عندما بدأت حركة المعارض وأنشطتها في المملكة ومنذ أقل من خمسين عاماً كانت قاعات العرض بسيطة وحسب إمكانات متاحة في المدينة التي تستضيف أو يقام فيها المعرض، ولأن المدارس هي أول من نظم أو أقيمت فيها معارض للطلبة فإنها أصبحت بمثابة المواقع التي يمكن أن تستضيف العروض وسنقع في ذلك على مدرسة دار الحنان أو مدرسة دار التربية التي أقامت فيها منيرة موصلي وصفية بن زقر معرضهما المشترك أواخر الستينيات، وقريباً من ذلك معرض عبدالعزيز الحماد في مدرسة الدمام الخامسة (خالد بن الوليد الابتدائية)، أيضا في قاعات مكتبات عامة أو مراكز تعليمية، ثم دور الأندية الرياضية (الهام) ومع ذلك نتذكر المعرض الأول للفنان الراحل محمد السليم في نادي النصر أو بعض معارض أقامها الفنانون سعد العبيد أو محمد المنيف أو حتى عبدالحليم رضوي أو المعرض المشترك الذي أقمناه في نادي الاتفاق عام1971 أو معارض شهدتها أندية أخرى خلال الفترة البعيدة أو القريبة فاهتمام الأندية وتهيئتها بأماكن للعرض - فيما بعد - كان من ثمرات وجود مقرات كبيرة لها ثم الاهتمام من الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت تحث على النشاط التشكيلي ضمن النشاطات الثقافية، هناك الفنادق والمراكز العامة، وحتى الأسواق التجارية، كما أن هناك مقار الجهات الحكومية التي ترعى النشاطات وتنظمها مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت المعارض تقام في قاعة بمقرها، وكذلك في مقار مكاتبها خاصة عندما تم تهيئتها بقاعة عرض تقام فيها بعض المعارض المركزية أو معارض المكتب، كما أقامت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون معارض بمركزها الثقافي بحي الفوطة أوائل الثمانينيات وقبل ذلك بمقرها مثلما كانت الفروع تتنقل بين مكان تهيئة للعرض بمقرها أو خارج المقر. وفي الدمام كنا نقيم المعارض في بعض الفنادق أو بمقر البلدية أو في مبنى الغرفة التجارية الصناعية وبالمثل مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب. ولم تكن القاعات التجارية ولنقل كذلك موجودة إلا على نحو محدود في جدة والخبر والرياض وكانت بين وجود وغياب ولعل من أقدم هذه القاعات (التراث العربي) في الخبر التي أنشأتها الفنانة نبيلة البسام عام 1979 ولم تزل بعد أكثر من تجديد وتهيئة لتكون مكانا ملائما للعرض.
قامت القاعات الخاصة بشكل متواصل في عدة مدن من بين هذه القاعات (حوار والشرقية في الرياض وروشان والعالمية واتيليه جدة والمركز السعودي في جدة، والتراث العربي في الخبر) وغيرها من قاعات لا تتساوى حقيقة في التهيئة لكنها تقوم بدور في احتضان الأعمال الفنية على نحو جيد، في الرياض هناك مركز الأمير فيصل بن فهد وقاعته التي أصبحت محطا لمعارض الفنانين خاصة من جهات رسمية كجامعة الرياض وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ووزارة الثقافة والإعلام وغيرها على أن هناك وفي مدن المملكة أماكن جيدة للعرض لكنها غير مهيأة بالشكل المكتمل، ونقص قاعات العرض يسبب إشكالات عديدة ليس أولها الضغط على جهة واحدة أو إقامة العروض كأنشطة سرعان ما يتم تبديل المعرض ثم الحرص فقط على النشاط كنشاط فلا يكون هناك التسويق ولا الاقتناء إلا على نحو محدود جدا وبجهد الفنان الفردي خلاف ما يمكن أن تواجه الفنان والمعرض من حالات خارجة عن الإرادة. ولأن نشاطاتنا متواصلة وفنانونا في ازدياد ما يعكس زيادة المعارض فهناك ما يمكن أن توجده وزارة الثقافة والإعلام مثلا بأن تؤسس لقاعات عرض تكون قريبة من الناس وتحل كثيرا من المشاكل التي تعترض العروض والأيام الخاصة وتضع على كل قاعة مسؤولا ينظم المشاركات ويعمل على بناء علاقة بالوسط المهتم والمقتنين، وترجع نسبة معينة إلى القاعة لأعمال الترميم أو الإصلاح أو خلاف ذلك، وأرى أن يكون ذلك على مستوى أكبر قدر من المدن وبلاشك أن ذلك سيساعد على تسهيل تبادل العروض الهامة ما بين القاعات وأيضا استضافات الفنانين من الخارج دون إشكالات البحث عن قاعة خلاف قلة القاعات المهيأة أو حتى عدم وجود متحف للفن التشكيلي في العاصمة أو بعض المناطق الأخرى.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام