Culture Magazine Thursday  04/02/2010 G Issue 297
الثالثة
الخميس 20 ,صفر 1431   العدد  297
 
العوين مهاجماً المشهد الثقافي
السنوات الماضية احتفالات ولوحات صامتة وشطب متعمد لتاريخ أجيال

نشرت الثقافية كثيراً من الرؤى المؤيدة لمنجز الثقافة الإداري خلال السنوات القريبة الماضية ونحسب أن كل القراءات ستفيد المسؤول ولاسيما ما اختلف مع تحليل صحة المسار بعيداً عن الشخصية والشيأنة فنحن في مرحلة تحول ثقافي كبير والحكم التاريخي هو الأصدق وقد يتأخر؛ ما يجعل الجميع ينتظرونة ويرضونة ، بمنأى عن المعوية والضدية العاطفية ، حيث يحظى المشهد الثقافي السعودي وبشكل دائم بالنقد من أجل التعديل أو إضفاء حالة من الحراك الذي من شأنه أن يساهم في تطوير هذا المشهد ونقله نقلة نوعية كمثيلاته من المشاهد الثقافية العربية، ومن أبرز أوجه هذا المشهد الأندية الأدبية كعنصر فاعل في التغيير كما يرى البعض أو كعبء عليه كما يرى آخرون.

الثقافية - عطية الخبراني:

مرحلة الأندية الأدبية في تشكيلها الأخير حفلت بالعديد من التغييرات والاختلافات التي من شأنها أن تصنع فجوة بين المثقف والمؤسسة.

الثقافية التقت الأديب والأكاديمي الدكتور محمد العوين وتبادلت معه الحديث حول هموم الأندية ونقدها المرحلي ودخول الطارئين عليها بعد خروج الأدباء الكبار منها، ثم عرجت على الشأن الثقافي الذي يعد مقبلاً على مرحلة جديدة مع معالي الوزير الجديد.

أسماء طارئة ومناطقية وشللية مقيتة

يقول الدكتور العوين: شهدت الحركة الثقافية في بلادنا خلال السنوات الأربع المنصرمة تغييراً عنيفاً ومتوتراً؛ إن لم يكن انقلاباً محتقناً على العقود الماضية، فتم ابتسار المشهد الثقافي واختصاره في تمثلات عملية محددة هي أشبه ما يكون بالاحتفالات الكرنفالية المزيفة التي يراد منها إثبات الوجود وتأكيد الحضور دون عمق حقيقي أو عمل مؤسساتي يبقى ويثري وينشئ أجيالاً.

إضافة إلى ذلك يرى العوين أنه تم اختصار الحركة الثقافية وضغطها - عمداً - في طيف متشابه من الأسماء الطارئة الغضة التي لازالت تحبو وتجرب، أسماء تناثرت هنا وهناك انتزعتها الإدارة الثقافية الموجهة بقصد وسبق ترصد من أعماق النسيان والتهميش والتجاهل وقذفت بها إلى الواجهة محتلة مكان الصدارة ومتسيدة منابر الرأي والإبداع وممسكة - بفعل الدعم والتأييد والدف والدفع إلى المقدمة - بزمام القيادة الإدارية، وهي لازالت في عمر الحضانة ولم تصدر بعد ما يعلن عنها إبداعاً أو بحثاً، ولم تماحك أو تصاول أو تنافح ليكون لها في الذاكرة الأدبية والفكرية مكان متميز معروف؛ بينما تعمدت الإدارة الثقافية - بقصد وسبق ترصد أيضاً - بفعل الانحياز الفكري إلى اتجاه تحديثي هش جديد حيناً وبفعل المناطقية حيناً آخر، وبفعل المصالح الذاتية حيناً ثالثاً؛ تعمدت إبعاد الرموز الثقافية الأخرى من كل الأطياف ومن كل الأجيال، فلم يعد للمبدع الكبير مكان يستحقه في الأدب، ولم يعد للأستاذ المتميز في البحث العلمي رؤية أو رأي يوجه ويفيد، فقد قفز أو أُقفز إلى الواجهة من لا تاريخ لهم ولا نتاج ولا تتلمذ ولا معاصرة لمخاضات التغيير الفكري أو الأدبي.

نتاج الأندية وتجاهل الكبار

ويضيف العوين: إن السعي الراكض المتوتر المحموم في الفترة السابقة إلى رسم خارطتنا الثقافية على النحو السالف المدفوع بأثرة معينة أو غرض شخصي أو استجابة لمنطلقات فكرية مرتبكة وهشة هي رد فعل أكثر من كونها اختياراً عقلانياً رشيداً، وهي أشبه ما يكون بالانتقام أكثر من كونها هدماً لضعيف سابق أو بناءً لجديد قوي.

مشيراً إلى أنه قد آن الأوان لمراجعة التخبط في العمل الثقافي، والنظر بتأنٍ وموضوعية إلى حصاد السنوات الأربع العجلى المحمومة التي لم تنتج سوى احتفالات كرنفالية ولوحات صامتة تنقل من صالة إلى أخرى، وشطب متعمد لتأريخ أجيال من الريادات في العمل الثقافي وفي الإبداع وإحلال لأسماء لازالت في عمر الطفولة الثقافية وقد أوكل إليها التدبير والتغيير والنطق والتنظير، أتت من مؤخرة الصفوف وحملت على كفوف الراحة إلى المقدمة بتأثير سحري من وباء المناطقية والشللية والصداقات والصلات الذاتية.

ويتابع: كنت أرقب عن قرب شديد هذه الفوضى الضاربة في هذه الأندية؛ من استقالات متتالية لرؤساء أندية أو أعضاء، وتواضع في النتاج المنتظر المرجو، فلا أملك نفسي من العجب والتأمل في إصرار لا مسوغ له على انتهاج خطة إدارية فشلت ولم تنتج سوى هذه الفوضى، فلم تبن مقرات للأندية، ولم تطبع سلاسل منتظمة، ولم تحتفل بمن يليق بنا الاحتفاء بهم، ولم تتوجه إلى إعانة أديب محتاج أو باحث لا يجد ما ينفقه على نتاجه كي يظهره للناس، وما زال صوتناً - عربياً - مغموراً وخافتاً ولا مكان له في الصدارة الثقافية، ولا زالت كتبنا وإبداعاتنا حبيسة مؤلفيها أو مخازن ناشريها في الداخل، لم تصل بصورة جيدة إلى المتلقي في الداخل فضلاً عن أن تصل إلى المتلقي العربي في الخارج، وما زال المثقف السعودي غير نجم في بلاده فكيف بنا نطمح أن يكون نجماً في بلاد غيره؟!.

أسماء صنعت لنفسها حضوراً عربياً

ويؤكد العوين أن الأسماء الأدبية المميزة التي لها حضور عربي لم تكسب هذا الحضور من السنوات الأربع المنصرمة؛ بل من السنوات السابقة التي بذلت فيها هذه الأسماء جهداً شخصياً كبيراً لتعرف بنفسها وليكون لها تأثير في المشهد الثقافي العربي من البحرين مروراً بالأردن وإلى مصر ثم امتداداً إلى تونس والمغرب، فعرفت وطلب الناشرون ما تصدره من كتب نقدية وعلمية وإبداعية، ولو توقف الأمر على جهود الإدارة الثقافية المحلية لما كان لها ولا لنتاجها هذه الحظوة العربية المتميزة.

ويشير العوين في معرض حديثه عن الأندية أنه قد حان الوقت للاعتراف بأن تشكيل الأندية الأدبية على النحو الذي نراه الآن غير مجدٍ، وأن تعمد إبراز طيف أدبي أو فكري واحد هو نوع من الشللية الفكرية المقيتة التي لا تمثل التعدد الثقافي ولا تناغم الأجيال ولا توالي وتراكم الخبرات وتعدد مذاقات الإبداع على مختلف ألوان الطيف، ويرى أنه قد حان الوقت في عهد معالي وزير الثقافة والإعلام الأديب الشاعر الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة أن يكون للأجيال الثقافية على اختلاف مشاربها حضور قوي وواضح في تشكيلة بناء الأندية والمراكز الثقافية المزمع إنشاؤها، وأصبح من لوازم إصلاح الحركة الثقافية التراجع عن أسلوب الإبعاد للأسماء الكبيرة ذات التاريخ والإحلال للأسماء الطارئة على المشهد، وبات من لوازم الإصلاح الإداري لهيكل العمل الثقافي التخلص من هيمنة الشللية والمناطقية والمنافع، ومعالجة الأدواء الأخلاقية المستحكمة في من قد يوكل إليه أمر إدارة الشأن الثقافي؛ من الغيرة من الناجحين والأنانية المفرطة والتحكم الغبي بمفاصل التأثير، وعدم استقطاب المؤثرين والبارزين من المبدعين والباحثين ليكونوا ضمن المنظومة العملية في جهاز الإدارة بدلاً من الاستعانات المؤقتة بهم في المناسبات الطارئة، وما ذكرت آنفاً في واقع الأمر ليس إلا سبباً واحداً من أسباب الفشل الذريع للعمل الثقافي خلال السنوات المنصرمة.

نظرة أمل مع معالي الوزير

ويختتم حديثه للثقافية بقوله: إن طموحنا كبير وكبير جداً في معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز؛ ذلك أنه يشكل فاصلة إبداعية مهمة في المشهد الثقافي السعودي والعربي، وقد جاء بعد مرحلة مضطربة في تأريخنا الثقافي حافلة بالتجريب والتخبط والأخطاء والإقصاء، وجدير به وبنا أن ندخل سوياً إلى طور جديد من أطوار الفعل الثقافي المؤثر المتزن، مبتعدين عن الأسباب المعيقة السالفة الذكر، ومستحضرين ما تحقق من نجاحات محدودة وناظرين بعيون حالمة متفائلة إلى مستقبل أكثر إشراقاً ومحبة وتسامحاً وعدلاً؛ مستقبل ثقافي وإبداعي يعلي من شأن الكلمة الحرة، ويرفع من شأن الفكرة التنويرية النيرة الرائدة، ويرسم لبلادنا الكريمة ما يليق بها وما تستحقه من حضور علمي وإبداعي يتساوق مع منزلتها الرفيعة المؤثرة في المحافل السياسية والاقتصادية.

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة