Culture Magazine Thursday  14/01/2010 G Issue 294
أفق
الخميس 28 ,محرم 1431   العدد  294
 
قصة قصيرة
خط أحمر
نورة العاشور

كانت واقفة بجانب المؤسسة التي تعمل بها.. بينما الشمس ترسل أشعتها تضيء حبات الكريستال التي تزيّن عباءتها وغطاء رأسها.. الهواء يأبى إلا أن يفضح شيئاً من مفاتنها كلما هبت نسائمه. على كتفها الأيسر استقرت حقيبتها الاعتيادية ككل أنثى، فيما تمسك بمقبض حقيبة جهاز الحاسب الشخصي، يرتفع صوت ضربات كعب حذائها على الرصيف تعبيراً عن مدى السأم والانفعال الذي بدأ يتسلّل إلى نفسها.

يقولون الرجال قوامون على النساء!.. نعم قوامة الرجل واقع حتمي وحق يفرضه الدين والعرف والمجتمع.

هنيئاً لكم أيها الرجال هذا الاستحقاق.. في زمن أصبحت قوامتكم لا تتعدى التنفيس عن عقدكم المكبوتة.

أفاقت من تمتمتها على صوت وصول السائق.. ترجل فاتحاً باب السيارة.. أخذ الجهاز منها وما إن استقرت داخل السيارة حتى رشقته بنيرانها.

لم تسأله عن سبب تأخره ولم تعطه فرصة ليعلّل ذلك. ظل صامتاً وانطلق بالسيارة فأوصلها دون أن ينبس بنت شفة.

ما إن وصلت البيت حتى صعدت غرفتها.. ألقت بنفسها على السرير.. اعتدلت جالسة..

تحركت يدها نحو تمثال يجسد امرأة يدها تعانق الشمس بشموخ.. كان قد أهداها إياه أيام خطوبتهما.. إنها ذكرى باقية كوشم قديم.

انفرجت عن شفتيها ابتسامة ساخرة.. كم كنت غبية.. ساذجة. كانت كلماته كحبات مطر تنساب من السماء فتروي أرض عطشى.. لم لا وهو الكاتب المثقف الأديب.. الكلمات لعبته.. يصوغها ويحركها كيفما يشاء كما يفعل لاعب الشطرنج بقطع اللعبة.. المرأة وحقوقها قيثارة يجيد العزف عليها.. يطربها لترقص فتتعلق به.

شيئاً فشيئاً بدت مرآة الحقيقة تنجلي عن أمور كثيرة كانت متوارية.. بدا بمنطق جاهل وفلسفة عمياء.. حرمني من أبسط حقوقي.. أودعني زنزانة مصفدة.. داس كرامتي.. أرادني جارية.. متناسياً أن زمن الجواري قد ولَّى بلا رجعة.. طالبته بالطلاق..

قال: لك ما تشائين لكن قد لا تحتملين الثمن..

قالت: مهما يكن الثمن فهذا قراري ولن أتنازل عنه.. ساومها على كل شيء حتى أطفالها لكن لم تكن هناك قوة تردعها عن قرارها.. اختارت الحرية بعد أن أقسمت أن يكون الرجل في حياتها خطاً أحمر.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة