق جاء في معرض الرد على إحدى المُداخلات: (اسمعوا أيُها الإخوة الحضور ما ذكرته آنفاً تذكيراً لمنزلة ودور حمزة شحاته).؟!! والصَّوابُ: (ما ذكرتُهُ آنفاً ذكراً..). أو: (ذكراً بمنزلة) لا لمنزلة». وأقول: لم يرد المداخل تأكيد الفعل بل أراد العلة فالمصدر المذكور مفعول لأجله والتقدير ذكرته تذكيرًا أي لتذكيركم، ويمكن أن يكون خبرًا والتقدير (كان تذكيرًا). وكان عنوان مقال الشيخ «المصدر والمجالس العلمية واللغوية إلى أين؟»، أو يحق لنا أن نسأل: ومعجم موازين اللغة إلى أين؟

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة