Culture Magazine Thursday  04/02/2010 G Issue 297
الثالثة
الخميس 20 ,صفر 1431   العدد  297
 
إمضاء
العاصفة الهادئة

** جاء إلى المشهد المجتمعي ؛ تسبقه وترافقه وتلحقه عاصفة أثارت الغبار، وحجمت القرار، وتفاعل معها الحوار ؛ فأحبه من أحبه، وقلاه من قلاه، وصار ميدانا لتجاذب الساحات التي لم تبق فيه ولم تذر ؛ فظل هادئا، متواضعا، بسيطا، ورغم أنها سنون عشر ؛ فقد مرت كحلم لا نعلم إن كنا قد صحونا منه بعد.

** كانت لديه نظرة ونظرية، ورأى أنه أمام مسؤولية تاريخية للتغيير والتطوير؛ فابتدأ من يومه الأول متفائلا بوسط قادر على مده بالعون كي نلحق بمن سبق، لكن الزمن لم يكن الزمن، والناس لم يعودوا الناس، ولا مقام لمن تمنهج بل لمن تأدلج، ودخل في بحر لجي، فغشاه موج من فوقه موج، وحاربه روم من خلفهم روم، ولم يفقد إيمانه بالخروج من الدلجة يوماً؛ فعليه أن يسعى، ولا بأس إن لم يبلغ الشاطئ بنفسه فربما قامت أجيال بعده بما حجبه عنه تيار مقاوم عنيد شديد.

** رجل تسكنه التربية مذ كان مدرسا في المعهد العلمي قبل قرابة نصف قرن (1964م)، ثم معيدا في شريعة مكة، وأستاذا مساعدا فمشاركا فأستاذا فعميدا لكلية التربية ثم مديرا لمكتب التربية العربي لدول الخليج، ومسهما في تأسيس جامعة الخليج العربي ونائبا لرئيس هيئتها التأسيسية، وهي مرحلة استغرقت ثلاثين عاما من عمره، أكملها بعامين في مجلس الشورى، واختير وزيرا للمعارف (التربية والتعليم لاحقا) في عام 1995 م واستمر حتى عام 2005 م، ولم يودع التعليم رغم ذلك ؛ فقد اتجه للاستثمار في التعليم الأهلي وأسس مدارس تهتم بالموهوبين.

** العاشق مشوق ولولم يلقَ العاشقين، بخلاف زعم الشاعر القديم، فلم يسل أبو أحمد أو يتسلى؛ إذ التربية همه وإن أوهنته أو أوهمته فغادر كرسي الوزير ليحمل قلم الكاتب والباحث ؛ يطرح رؤاه - هذه المرة - بجرأة، ويعتب على بعض بني قومه الذين محضهم النصح بمنحنيات التوجه وآن أن يستبينوا الرشد بفضاءات التوجيه، ولم يخف مرارة ممن شك وشكا وشاك، لكنه مطمئن إلى أن في متصرفات الفعل من شكر ومن سيشكر، وقد قال من أنصف: إن وزارة الرشيد كانت الأهم بقياس المحاولة والجدة والجدية وفرق العمل والهيكلة وحتى بأبعاد الحرب والحراب التي صمد أمامها؛ فقد كفاه أن أرضى ضميره المهني، وما عناه حراس الخوف والتقليد.

كان محبوه يتمنون أن لو بدأ عمله بتجديد الوجوه القديمة التي ران عليها التنميط حتى لم تعد ترى سواه، ومراقبة المعلم والمدير وتحويل ذوي التشابكات إلى ** حيث تتفكك شباكهم، ووضع خطة وطنية عاجلة لتدريب المعلمين وفرزهم؛ فالهرم مقلوب في مثل وزارة التربية، ومعلم مدرسة ابتدائية في هجرة نائية قد يكون أهم من الوزير.

** لم يرد الرشيد إلا أن يكون رشيدا في تعامله؛ فلم ينقل أو يفصل أو يبدل كثيرا فيما يمس الناس ؛فقلبه الكبير لا يحتمل أن يسيء، لكن قدر الإداري ألا تغلبه عاطفة أو يتفوق عنده تنظيم غير رسمي.

** ألف الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد( المجمعة 1944م) عددا من الكتب عن التخطيط التربوي بوصفه عملية اجتماعية، والتعليم العالي والتميز الاجتماعي وأوقات العسر خيارات المخططين، وسواها، وليته - كما غيره من المتنفذين الذين مروا بمواقع حيوية - يكتب سيرته العاصفية بنبضه الهادئ.

** التقاعد غير القعود.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة