من التقاليد الاحتفائية الجميلة أن يخصص عمل علمي متميز كي يهدى لرمز ثقافي كبير، كما صنع قسم اللغة العربية في جامعة الملك سعود حين أهدى العدد الثالث من سلسلته (مقاربات في اللغة والأدب) إلى الأستاذ الدكتور منصور الحازمي الرائد الأكاديمي الكبير الذي يعد من طلائع الأفواج التعليمية التي تسلَّمت التعليم والإدارة الأكاديمية قبل قرابة نصف قرن، وظل الحازمي من القلائل الذين يواصلون العطاء العلمي والحضور الثقافي بمزيج مدهش من الوعي والتمكن والروح المرحة أو بخلطة سحرية تمزج الإبداع بالإمتاع.

وفي هذا العدد الخاص المهدى للدكتور الحازمي جاء الإهداء إلى أبي مازن الذي قال مرة: «إن إنسان هذه البلاد إذا أبدع على الرغم من قسوة الظروف فإن تقدير ذلك الإبداع يجب أن يكون مضاعفاً» فبوركت من رائد تنويري، وعلى خطاك الشاقة يسير بعض المثابرين من جيل تلامذتك وأبناء وطنك الذي أحببته.

استهل العدد بتصدير للأستاذ الدكتور فالح العجمي رئيس تحرير السلسلة ورئيس الجمعية السعودية للهجات والتراث الشعبي معنوناً ب»الحازمي.. شخصيات في شخوص، وشارك في العدد الأساتذة والدكاترة: أحمد سليم غانم، سعود الرحيلي، محمد الهدلق، محمد القشعمي، معجب الزهراني، أحمد الضبيب، عزت خطاب، محمد خير البقاعي، مرزوق بن تنباك، ميجان الرويلي، نورة الشملان، واختتم بأوراق مبعثرة من دفتر ذكريات الحازمي، كما جاء الغلاف الأخير صورة كبيرة للحازمي عام 1958م حين كان طالباً في آداب جامعة القاهرة.

وقد أقامت الجمعية احتفالاً كبيراً في قاعة الاحتفالات الكبرى ببهو جامعة الملك سعود لتدشين العدد على شرف المحتفي به، فشكراً للأنقياء الأوفياء، وعلى رأسهم رئيس وهيئة تحرير السلسلة، وتحية للجميل المتواري الدكتور عبدالله المعيقل الذي مثل رجل الإعلام في هذه المناسبة بخلقه الكريم ودأبه الكبير وحرصه على أن تكون المناسبة في أبهى صورها، ومزيداً من هذا السلوك القويم الذي لم ننس ما قام به الشاذليون أبو أوس الشمسان ورفاقه حين أصدروا كتاب الشاذليات وأهدوه لأستاذنا الكبير الدكتور حسن شاذلي فرهود قبل وفاته - رحمه الله.