Culture Magazine Thursday  01/07/2010 G Issue 317
الثالثة
الخميس 19 ,رجب 1431   العدد  317
 
إمضاء
المتعدد

هو من القلائل الذين جمعوا «الرياضة والثقافة»، وقد عشنا زمنًا كان الجهلُ بالكرة معبرا لوسم «مثقف»، مثلما يعني الانشغالُ بالرياضة حاجزًا عن التواصل مع الثقافة، لكنه تجاوز الخصومة المفتعلة بينهما؛ فكان فيهما كاتبا وممارسا، ولم يشغله الحوار المحتدم أن يكون رقمًا هنا ورقمًا هناك.

وعاه جيلُنا أيام صفحة «المِجْرشة» في «الجزيرة» التي كان يحررها مع زميله الأستاذ عبدالرحمن السماري خلال إحدى دورات الخليج لكرة القدم حين شاركت المملكة بمنتخب رمزي معظمه من الفريق الذي لا يشجعانه، وهذه معلومات «ذاكرة» لم تعد عذراء؛ فلا تثريب عليها إن تعثرت ليبقى أننا عرفنا من تلك الصفحة قلمه الحاد الساخر، ومقدرته المهنية التحريرية، ولم يكن صاحبُكم ذا ميول رياضيةٍ حينها لغير ناديي مدينته؛ فأسعفته «المجرشة» أن يمضي في «الاتجاه المعاكس» لها، ويقضي زمنا «أصفر» كالذهب حينا وكالغبار أحيانا.

كذا طبعُ الصبية يخالفون المؤتلف حين تخلو أذهانهم من ميول أو إملاءات، ومنها نوقن بمقدرة الحقيقة على تسويق ذاتها؛ فلا ينفع معها تحشيد ولا ترديد، وشتان بين من تمنهج ومن تأدلج؛ فللأول البقاء وللثاني الأضواء، والضوء يُعشي ويخبو ويتلاشى..

هذا «المِجْرشي» كان مديرا للأندية الأدبية، كما هو شاعر، وكاتب مقاليٌ اجتماعي بامتياز، وصاحب «الشماريخ» و«الوسميات»، وهو نفسه المتخرج في «دار التوحيد» و«شريعة مكة»، والمؤهل بدورات في اللغة الإنجليزية والمهارات الصحفية من الولايات المتحدة وبريطانيا، وصاحب الحضور الشخصي «اللطيف» والحس الوطني العالي.

ربما لن يتذكر «أبو محمد» فضله على صاحبكم حين لقيه في الجزيرة - أول أيام التحاقه بها - وكان يكتب في زاوية «هوامش صحفية» ليقول له بضع كلمات لم تغادره لحظة: «سألت عنك سألت عنك لأقول: إنك الكاتب الذي نبحث عنه»، ولم يفهمها صاحبكم بمعنى «الإطراء» بل بخوف المسؤولية؛ فمَن يقرؤُه ذو مقام ومقال، وهو رقم مهم وقلم لاذع متميز، وويل له إن تنازل عن مكانةٍ أتته دون توقع، ويتمنى ألا يكون قد خيب ظنه بعد ربع قرن من هذه الحكاية.

درسٌ أولُ أتبعه بدرسٍ آخر حين دعاه صاحبكم - مع جمع من الأصدقاء «الجَزَريين» - لسكنه في «معهد الإدارة بالعليا»؛ فجاء -مع العزيز الأستاذ حمد القاضي - على سيارة «ونيت»، أو ما كنا نسميه حينها: «عراوي»، ولديهما الأفخم، وهما الألمعان؛ فأيقن أن التواضع سلوك ثقافة وثقة، ومن يعرف الوسط الإعلامي - حتى تاريخه - يدرك أزمة الصنعة والتصنع.

الأستاذ راشد بن محمد الحمدان (1360 هـ - المجمعة) - الذي ابتدأ كاتبا في مجلة (الرائد) قبل أكثر من نصف قرن - مختفٍ عن الساحة التي كان يوما أحد شهودها، ويبدو أننا مطالبون بالحضور عبر التحضير، أي أن نتسول زاوية في جريدة كي نثبت أننا موجودون، تماما كما تفعل مؤسسة التقاعد بإثبات الحياة، وربما تكون لياقتنا الذهنية أو الصحية قد تأثرت أو تعثرت، وإلا فهل يجوز أن نرى أبا محمد وشيوخ أبي محمد عابري سبيل في كتابات متناثرة، وحقهم أن يُدعوا إلى المناسبات، ويُمنحوا العضويات، وتبادر المؤسسات الثقافية لتقديمهم وسوما وجسوما ورسوما في صدارة مشروعاتها الثقافية؛ فتحتفي بكتاباتهم ومُسَوّدات أعمالهم، وتضع بعض نتاجهم في مقررات الأدب والنصوص، وتهيئ للجيل الجديد معرفة رموزه النائين في عزلة اختيارية أو إجبارية، واسألوا - إن شئتم - عن أستاذي الأجيال عبدالكريم الجهيمان وعبدالله عبدالجبار: أين هما الآن؟

العقوق دَيْن.

Ibrturkia@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة