Culture Magazine Thursday  07/01/2010 G Issue 293
فضاءات
الخميس 21 ,محرم 1431   العدد  293
 
رفيف
أحلام حادي تتقصى ترجمات (الملك لير)
د.فاطمة الوهيبي

أحلام حادي باحثة وناقدة جادة، من أولئك الناس النادرين الذين يعملون بهدوء وصمت. صدر كتابها الأول (جماليات اللغة في القصة القصيرة: قراءة لتيار الوعي في القصة السعودية 1970-1995) وهو في الأصل رسالتها للماجستير، وهو عمل علمي جاد دفع المهتمين والمختصين لتلقفه والاهتمام به حينما نوقش كرسالة ماجستير، وحينما صدر سنة (2004) على شكل كتاب اتسعت دائرة المستفيدين منه والمحتفين به.

وقد أصدرت مؤخرًا كتابًا آخر مهمًا في حقله، وهو كتاب (الملك لير في خمس ترجمات عربية) صدر عن دار شرقيات للنشر والتوزيع. وأبدأ بالتهنئة للباحثة أحلام وأشد على يديها، وأشيد بهذا العمل العلمي، لأنه يستحق ذلك، ولأن صاحبته تستحق ذلك لما تعكسه شخصيتها العلمية من صبر وأناة ودقة ومثابرة، وهي صفات قلما نجدها بين الباحثين والأكاديميين. كما أشيد بهذا العمل لقلة الكتب التي تطرق موضوع الترجمات المقارنة لعمل أدبي واحد، ولكون العمل موضوع الكتاب هو مسرحية لشكسبير، ومن منا لا يدرك الصعوبة التي تتسم بها لغة شكسبير في اللغة الأم وما يحيط بها من صعوبة ومآزق لأبناء الانجليزية، فكيف وهذا المجال تقتحمه باحثة تجتهد في قراءة العمل في لغته الأصلية، وتعكف على المتابعة العلمية الدقيقة لخمس ترجمات مشهورة للمسرحية، ثم تعقد مقارناتها بينها بطريقة علمية معتدلة تكشف الإيجابيات، وتعرض بطريقة أكاديمية مواضع التحوير والتغيير ومآزق الترجمة، وحينما تجد ما لا تراه مناسبًا أو صحيحًا أو على أقل تقدير لا تتفق فيه مع المترجم تعرض ذلك بهدوء، وتناقش بطريقة رصينة راقية ما تراه اختراقًا أو تجاوزًا غير مقبول.

إن السمة الحذرة، مع اللغة العلمية المقنّنة والراقية أضفتا في الوقت نفسه جوًا من الراحة لقارئ يخوض موضوعًا شائكًا، وأعطى التشويق من جهة أخرى لموضوع قد يراه غير المختص مملاً؛ ولذلك فالكتاب جاذب لمعظم أنواع القراء حتى غير المختصين.

أما السمة الأكثر إيجابية في الكتاب فهي سهولة لغته وقربها من القارئ، حتى إن الكتاب يضرب عصافير كثيرة بحجر واحد، إذ صاغته أحلام وهي تقارن وتعارض بطريقة ذكية تجعل القارئ يخرج بفوائد مختلفة على رأسها أن تلك الموضوعات المختارة بعناية للمقارنات كانت تضرب في أماكن مختلفة من المسرحية، ولذلك يخرج القارئ وكأنه لم يقرأ المسرحية فحسب بل قرأ ترجماتها الخمس مضافًا إليها حشد من المعلومات والمقارنات لا بين الثقافتين العربية والانجليزية ومكونات كل ثقافة، بل يخرج القارئ بعدد من الفروقات بين الباحثين ومستويات ترجمتهم مع تفسيرات مهمة في كثير من الأحيان لهذه التباينات بين المترجمين. أشدّ على يد أحلام مجددًا مهنئة ومتمنية لها مزيدًا من التألق والنجاح.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة 7845 ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض Rafef_fa@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة