إبراهيم العواجي، قرأته شاعراً مسكوناً بهموم وطنه وبقضايا أمته العربية، يحاول أن يخرج بها من «أزماتها» المختلفة بحلول عقلية راشدة ومشاريع إصلاحية فاعلة.

كان ذلك وأنا على مقاعد الدراسة عندما كان العواجي بالنسبة لي ولجيلي نصاً مدرسياً متميزاً لشعراء نجد المسكونين بهموم وطنهم وإرث أجدادهم العرب، ممن سكن هذه الصحراء وحوّل قسوتها إلى فضاء من اللين والتسامح مع الآخر من خلال نصوصه الشعرية ومقالاته الفكرية، ولكن عندما عرفته عن قرب اكتشفت أنه تجاوز حدود النص الشعري، ليصبح أنموذجاً إنسانياً متميزاً بكل ما تعنيه كلمة إنسان من معنى جميل، كما اكتشفت شيئاً من خريطة ذاته الشاسعة من خلال أحاديث مجالسنا المحلية عندما عرفه المواطنون مسئولاً أمنياً، لم تحجبه مسؤولياته الجسام عن مد جسور التواصل الإنساني مع كافة شرائح مجتمعه السعودي، بل إنه استطاع من خلال عمله في وزارة الداخلية أن يرصد الكثير والكثير من التحولات الحضارية التي مرّ بها الوطن ليرسم من خلال أطروحاته الفكرية المتعددة ملامح وفاق وطني يضمن لنا لحمة وطنية متميزة في تناغمها مع طبيعة الإنسان السعودي وقيادته السياسية.

العواجي يتميز عن بقية جيله من رموزنا الإدارية «التكنوقراط»، بميزة تكاد تكون خصيصة له دون غيره، ألا وهي حرصه الدائم على التواصل مع مختلف شرائح مجتمعه، من خلال مجلسه الأسبوعي الذي يعقد بمنزله بحي الروضة في مدينة الرياض، ففي ذلك المجلس قابلت المسئول والمثقف وصاحب الحاجة والشباب الموهوب وغيرهم ممن تجمعهم المحبة لهذا الإنسان المسئول، فقد أسرهم بتواضعه الجمِّ وأسلوبه المتميز في التواصل مع مختلف ألوان الطيف الإنساني، بإنسانية مفرطة وحوار حضاري راقٍ، وفكر مستنير يغذيه «مواطنة» صادقة الأهداف لا تقبل المساومة أو المزايدة، فالدرس الأول الذي يتعلمه كل من يحضر مجالس الدكتور إبراهيم العواجي هو محبة الوطن والولاء لقيادته الرشيدة.

العواجي نجح -في نظري- عندما كسر نمطية التوتر الأزلي في مجتمعاتنا العربية بين «المثقف» و»المؤسسة الأمنية»، فالكل في وطننا العربي الكبير يعرف أن رجل الأمن لا يلتقي مع المثقف العربي، بل يتصادم معه دائماً على كافة المستويات، لذا نجده يقول في حواراته: إنا صديق المثقفين.

أما علاقته مع «الفجر» فإليكم ما قاله في أحد مكاشفاته مع هذه المتميزة «الثقافية» عندما قال لنا في عام 1426هـ: «الفجر بالنسبة لي يعني الضوء المضيء الذي يبدأ بالحياة، والفجر هو المبدأ والقيمة التي يؤمن بها الإنسان، الفجر هو الرسالة، الفجر هو الحب».

أخيراً سيبقى العواجي فجراً، يبشر بانبلاج حلم جديد لهذا الوطن الذي خدمه ومازال في خدمته وخدمة قيادته الرشيدة، رجل دولة وشاعر وطن، إنه - باختصار - فجر إنسان.