ترتب على تخلف الوعي الاجتماعي، نزعة محافظة غالبة في المجموعات الاجتماعية المختلفة التي أصبحت بحكم ثقافتها، نافرة من التجديد الأدبي، أو الخروج الإبداعي على أعراف الجماعة، في الوقت الذي أسهمت به النزعة البطريركية في تأكيد نوع من التراتبية العمرية الجامدة التي لا تسمح بالحراك الحر بين الأجيال، ولا تدوير النخب الإبداعية أو الثقافية، وهو الأمر الذي لا زال يلازم كراهية التجريب في أشكال الإبداع والهجوم العنيف على كل ما يُشتَمُ مِنهُ أي خروج على أعراف القبيلة، ومثل ذلك ما قامت به عائلة سعد الله ونوس من مراقبة، وحذف ما تراه ضاراً في السيرة الذاتية التي كتبها المرحوم سعد الله في حياته، وكان الحذف واضحاً في الجزء المنشور في» أخبار الأدب» وذلك بدعوى إذاعة سعد الله ونوس لأسرار غير لائقة وخروج على القيم الاجتماعية. ولا يتباعد عن هذا السياق مصادرة ديوان «رشاقة الظل « للشاعر إسلام سمحان وتوقيف الكاتب ومحاكمته واتهامه بالكفر بدعوى اقتباس آيات من القرآن الكريم وتضمينها في شعره.
أما معارض الكتب في العالم العربي فإن المهمة الأولى للقائمين عليها هي تجهيز قوائم بالكتب التي ستمنع دخولها. في معرض الكويت الدولي للكتاب منع أكثر من 35 كتاباً من المشاركة في دورته الخامسة والثلاثين 13 أكتوبر 2010 والكتب التي منعت من المشاركة هي 31 كتابا صادرة عن دار الشروق وعدد من الكتب الصادرة عن دار العين ودار شرقيات. واشتملت الكتب الممنوعة على إصدارات «عتبات البهجة، بيت الياسمين، وقناديل البحر» للكاتب إبراهيم عبدالمجيد، وكتابي د.جلال أمين «ماذا علمتني الحياة» و»المثقفون العرب» ومن الكتب الممنوعة أيضاً «أيام الإنسان السبعة» لعبدالحكيم قاسم و»أبواب الهوى» ترجمة د. أحمد المغربي، وكتاب «الطريق على مكة» لمراد هوفمان. وفي عام 2005 رصدت لجنة حقوق الإنسان المصرية عدداً من المصادرات في معرض القاهرة الدولي للكتاب كان منها: أعمال حيدر حيدر «الوعول، الومض، وحكاية النورس» وروايتي الطاهر وطار «الحب والحب الآخر - أعناب مركز العذاب» وكذلك ثلاثة أجزاء من «مدن الملح» لعبدالرحمن منيف وديوان» أحد عشر كوكباً» للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وديوان «أول حب أول جسد» للشاعر أدونيس. وكذلك في معرض بيروت -عاصمة الثقافة العربية- كان هناك قائمة منع للكتب منه رواية «حديقة الحواس» لعبده وازن.
وتتوالى قوائم المنع في كل معارض الكتاب في عواصم العالم العربي مما يدل دلالة واضحة على غياب حرية الإبداع الكاملة على امتداد العالم العربي، فيما عدا استثناءات نادرة لا تكسر القاعدة.
والسؤال هنا.. ما الذي يجنيه القائمون على معارض الكتب من إعداد قوائم المنع للكتب التي يستبعدونها من معارضهم، إذا كان بإمكان أي قارئ أن يحصل على الكتاب الذي يريده بكبسة زر على الإنترنت؟
- الرياض