Culture Magazine Thursday  09/12/2010 G Issue 324
أفق
الخميس 3 ,محرم 1432   العدد  324
 
مقاربة
أمل سليمان في ديوانها الجديد.. "أنت يا أنت":
في الديوان رحلة شاقة في أعماق الذات والشعر والحياة
عبدالحفيظ الشمري

في هجس شعري حميمي، وبهطول أنثوي واعد تطل الشاعرة (أمل سليمان) على القارئ بديوانها الجديد: "أنت يا أنت" حاملة في تفاصيل بوحها تساوقات الخطاب الشعري الذي يرنو إلى مناجزة الركون والسكون والتواري، إذ تشرق القصائد محمَّلة ببعدها التنويري لكي تحقق معادلة "الشعر والحياة".

فاتحة الديوان إيماءة لحميمية الشعر والشاعرة، ومساحة بوح لاعج مستطاب، بدءاً بالحلم، تالٍ رعشة قلب ينتفض لتفعيلة حبٍ، أو نثر وجد أو مقولات عصماء القصائد المقفاة والموزونة في زمن ألا شعر.

تطل الشاعرة أمل سليمان بقصيدة "إليك" وهي تروم ثنائيات الإخوانيات والبحث عن رفاق للكلمة بعد أن أعياها التفتيش في قاموس الشعر عن كنه العلاقة الإنسانية وإلى من ينتسب لولائها، فيما تنزف الشاعرة البوح تلو البوح في مشهد قصيدة "صديقتي" لتعطي القارئ صورة أعمق عن مدى ولعها بالحديث الحميمي لذات تعرفها تماماً.

قصائد الديوان مكللة بلغة الشعر المتميزة حيث تصوغ الشاعرة من مفرداته خطاب الوعي لتوسع خصوصية النص باحثة عن جوهر رسالة الشعر، ومحاولة التواصل مع القارئ من خلال ما جال في مخيلتها من رؤى وأفكار وهواجس إنسانية تغلب عليها وجدانيات الذات.

تتوارد في نصوص الديوان ارتحالات الشاعرة داخل ذاتها على نحو قصيدة "الغريبة" حينما تدبج الذات مكنونها الموائم بين الواقع الذي تراه أليماً والحلم البعيد الذي لم يعد خاضعاً لاشتعالات الذات شعراً مجنحاً، فكأن الشاعرة "أمل" طوت العزم على أن يكون صوتها الشعري ملكة داخلية حتى وإن خاضت في بعض تفاصيل التجارب أخرى:

"يا لأقدارٍ ظهرت من غموضي

فجنوحي للصمت توقاً رداءا

يا إلهي صن من بقلبي إلهي

عالم الكون جارياً وقضاءا"

قصيدة "العشاء الأخير" خطاب استثنائي تبثه الشاعرة نحو القارئ لتؤكد أنها عازمة على مزاوجة الأمل بما سواه من أوهام، فهي في القصيدة البيان لا تذيع من الألم إلا ذلك الهجس الموارب بلغة الشعر الذي لا يقبل الانحناء رغم الهزيمة.

توجه "أمل إبراهيم" سهام نقدها الشعري اللاذع لمن هم عابرون لتلك الليلة الأليمة في فضاء النص حتى أنها لتبرع في شن عتب شعري عنيف على مشاعر لا ترتقها غمرة الوداعة إنما لضياع أمل وهدى وبقاء صورة عابرة لمشهد لقاء لم يعد مجدياً.

تضيف في القصيدة التالية ل "العشاء الأخير" بُعداً تجذيرياً يسكن القلب حينما تعيد ترتيب سيرة اللوعة في القصيدة "تعميد الفراق" وكأن النص الذي سبقها هو مقدمة ممكنة لمآل اللقاء إلى مجرد حالة وهم تسكن المحب.. ذلك الذي لا تجد غضاضة من الإيماء إليه بصورة "أنتَ":

"أهديك سحراً لم ينل

كن أنت يا أنت الشقاء

كارتواء الحسن مجنون الوفاء"

قصائد الديوان تنحو للإشارة أو الإيماء للكثير من الصور التي تمررها الشاعرة في القصائد، إذ لا يطول الحديث عادة عن أي أمر عِظَمُ شأنه أو حجمه، لتقنن الشاعرة مفردات ديوانها، وترتق الفارق بين أحزانها الكثيرة وحالة الشعر التي تراه هجس متيقن لا يشرح الأسباب إنما يعرض صور الإيجاز والرمز على نحو قصيدة "فلسطين" حينما أخذت من هذه القضية الكبيرة ملمح الجرح النازف في جسد الأمة.

***

إشارة:

أنت يا أنت (شعر)

دار المفردات - الرياض - (ط1) - 1431هـ

يقع الديوان في نحو (96 صفحة) من القطع المتوسط

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة