Culture Magazine Thursday  09/12/2010 G Issue 324
مراجعات
الخميس 3 ,محرم 1432   العدد  324
 
مسامرات
الشجاع والجميل
خالد البسام

عاش الكاتب والروائي الكولومبي الشهير «غابرييل غارسيا ماركيز» أكثر من نصف عمره بفضل الحظ والصدفة. فقد كان يأكل ما يجده وينام حيث يريد الله، حتى عرضت عليه عائلة طيبة هي عائلة «فرانكون مونيرا» الحنونة وجبتين يوميا بسعر أقرب إلى الإحسان. ويروي بنفسه أن العائلة كانت تجبره على الأكل «أكثر من الذي دفعت لهم ثمنه حتى لا يخف مخي، وفي أحيان كثيرة لم أكن أملك ثمن الطعام، ولكنهم كانوا يقنعون بأن أقرأ عليهم قصائد بعد تناول الطعام»! لكن بفضل كفاحه العجيب حصل «ماركيز» على جائزة نوبل للآداب عام 1982م وعاش طوال حياته لا ليعمل ولا ليأكل ولكن ليروي للناس في كل الدنيا حكايات جميلة وآسرة حتى وصل عمره اليوم الخامسة والثمانين من العمر.

كان كفاح الرجل منذ طفولته بلا هوادة وكان العمل كما يقول «منهكا وبلا قيمة، ومهما بذلت من جهد، فقد كان رؤسائي يتهمونني بعدم الحماس للعمل، وإرضاء لعائلتي أخرجوني من المطبعة، وكلفوني بتوزيع إعلانات في الشوارع عن مشروب لدواء الكحة يؤكد أشهر نجوم السينما نجاعته». وفي شبابه كان يسكن في فندق رخيص جدا، وبعد مرور ثلاثة أشهر من الإقامة فيه كان عليه مغادرته بديون غير قابلة للدفع، لكنه قايض مالكة الفندق مقابل خبر في صفحة الاجتماعيات بمناسبة عيد ميلاد حفيدتها، غير أنها قبلت تلك المقايضة مرة واحدة! وفي مساء يوم سبت نشرت جريدة «الاسبكستادو» أول قصة لماركيز في حياته وكان اسمها «الخضوع الثالث».

ويروي ماركيز الحكاية بنفسه فيقول: «أول رد فعل تأكدي المدمر بأنني لم أكن أملك الخمسة سنتيمات لشراء الصحيفة، وهذه كانت أكثر الرموز وضوحا على الفقر، لأن الكثير من الأشياء الأساسية في الحياة، إضافة إلى الصحيفة، كانت تساوي خمسة سنتيمات، الترام، والتليفون العام، وفنجان القهوة، وتلميع الحذاء. انطلقت إلى الشارع بلا حماية من الأمطار الخفيفة التي لا تتوقف، لكنني لم أجد في المقاهي القريبة أحدا من معارفي يمكنه التصدق علي بتلك القطعة المعدنية»!

كان «ماركيز»، الذي يحتفل العالم هذه الأيام ببلوغه الخامسة والثمانين من عمره، يرى أن عليه رغم تلك الظروف القاسية والمؤلمة التي مر بها في حياته عبر الطفولة والشباب أن يكون كاتبا ومن «الكبار أيضا، لأنه للموت جوعا هناك مهن أخرى أفضل».

وهذا ما فعله بجدارة وبشجاعة وبجمال أيضا.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة