هي خطوة كبيرة تحمَّلها الفنانون أنفسهم عندما أرادت مجموعة منهم - ويشاركهم كثيرون - إطلاق ما أسموه ملتقى عربياً أو سعودياً أو تواصلاً أو أياً من التسميات التي هدفها الأول والأخير اللقاء.
من الشرقية إلى الرياض إلى حائل فالقصيم وفي انتظار لقاء الأحساء، وبادرة ذلك في الدوادمي التي اعتبروها بذرة لهذا التجمع الأخوي الفني، والمدن واللقاءات كثيرة، وكثيرون يطمحون إلى تواصل الفكرة وإمكانية تطويرها وفق ظروف الفنانين وإمكاناتهم في التحرك والمشاركة.
حضرت اللقاء الذي عقده الفنان سعد العبيد في منزله بالرياض والواقع كان لقاء لا تنقصه الروح الأخوية، والجهد الذي بذله العبيد كان كبيراً منذ بدأ في الإعداد والعمل على إنجاحه بكل السبل، وكان له ذلك، فالاستجابة التي حظي بها الملتقى كانت كبيرة خصوصاً من فنانين تربطهم بالعبيد صلات قوية وكان كعادته كريماً مع الجميع فلم يغفل الشباب فكان حضورهم ومشاركتهم، وهو إذ أراد لملتقاه التعميم ومزيداً من التنويع فقد دعا فنانين عرباً للمشاركة.. ولذا كانت التسمية عربياً فاستجاب من كانت ظروفه أكثر سماحة.
تواصلت الفكرة للقاء في حائل كنت أعددت لحضوره لولا بعض الظروف التي لم أستطع التغلب عليها وبإشراف وتنظيم الفنان الصديق صالح المحيني الذي شهد الجميع بجهد كبير بذله من أجل إنجاح اللقاء. حضر الفنانون بذات الروح الأخوية التي التقوا بها قبل ذلك في الرياض، وكان برنامجهم الفني الذي يرسم فيه الفنانون أعمالاً يتركونها للمستضيف، ثم فكرة أن يقام لذلك الإنتاج معرض، لمست مقدار الرغبة في استضافة الفنانين للملتقى في مدنهم صالح النقيدان الذي نجح في استقطاب زملائه وتنظيم برنامجه الفني الخاص في القصيم.. فالخطوة التالية في الأحساء والمستضيف الفنان أحمد المغلوث ولا شك آخرون يعملون على أن تكون مدنهم محطات قادمة لهذا اللقاء.
لا شك أن الجهود التي يمكن أن يبذلها المنظمون كبيرة.. وهي ليست فيما يمكن أن يتم صرفه بقدر الحرص على أن يخرج اللقاء بالصورة التي يرتضيها الجميع، لقاء يغمره الحب والصفاء والتصافي والعمل المشترك، ومع الإمكانات المادية المحدودة إلا أن الجميع لديه القدرة على التنظيم والإعداد الجيدين.. وهو ما أظهرته التجربة في الرياض وما كانت عليه في حائل والقصيم كما يروي الزملاء.
مثل هذه اللقاءات مفقودة إلا من خلال بعض المناسبات البسيطة والسريعة.. فهناك من يستثمر الفرص للقاء، لقاء زملائه التشكيليين الذين تباعد بينهم المسافات، ومع أن الرياض تحديداً افتقدت الأعوام الأخيرة لقاءات فنانيها أنفسهم إلا من كونهم مجموعات فنية (ألوان ومجموعة الرياض) وغيرهم إلا أن هذه اللقاءات المحدودة لا تكفي، وأتذكر الفنان الراحل محمد السليم عندما كان يستثمر أي فرصة لدعوة زملائه الفنانين واستضافتهم خاصة عندما يحل على المدينة (الرياض) ضيفاً من إحدى المناطق.. أو من خارج المملكة، وكان بالمثل الفنان الراحل عبد الحليم رضوي عندما يحل على جدة ضيفاً، أو تقام مناسبة فنية، فإنه لا يتوانى في جمع زملائه الفنانين التشكيليين ولو على مأدبة عشاء، وعدة مرات كنت حضرت مثل هذه اللقاءات الأخوية، والواقع أن اللقاءات المتتالية هدف يجب أن لا نغفله.. أتذكر الفنان المصري الراحل الحسين فوزي وكان تجاوز الثمانين.. وفي زيارة له لمعرض أقمناه (معرض أصدقاء الفن التشكيلي الخليجي) عام 1985 في مجمع الفنون بالزمالك بالقاهرة كان يقول بتوجيه أبوي: (حبّوا بعض تعملوا فن كويس).. والحقيقة أن التواصل وسيلة للتقريب ما بين الأنفس.. وأن المحبة طريق إلى المزيد من التفاهم والحوار في الفن وغير الفن، وعندما نكون على المحبة فإن الاختلافات لا تؤثر أو تباعد بيننا بقدر ما تخلق مزيداً من الحوار الإيجابي الذي سيساعدنا على عمل أفضل.. وسيكون تقبلنا لرأي الآخر أكثر من أن نكون على خلاف أو كراهية.
لا شك أن مجال الفن قابل لاختلاف وجهات النظر.. والعمل يخلق شيئاً من ذلك لكن هناك ما يمكن أن نبدأ به.. وهو أن نتواصل لتحقيق المزيد من التقارب الذي يحل كثيراً من اختلافاتنا.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام