Culture Magazine Thursday  21/10/2010 G Issue 320
حوار
الخميس 13 ,ذو القعدة 1431   العدد  320
 
يوسف بكار لـ« المجلة الثقافية »:
النقاد يكتبون عن المشاهير رغبة في الانتشار

القاهرة - مكتب الجزيرة - أحمد عزمي

يعد الدكتور «يوسف بكار»الناقد الأردني المرموق قامة فكرية ونقدية فاعلة ومؤثرة في المشهد الثقافي العربي، وهو في كتاباته النقدية يحاول الخروج بالنقد الأدبي العربي من آفاقه الضيقة إلى رحاب واسعة، تضيف إلى الطرح الثقافي العام، وطوال رحلته الطويلة مع البحث والدرس قدم للمكتبة العربية ما يقرب من 45 كتابا مابين التأليف والترجمة والتحقيق في اللغة العربية وآدابها والنقد الأدبي الحديث والقديم، من هذه الكتب «اتجاهات الغزل في القرن الثاني الهجري» و»الترجمات العربية لرباعيات الخيام» و»أوراق نقدية جديدة عن طه حسين» و»الترجمة الأدبية إشكاليات ومزالق». د. يوسف بكار يعمل أستاذا للأدب والنقد في جامعة اليرموك بالأردن وهنا حوار معه.

هناك اتهامات متبادلة بين النقاد والمبدعين، فالنقاد متهمون بالتقصير في مواكبة الإبداعات المطروحة في الساحة الثقافية، والمبدعون متهمون في المقابل بالجمود وعدم الابتكار أين الحقيقة في رأيك؟

- هذه قضية قديمة وجديدة في آن، وستظل قائمة، لكن النقد دائما يتبع الإبداع، فالإبداع يأتي أولا ثم يليه النقد، وهناك طفرة إبداعية في الوقت الحاضر، في مجال الشعر والقصة القصيرة والرواية، وليس في طوق الناقد أن يتابع كل هذا الإنتاج الغزير، فهناك تراكم، لكن الجيد منه قليل، ولهذا السبب يتخلف النقد عن متابعة الإبداع، ولا يستطيع ملاحقته، كما أن النقاد يهتمون بالأدباء المتحققين الكبار، ويهملون المبدعين الشباب والمغمورين، الذين يمثلون الحياة بكل أنماطها وأطيافها المختلفة.

وما أسباب ذلك من وجهة نظرك؟

- هذه سمة عربية، فالناقد يتابع المبدع المشهور، لأنه يسعى إلى الشهرة أيضا، ولذلك يسير في ركابه، وبعض النقاد لا يكلفون أنفسهم عناء قراءة الإبداعات الحديثة إلا نادرا، كما أن النقد صعب سلمه، فبالرغم من التسليم بالماهية الإبداعية للنقد إلا أنه لا يستطيع أن يكون مماثلا للإبداع، وذلك باتفاق النقاد التقليديين والجدد معا، مادام كل منهما لا ينطلق من منطلق واحد، فالإبداع كتابة أدبية تنهض على الخيال الخالص، ونتيجة لذلك يجب أن يتسم بالسمات الجمالية والإنشائية والشعرية الرفيعة، في حين أن النقد ينهض على كاهل الإبداع، وسيكون من العسير عليه أن يكتسب كل الصفات والخصائص الجمالية والشعرية التي يكتسبها الإبداع بمفهومه العام، المتفق عليه لدى جميع النقاد.

كان «رولان بارت «ينادي بموت المؤلف فهل مات القارئ معرفيا؟

- ليس المقصود موت المؤلف جسديا، ولكن الموت هنا يعني انتهاء علاقته بالنص فور نشره وطباعته، فالنص رسالة موجهة من مرسل إلى مرسل إليه، فكيف تتسلم رسالة من دون أن تعرف المرسل، والاتجاهات الحديثة في النقد- وربما كان إدوارد سعيد رائد هذا الاتجاه - ينظرون إلى النصوص على أنها بنية وحدث.

ما معنى هذا؟

- معناه أن التاريخية وحدها لا تستطيع تفسير النصوص، ولا الشكلانية التي تهتم بالبنية تكفي بمفردها، ولكن لابد من المزاوجة بين هذين الاتجاهين الكبيرين.

هناك من يرى أن الناقد يقف عند عتبات النص لا يجاوزها إلى المتن فكيف ترى ذلك؟

- ينتمي الأدب إلى فنيات التبليغ في مستواها الأرقى، في حين أن النقد ينتمي إلى الأيديولوجيات والثقافات والاتجاهات الفكرية على اختلافها، وإذا كان المفكرون لا يطالبون الأديب بأن يكون عالما ملما بكل النظريات والثقافات، فإنهم لا يتساهلون مع الناقد ويطالبونه بضرورة الإلمام بمعظم الثقافات والنظريات التي لها صلة مباشرة وغير مباشرة باحترافية النقد، والنص يمكن قراءته قراءات متعددة، وهذا موجود في تراثنا العربي القديم، وقد قال العالم اللغوي الكبير «ابن جني» إن نصوص المتنبي حمالة أوجه، وليس وجهاً واحداً، فالنص يحتمل قراءات متعددة.

قدمت دراسة نقدية عن ترجمات رباعيات الخيام المختلفة فكيف تنظر إلى هذه التجربة اليوم؟

- أصدرت هذه الدراسة في كتاب عام 1988 بتكليف من جامعة قطر، وفي ذلك الوقت وقعت على 56 ترجمة للرباعيات، والآن ازداد هذا العدد إلى 70 ترجمة وللأسف لم تترجم الرباعيات كاملة، فليس هناك ديوان اسمه رباعيات الخيام، ولكن هناك قصائد مختارة من الترجمات، بعضها تمت ترجمته عن الفارسية مباشرة مثل ترجمات أحمد الصافي النجفي وعبد الحق فاضل، وجاءت ترجماتهما دقيقة وأقرب إلى الرباعيات من غيرهما، وهناك ترجمات عن الإنجليزية مثل التي ترجمها فيتز جيرالد، الذي لم يترجمها كلها، وإنما استوحاها، وأفضل الترجمات على الإطلاق هي ترجمة أحمد رامي، ولاسيما الرباعيات التي غنتها أم كلثوم، وربما تتفوق على الأصل، وهناك بعض الرباعيات التي ترجمت إلى اللغات المحكية في مصر والعراق والخليج، وقد كتبت دراستي عن كل ترجمة، وأعطيتها مالها وما عليها.

كيف ترى واقع الأدب المقارن في العالم العربي؟

- للأسف لا يوجد كرسي متخصص في الأدب المقارن في الجامعات العربية، وإنما يدرس الأدب المقارن ضمن مناهج البلاغة والنقد، لأن الأدب المقارن يحتاج إلى متخصصين يتقنون العربية وبعض اللغات الأجنبية، إتقانا تاما، ولكن للأسف لدينا متخصصون في اللغات الأجنبية، لكن بضاعتهم من العربية قليلة، والعكس صحيح أيضا، كما أن معظم الدراسات المقارنة تتجه إلى الغرب، وتهمل دراسات الشرق، مثل تركيا وإيران، رغم أن الشرق أقرب إلينا، كما أن الأدب المقارن العربي نشأ مشرقيا، فقدم العقاد دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والفارسي، وتأثير الخيام في أشعار أبي نواس وأبي العلاء المعري.

لكن طه حسين على سبيل المثال كان يدعو إلى إدماج مصر في ثقافة البحر الأبيض المتوسط؟

- طه حسين كان يريد أن يفتح النوافذ على جميع الاتجاهات، بحيث يكون هناك توازن بينها، ولا تطغى ثقافة على أخرى، وطه حسين هو أول من أسس قسماً للدراسات الشرقية في الجامعة، وكانت رسالته في الدكتوراه عن تأثير الخيام في شعر أبي العلاء المعري، وكان يقول يؤسفني أننا عرفنا الرباعيات عن طريق الإنجليزية وليس عن طريق الفارسية.

هناك اجتماعات ثقافية عربية لم يتم الاتفاق على موعدها بعد مثل القمة العربية الثقافية، ما المقترحات التي تطالب بمناقشتها في هذه القمة؟

- لا بد أن يولي القادة العرب اهتماما باللغة العربية، التي تعاني ضعفا في المدارس والجامعات، ولابد من السعي نحو عوربة التعليم الجامعي، وأنا ضد التعريب الذي يعني نقل الكلمة الأجنبية إلى مقابلها العربي، ولا يعني هذا عدم الاهتمام باللغات الأجنبية، ولكن ينبغي حماية اللغة القومية من التدهور، لأنها عنوان هويتنا العربية.

وأطالب الدبلوماسيين العرب بضرورة إلقاء خطاباتهم في هيئة الأمم المتحدة باللغة العربية، وهي لغة معترف بها في الأمم المتحدة، ولكن للأسف نحن نتحدث معهم في عقر دارنا بلغتهم.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة