Culture Magazine Thursday  04/02/2010 G Issue 297
مداخلات
الخميس 20 ,صفر 1431   العدد  297
 
السبيل: مشعل أنوار الثقافة

لقد كان وقع تقاعد الدكتور عبد العزيز السبيل المبكر من وزارة الثقافة والإعلام شديداً على كثير من المعنيين بالثقافة وشؤونها، وبخاصة من عمل معه، أو اتصل به، أو تابع ما يقوم به من أعمال ثقافية، فقد شعر هؤلاء بالخسارة الفادحة التي مُنيت بها الثقافة والفكر والفن في بلادنا.. وقد عملت مع الدكتور السبيل مدة كافية تسمح لي بالإشارة إلى أبرز الصفات التي يتحلى بها هذا الرجل:

- الإنسانية، فتعامله مع كل من يعمل معه.. أو يلتقي به تعامل إنساني راقٍ حتى وإن اختلف معه، وقد ساعده هذا الخلق الفاضل على تحقيق كثير مما يريد، وكان محباً لأعمال الخير ومساعدة من يحتاج إلى مساعدة معنوية أو مادية.

- الوطنية الحقة، فهو لا يكتفي بالدفاع عن وطنه تحدثاً، بل يسعى دوماً إلى الارتقاء به ثقافياً بصفته كياناً موحداً، حتى وإن تطلب ذلك نقد بعض سياساته الثقافية الجامدة.

- الجدية في العمل وحب الصرامة حتى وإن بدا مبتسماً، فهو حازم في غير قسوة، ومرن في غير تراخٍ.. فقد كان يحب العمل في صمت حتى عندما يُنتقد، وكان يتفادى أن يبدو مدافعاً عن نفسه أو أعماله، بل كان يحب أن يكون فاعلاً وحسب.. لذلك لم يشغل نفسه كثيراً بالرد على منتقديه رغم امتلاكه غالباً ردوداً قد تكون مُفحمة في بعض الأحيان.

- وضوح الرؤية والهدف، فهو يمتلك مؤهلات متميزة ساعدته على بلورة رؤية ثقافية واضحة وطموحة تجاه الفعل الثقافي الذي يحتاج إليه الوطن في هذه الحقبة، لذلك سعى بكل ما يملك من جهد إلى تحقيقها.. أو على الأقل تحقيق جزء مهم منها.

- اتخاذ القرار، كان محباً لاستشارة المتخصصين في كثير من القضايا والبرامج الثقافية، ولكنه كان هو الذي يتخذ القرار النهائي متحمّلاً النتائج المترتبة على ذلك بكل شجاعة ومسؤولية.

- الطموح وعلو الهمة، فعلى الرغم من كل ما حققه من إنجازات كثيرة واضحة للعيان في المشهد الثقافي السعودي، فإنه يرى أن ما تحقق كان يسيراً مما كان يسعى إلى تحقيقه، فطموحاته عالية جداً لا حد لها.. ولعل اقتناعه بأن ما تحقق هو أقصى ما يمكن تحقيقه في ظل الظروف الإدارية والاجتماعية الحالية قد كان السبب الرئيس الذي دفعه - في سابقة لافتة - إلى الترجل عن وكالة الوزارة طواعية.. وإفساح المجال لغيره.

وأخيراً، فإني على يقين من أن أبا حسان سيستمر في العطاء والسعي إلى تحقيق بعض طموحاته الكبيرة عبر قنوات أخرى غير وزارة الثقافة والإعلام، فهمّ البناء الثقافي في داخله لن يهدأ، والحاجة إلى رؤاه الثقافية الثاقبة لن تنتهي.

د. صالح بن معيض الغامدي
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة