قد تدفعك عاطفتك إلى اتخاذ خطوة إلى الأمام تكتشف بعدها أن تلك الخطوة أعادتك إلى الخلف مئة عام!
الندم يكون هو سيد الموقف، بغض النظر عن حجم الخطأ الذي ارتُكب؛ فعندما تنتزع العاطفة دفة القيادة من بين يديك تصبح أنت كراكب الطائرة الذي لا يسعه سوى الجلوس وربط الحزام في انتظار الوصول أو السقوط!
يُقال: إنَّ الإنسان كلما كبر كبر عقله، ويعود ذلك إلى تراكم الخبرات والاستفادة من التجارب السابقة وتجنب الوقوع في الأخطاء ذاتها، هذا كلام يُقال، والحقيقة أن الإنسان بشكل عام ينساق خلف عاطفته، ليس لأنه لا يعلم خطورة الانزلاق خلفها أو خطورة تلك المنحدرات الرطبة؛ بل لأن خياله الخصب يصوِّر له تلك المنحدرات كشلالات الشوكولا التي تحوم حولها فراشات بروكاي الملونة.. والواقع أنه لا توجد شلالات من الشوكولا وفراشات بروكاي مسجونة في حديقة يتسلى بمشاهدتها بعض الزوار المتطفلين.
سؤال طرحته على نفسي كثيراً في الأيام الأخيرة: إلى أي مدى نستطيع التأقلم مع الحياة دون اللجوء إلى العاطفة؟ وأقصد هنا الجزء الرومانسي من هذه العاطفة، في الحقيقة لا أحد يستطيع أن يعيش حياة سوية دون أن يفعّل هذا الجزء من حياته.. المرأة لا تستطيع لمس الحياة دون رجل يخبرها نعومة تلك الحياة، والرجل لا يستطيع الوصول إلى تلك النعومة دون المرأة.
الله منحنا تلك العاطفة، لم ندفع قيمتها ونشتريها من السوق، هي موجودة شئنا أم أبينا، أخرجناها أم كبتناها.
الموجع حقاً أن تصبح تلك العاطفة مجرد ممارسات مادية سريعة، لا وقت للحب، لا وقت للحديث عن مشاعرك، لا وقت للتعبير عن فرحتك بهذه المشاعر الجديدة التي تجتاح دواخلك، الكل مستعجل (هات وخذ)!.
الرجل أصبح لديه ألف خيار وألف فتاة قد تكفيه تحريك مشاعره، والمرأة لديها آلاف الخيارات أيضاً، ومن يستطيع أن يسدد فاتورة هاتفها وفاتورة نزواتها تكون له أسبقية الوقوف في الطابور.. هكذا أصبحنا، هكذا أصبح الحب في زمن الانفتاح والتكنولوجيا.. كل شيء أصبح سهلاً، حتى العواطف أصبحت رخيصة لا قيمة لها إن لم تكن مفعّلة بشيء ملموس.
لا أعلم إن كانت طريقة تفكيري هذه قديمة أو كنت أنا متخلفة أو رجعية أو (دقة قديمة)، لكنني أحلم بأن تصبح لمشاعرنا العاطفية قيمة، وأن نجلس في زوايا هادئة بعيدًا عن هذه الضوضاء.. عن هذه الفوضى العاطفية.. أتمنى حقًّا أن يكون هناك رجل ولو كان واحدًا من مليار رجل يؤمن بالعاطفة النزيهة بعيدًا عن كل ما يحدث في الأماكن المظلمة شققاً كانت أم فنادق أم استراحات.. أتمنى أن نعود إلى آدميتنا التي طحنت دون أن نعي ذلك.
وأتمنى حقًّا أن أكون مخطئة في تقديري (لرجل اليوم)، وأن يأتي من يقول لي حكمكِ خاطئ ونظرتك ضيقة.
amerahj@yahoo.com
دبي