Culture Magazine Thursday  10/06/2010 G Issue 314
فضاءات
الخميس 27 ,جمادى الآخر 1431   العدد  314
 
في شؤون النقد والنقاد؟!
علي خضران القرني

(الناقد أشبه بالطبيب الذي يتحسس أماكن الداء في المريض فيصف له العلاج الناجع)

ناقد عربي قديم

يبدو أن حب الظهور واللهاث وراء الشهرة واعتلاء المنابر.. باتت صفة ملازمة واتجاه مرغوب لدى فئة ترى أنها ألمت بآليات النقد والتنظير وتستطيع أن تدير بوصلته الثقافية في كل اتجاه حتى ولو كانت حصيلتها منه (مجموعة أصفار على اليسار؟).

ذكرتني المقولة التي تتصدر هذه المقالة والتي ما زالت تختزنها الذاكرة منذ مراحل الدراسة الأولى؟ والتي أعتبرها مفتاح حياة الناقد الناجح وأهم الأدوات التي يجب أن يحوز عليها وهو يؤسس لمنهجية تعارف عليها النقاد قديماً وحديثاً؟

.. ذكرتني بما نقرأه في الصحف والمجلات السيارة وما يذاع ويتلفز ويلقى على المنابر الثقافية هذه الأيام والذي يبعد كل البعد عن مناهج النقد المألوفة!

ربما غاب عن هؤلاء أن رسالة النقد إنما هي استظهار الخصائص الحسنة في العمل المنقود والتنبيه إلى الخصائص التي تتعارض معه بأسلوب منهجي قويم بعيداً عن الذاتية وثبط الجهود واستعداء الناجحين؟

استمعت ذات مساء إلى محاضرة في أحد الأندية الأدبية تبحث عن شؤون الرواية والروائيين والروائيات السعوديين قدمها أحد المثقفين ممن ينتمي للمنظومة التعليمية؟

وبعد تقديم المحاضر وإغراقه بالكلمات التي تفيض بالثناء (سيرة ومسيرة) كالعادة في مثل هذه المناسبات.. إذا بمحاضرنا يمطر الرواية والروائيين السعوديين بوابل من القصور ونسف الجهود السابقة واللاحقة.. وما حفلت به الساحة من إبداعاتهم على امتداد الفترة الماضية وما زالت إبداعاتهم تشكل استمرارية رائدة في دنيا الرواية والروائيين (عصرنة وثقافة).

هل غاب عن الناقد الحذق: أن حامد دمنهوري في روايته (ومرت الأيام) وأحمد السباعي في (خالتي كدرخان) وإبراهيم الناصر في (تابوت الموت) وعبدالرحمن الشاعر في (عرق وطين) والمنيف وخليل الفزيع وعبدالحفيظ الشمري وهند باغفار وسباعي عثمان وعبده خال وباخشوين ومحمد زارع عقيل والمليحان والخليوي.. وغيرهم كثر.. هل غاب عنه أن كل هؤلاء لم يؤسسوا للرواية السعودية منجهاً وصل بها إلى مشارف العالمية؟ وكانت وما زالت رواياتهم مرجعاً للدارسين والباحثين في عالم الرواية على امتداد التاريخ.. ناهيك عن الجوائز التي حصدوها في هذا المجال؟

يبدو أن الناقد الحذق أراد في محاضرته أن يطبق المقولة السائدة في دنيا النقد والتي تقول (إذا أردت أن تشتهر فتهجم على من هو أعلى منك) مع أنها مقولة (بائسة) فليس كل من تمثل بها كان ناجحاً، لأنها تعني في مفهومها الدخول للبيوت من نوافذها وليس من أبوابها.

كنت أتمنى من المحاضر التروي في معالجته للقضية الثقافية التي تناولها في محاضرته عن الرواية بروح تتسم بالمنهجية.. بعيداً عن الجرأة والاستعجال في إطلاق الأحكام الجزافية وقديماً قيل:

قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل؟

كم أسفت وأنا استمع للمداخلات التي تخللت المحاضرة والتي تجلى معظمها بالاعتراضية على المحاضرة وعدم الإيجابية وخاصة من المثقفات المتخصصات ناهيك عن المتخصصين الأكاديميين؟ لا تسامها بالتعجل وهظم جهود الروائيين والروائيات في بلادنا رغم جهودهم المتميزة والرائدة على مستوى العالم العربي.

نريد نقداً منهجياً يخلو من الذاتية والحيازية وتصفية الحسابات.. يعطي للعمل المنقود قيمته الفنية ولا يبخسه حقه.. مع بيان ما قد يجده فيه من عيوب ويصف لها العلاج؟

المسألة ليست مسألة اكتساب (شهرة) خلال ثلاثة أيام دون (دراية ودراسة وخبرة) تأسياً بمقولة (تعليم الإنجليزية في ثلاثة أيام بدون معلم).

الناقد هو من يرسم الطريق السوي أمام الأعمال التي تظهر تباعاً والتي واكب بعضها التعجل وحب الظهور وكانت وبالاً على مؤلفيها وعلى مستقبل حياتهم الثقافية.

نصيحتي لمن أراد أن يصبح ناقداً يشار إليه بالبنان ويلج المحافل من أوسع أبوابها.. أن يلم إلماماً كاملاً بمناهج النقد وخصائصه وآلياته قديماً وحديثاً قبل دخول ساحته الشاسعة والواسعة المحفوفة بالأشواك والمصاعب.. وأن يتخذ من قول الشاعر القديم سلماً يعبر به إلى تحقيق غاياته ومآربه في هذا المجال:

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا

الطائف
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة