Culture Magazine Thursday  16/12/2010 G Issue 325
فضاءات
الخميس 10 ,محرم 1432   العدد  325
 
جنوبَ الماء
عدوّ جدد اسمه: الحرية!!
أولاد أحمد

(1)

أين تقف حرية التعبير؟

أين تقعد حرية التعبير؟

ما هو سقف حرية التعبير؟

ما هو قاع حرية التعبير؟

(2)

كلّما خطت البشرية كعباً أو قدماً، أو خطوة، باتجاه خلاصها من طواغيت الأرض ومن الأوهام المتراكمة عبر قرون، نفخ سكان الكهوف في رماد هذه الأسئلة العمودية، قصد إيهام العالم بأنها أسئلة مشروعة تطرح لأوّل مرّة في التاريخ.. وبالغوا في ذمّ الحرية وتخويف الناس من ثمارها، رغم أن الناس قد وُلدوا أحراراً! ولم يجدوا غير الحرية كدافع أصيل للتخلص من عبوديتهم التي يبدو أنّه لا خلاص منها ما دامت مثل هذه الأسئلة السخيفة والمخيفة لم تدخل بعد قبورها.. وإلى الأبد!

(3)

في كل يوم

في كلّ ساعة..

تنهال الضربات الموجعة على مصطلح الحرية، وعلى مفهوم الحرية، وعلى الحق في الحرية وما يترتب عليها من واجبات واجب الحرية. والعجيب في الأمر أن المستفيدين الوحيدين من الهجمات على الحرية هم إمّا الأقوياء الذين لا يريدون للعامة أن تتمتع بها، وإمّا العامة نفسها التي لم تدرك بعد أن حياتها أهمّ من قوانينها علماً بأن الحياة ليست نقيضاً للمقدسات ولا مرادفاً لها.. كذلك.

(4)

في سياق خلط الأوراق، وإتلاف المحاصيل المعرفية والإبداعية التي ذهب ضحيتها مئات الشهداء من عباقرة الكرة الأرضية عبر التاريخ الدموي للآدميين، يتسلّى صنّاع فرامل الحرية وتجّار كوابحها وباعة معوّقاتها بمواصلة استعمال «حرية التعبير» كما لو أنّها كلمة واحدة مشتقة من فعل أصلي متفق عليه ولا ضرورة لتثبت منه!

إنّهم - بذلك - لا يفعلون شيئاً آخر غير الهروب من تعريف الحرية أوّلاً، ثمّ الهروب من تعريف التعبير ثانياً، وهكذا يسهل عليهم تعويضهما بمفردة بالغة الغموض هي: المسؤولية.

(5)

ما المسؤولية في هذا السياق؟

إنّها التعبير «في نطاق ما تسمح به القوانين». إنها السعي الكدود داخل نفس المسرب الجبلي الضيق الذي لم تعرف البغال والأحمرة غيره. إنها التخييل بمقدار، والإبداع بمقدار، والنقد بمقدار، والمعارضة بمقدار، والاحتجاج بمقدار، والصراخ بمقدار، والموت والحياة.. بمقدار. ومعلوم أن المهمّة الوحيدة الموكولة لهذه المقادير هي المحافظة على الأوضاع القائمين عليها.. وهكذا، وباسم «الحرية المسؤولة» تصبح المطالبة بتغيير أي وضع من الأوضاع المزرية ضرباً من الكفر ونوعاً من التلاعب بالمقدّسات! يا الله!

(6)

هل ثمّة سقف للخيال باعتباره خلقاً حرّاً؟ وهل ثمّة قاع له؟

سؤالان يحيلاننا إلى أن أمماً - بكاملها - لا تزال تنظر إلى العالم نظرة عمودية لا تبزغ فيها شمس ولا يلوح في أفقها طير أو قوس قزح!! غير أن ما لا يمكن السكوت عنه، وعدم التشهير به علانية، هو هذا التوافق الفجائي بين النخب والعامّة.

العامّة باعتبارها وقوداً للحروب وبنى تحتية للدكتاتوريات.. والنخب باعتبارها محترفة نفاق فكري لكونها تنظّر للمدنّس وتمارس - في ذات اللحظة - طقوس المقدّس!

سلام، إذن، على العقل.. وقد تحوّل إلى مجرّد نعل مهترئ!!

تونس
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة