عرفتُ الدكتور إبراهيم العواجي شاعراً من خلال أعماله الإبداعية المنشورة، ثم عرفته إنساناً حين جمعتنا - ولا تزال - لقاءات أسرية سنوية في أحد المصايف.
حين التقيت د. إبراهيم للمرة الأولى أحسست بصدق مقولة (الإنسان الأسلوب)؛ فإبراهيم الإنسان من جهة والشاعر من جهة أخرى متطابقان؛ فهو يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويؤمن بقيمة التراث، دون توقف عند حدوده، ويدرك أهمية التطور ومواكبة العصر، دون فقدان للهوية.
ويبدو أن هذا النهج هو ما نحتاج إليه في هذه المرحلة التي تشهد صراعاً حاداً بين تشبث مبالغ فيه بالتراث، وإضفاء القداسة على كل ما يتعلق به من جهة، وقطع للجذور، وانفلات دون ضوابط من جهة ثانية؛ لذلك فإن السير بخطى متوازنة بين الاتجاهين المتطرفين يُعدُّ مسلكاً شاقاً، ولكنه الأجدى والأفضل. ويؤمن العواجي بحق كل جيل في أن تكون له رؤيته الخاصة، وأن الحوار هو السبيل المناسب للتواصل بين الأجيال، وهو يطبق قناعاته تلك في التعامل مع أبنائه.
والعواجي متفائل بطبعه، محبٌ للحياة، وأحسب أن المتفائلين يستطيعون الإسهام في البناء والإصلاح، خلافاً للقانطين، الذين ينظرون إلى كل ما يحيط بهم نظرة سوداوية تسهم في إشاعة الإحباط واليأس. يقول د. إبراهيم في الإجابة عن سؤال يتعلق بالرسالة التي تحملها إحدى مجموعاته الشعرية إنها «دعوة لمعانقة الفجر، كرمز للغايات النبيلة في الحياة، كالحب والمثل الكريمة، والصدق ورفض الزيف والتدليس والتضليل، ودعوة لاختيار الأمل في لحظة الانكسار واليأس، وفي احتضان الرجاء، وفضح كل أصناف الضعف والفساد الأخلاقي، إنها صيحتي في وجه الكآبة والانهزام».
وهذه الكلمات الموجزة التي ذكرها العواجي كافية للكشف عن طبيعته وفلسفته في الحياة.
أما العواجي الإنسان فقد عرفت فيه النبل والكرم، والشهامة والتواضع، ودماثة الخلق؛ الأمر الذي يجعله محبباً لدى كل مَنْ عرفه عن قُرب.