Culture Magazine Thursday  09/12/2010 G Issue 324
فضاءات
الخميس 3 ,محرم 1432   العدد  324
 
مداخلات لغوية
البيتوشي
أبو أوس إبراهيم الشمسان

لم أكن أعرف من البيتوشي حتى تقدم ابننا الدكتور خالد الجريان بخطة رسالته للدكتوراه، وكان أن اشتركت في مناقشتها، عرفت من الرسالة أنّه أبو محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عز الدين، ولد في النصف الأول من القرن الثاني عشر للهجرة في بيتوش بلد في كردستان العراق، تلقى علومه الأولى على والده، حفظ القرآن الكريم وتلقى العلوم الدينية من تفسير وحديث وفقه، وعلوم العربية من نحو وصرف وبلاغة وعروض، وحفظ أهم المتون، لازم أخاه محموداً العالم الفاضل وتلقى منه علوم العربية، وسافر معه في طلب العلم إلى بلدان شتى كالشام وبغداد والكوفة والبصرة والمدينة ومكة، ثم توجها إلى الأحساء التي استقرا فيها مدة حتى عادا إلى بيتوش، غير أن عبد الله رجع إلى الأحساء ليمكث فيها مدة ويغادرها.. ولكنه يعود إليها مرة ثالثة في أواخر 1190، كانت الفترات التي يقضيها في الأحساء من أخصب الفترات العلمية، ففيها تعلم وعلّم وكتب ونظم، والبيتوشي يذكرني بابن المقرب ابن الأحساء الذي أخمل ذكره أنه لم يعش في مدينة من المدن السياسية الكبرى كما عاش المتنبي وغيره، فعلى الرغم من غزارة إنتاج البيتوشي نثرًا وشعرًا كتابة ونظمًا لم نجده اشتهر شهرة السيوطي أو البغدادي، كان البيتوشي قوي الذاكرة متمكنًا من علوم الشريعة والعربية؛ ولذلك تعددت أعماله في العلوم الشرعية والعلوم العربية، ذكر الدكتور الجريان أن أعمال البيتوشي تزيد على ستين أثرًا، وقسّمها أربعة أقسام.. الأول: في العلوم الشرعية.. والثاني: في العلوم العربية.. والثالث: منظوماته في النحو واللغة.. والرابع: شروحه وتعليقاته، ومن كتب العربية: (الكافي في علمي العروض والقوافي)، (كفاية المعاني في حروف المعاني)، ومن منظوماته منظومة في بيان الأفعال التي جاءت واوية أو يائية، ومنظومة في بيان الأفعال التي تتعدى وتلزم، ومن شروحه شرح سقط الزند وشرح مقصورة ابن دريد. وبيّن الجريان على نحو استطرادي في رسالته الجانب الأدبي وبخاصة الشعري، وأما مؤلفاته فحافلة بآراء النحويين واللغويين استوعبها وأحسن الصدور عنها، واتخذت أعماله طابع الأعمال السائدة في ذلك العصر.. وهي الميل إلى الموسوعية وتقييد العلم نثرًا ونظمًا، عرض الدكتور الجريان أهم ما تضمنته كتب البيتوشي ومنظوماته.. وناقشها مناقشة القارئ الناقد.. ووقفنا على أقوال توهمَ البيتوشي أنه لم يسبق إليها فذهب إلى تفرده فيها؛ ولكن البيتوشي كغيره من البشر تخطر لهم الفكرة ولا يعلمون على رغم سعة الاطلاع أنهم سبقوا إليها، وعذرهم واضح فلا الكتب مفهرسة.. ولا هي بالقليلة في القرن الثاني عشر، وإنا في هذا العصر لنتوهم أنّا نأتي بجديد.. ثم ما نلبث أن نعثر على القول أو أصله عند أسلافنا.. رحم الله البيتوشي الذي وهب نفسه للعلم وأهله.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة