Culture Magazine Thursday  01/07/2010 G Issue 317
فضاءات
الخميس 19 ,رجب 1431   العدد  317
 
«شكرا أيها الأعداء» للشيخ سلمان العودة وإشكالية «الحرية الفكرية»
سهام القحطاني

إذا كان أستاذنا الغذامي يرى أن مقولة «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» ادِّعاء واهم، فالشيخ سلمان العودة من خلال كتابه «شكرا أيها الأعداء» يدعِّم حقيقة مضمونية تلك المقولة.

يرى الشيخ سلمان العودة أن الأصل في التفاعل الإنساني هو الاختلاف لذلك عدّه «جزءاً من السنة الربانية في الحياة..، وضريبة العمل الجاد المثمر» -شكراً أيها الأعداء 13- كما أن «الاختلاف قدر لا حيلة في دفعه» -20- ونلاحظ أن الشيخ العودة يرسخ سببين لوجود الاختلاف بين البشر؛ الطبيعة السننية للحياة وقيمة المكتسب المبني على القدرة والإنجاز، وهي القيمة التي تُحقق للمرء ميّزة المفاضلة بين الناس.

و»المفاضلة» عند الغذامي هي التي تؤسس مفهوم الآخر بالنسبة للأنا، وهي آلية لاحقة «لشرط الخلق..، لشرط عموم الناس..، لشرط التعارف» -القبيلة والقبائلية، 78- فالمساواة بين البشر على مستوى أن الجميع «أناس» وأن الجميع «من خلق الله» وأن الجميع يقوم نظام «معاشهم على مبدأ أن التعارف» تسبق المفاضلة، والمفاضلة بذلك تصبح قيمة اكتسابية، ولكن كيف تنشأ تلك القيمة وتتكثّف وتتحول إلى نسق عنصري وتمييزي؟.

أظن أن الأمر يعود إلى نوعية وخصوصية الممتَلك، فنحن نصنع عنصريتنا وتمييزنا عن الآخر بناء على نوعية وخصوصية ما نمتلكه، وقد يقول قائل ما قد نمتلكه قد يمتلكه الآخر واشتراك الجميع في طبيعة الممتلكات تسقط وهم المفاضلة وتشكيل الآخر، ولا أحسب أن الأمر يقاس بهذه الطريقة، لأن المفاضلة تتحقق وفق الإضافة المقَدمة لطبيعة الممتلكات والتي تؤدي إلى تغير تلك الممتلكات أو تحسينها أو استثمارها كمنِتج، وهذا ما قصدته بنوعية وخصوصية ما نمتلكه، أو كما يسميها الشيخ العودة العمل الجاد المثمر ويسميها الغذامي ب» قانون عملي أخلاقي يجعل الأفعل هو الأفعل، أي قانون العمل والإنتاجية وارتباط الذات المفردة بسلوكها الذي يصنع قيمة شخصية للفعل والفاعل» -القبيلة والقبائلية 85-.

وبالتالي فإن النظام الاكتسابي لتطور الإنسان يُبنى وفق نظام هرمي؛ من خلال التدرج من العموم إلى الخصوص، ومن التعددية إلى الأحادية، ومن التشارك في الصفات إلى التمييز في الصفات، ومن الاندماج مع الكل إلى الانفصال العنصري. وذلك التدرج هو الذي يُنتج الأنا والآخر ويصنع الاختلاف.

والاختلاف عند الشيخ العودة لا يُبنى على تقاطع قيمة الفكرة أو نوعها، أي أن رأيي هو الحق ورأيك هو الباطل، بل رأيك فيه شيء من الحق، ورأيي فيه شيء من الحق، ومعيار المبنى يفسح مجالاً لتداول الأفكار وبذلك لا تصبح التعددية عند الشيخ العودة مشكلة تحتاج إلى حل لترسيخ الأحادية بل هي «متنفس في أكثر الأحوال؛ لاستيعاب التنوع العقلي والنفسي والاجتماعي والبيئي» -133 شكراً أيها الأعداء- ومعيار المبنى ُيفسح كذلك مجالاً للالتقاء أو التفكير في تحقيق احتمال الالتقاء وهذه المسألة عند الشيخ العودة تنبثق من مفهومي «الأنا والآخر»، يقول فيها «عش، ودع الآخرين ليعيشوا، وامنحهم الحق في ذلك كما منحت نفسك، ولا تعتبر وجودك يقوم على أنقاضهم، ونجاحك على تدميرهم» -212 السابق-.

ونلاحظ من تلك العبارة أن الشيخ العودة يرسم التجربة الإنسانية ضمن تفاعل اجتماعي مشترك ومتوازن بين الأنا والآخر من خلال المساواة في حق الوجود والتعايش، المساواة في حق التفاعل، المساواة في حق الإنجاز، وبذلك فلا تسعى الأنا في تغيّب الآخر لتفعيل حضورها، ولا يسعى الآخر في تغيّب الأنا لتفعيل حضوره، فكلاهما يمثلان في ذاتهما وجوداً وموضوعاً معاً، وبذلك فهو يؤسس لعلاقة تشاركية بين الأنا والآخر على مستوى الوجود والتفاعل والإنجاز، والعلاقة التشاركية تلك هي التي تساوي بين قيمة الحجة لما تملكه الأنا وما يملكه الآخر أو كما يقول العودة إنَّ «معك شيئاً من الحق، ومع خصمك شيء منه» -21-.

والآخر والأنا عند الشيخ العودة يرتبطان بأمرين «الواقع، والتعايش» فالتعايش بين الأنا والآخر لا يتحقق إلا عبر التوصُّل إلى «مستويات أخلاقية في الحوار والاتفاق على أسس العيش والتصالح وتقدير الاختلاف والاعتراف به» - السابق، 242- ومعنى التعايش بين الأنا والآخر «قبول التصالح الدنيوي والوجود والجوار في الاتفاق على جملة من الأخلاق الإنسانية التي تتيح فرصة لتبادل الحوار والإقناع» -243- والتعايش عند العودة لا يعني ذوبان الأنا مع الآخر، ولا يعني كذلك هيمنة الأنا على الآخر، فلكل منهما الحق في التمسك بخصوصيته وتميزه عن الآخر بشرطين «ترك التعصب للرأي والإكراه فيه» -245- والتشارك في عقلانية الحوار.

والأنا تصبح جحيماً للآخر في رأي العودة عندما تجعل من ذاتها «مركزاً للكون، ومستقراً للحقيقة» -27- وأن أفكارها هي «الحق المطلق» -27- و»أن معارضيها هم المعّوق الجوهري للإصلاح» -27- والآخر يصبح جحيماً للأنا عندما يتمثل ما تتمثله الأنا من مركزية وامتلاك للحقيقة والحق، وأن الأنا هي المعوِّق الجوهري للإصلاح.

ومتى ما تمثَّلت الأنا أو الآخر تلك الخصائص تجرد أحدهما من «القيم النبيلة والمبادئ الشريفة في الخصومة» -26- باعتباره مالك للحق وغيره ممثل الباطل، وباعتباره يملك شرعية الصلاح ومشروع الإصلاح وغيره حامل للفساد، ومشاريع الخيانة والعدوان.

كما أن معيار المبنى الذي يؤسس عليه العودة قيمة الاختلاف يلغي أي وهم عند الطرفين بأنه المالك الوحيد للحقيقة، فلا أحد يملك الحقيقة عند العودة ولذلك فلا أحد يملك قرار إغلاق سقف المسائل ووضع نهاية لماهية الأفكار أو نوعها أو خصائصها أو أحكامها وبناء على معيار المبنى «فلا ضير أن تبقى بعض المسائل مفتوحة لأكثر من قول، قلت فيها أنت رأياً وقال غيرك رأياً» -21-.

وبما أن لا أحد لا يملك الحقيقة فالحرية التداولية للمسائل متاحة ومتعددة الأقوال «ولكل قول حجته، وفيها الضعيف والقوي، والراجح والمرجوح، وهي أمور نسبية تختلف من إنسان لآخر..، وسيظل الجدل فيها قائماً ما دام العلم منشوراً» -23-.

وإذا أدرك المرء أن مسائل المعرفة والعلم تُبنى على الاجتهاد المرتبط بتعدد مراتب الأدلة، وأن مقياس القرب والبعد من المؤكد نسبي المعقولية كما هو نسبي على مستوى التوثيقية، وأن الاستدامة الفكرية تلغي توهم المطلق فيما يحتمل التفكيك وإعادة اكتشاف القيمة المعرفية للأشياء، فلا حرج عليه كما يرى العودة أن يصدع برأيه، ولا حرج على أخيه أن يخالفه الرأي و»لا على الناس أن ينقسموا بين هذا وهذا، شريطة ألا يتحول الأمر إلى استقطاب وتحزب وفرق متفرقة، يغير بعضها على بعض، وتتسارع لحشد الأنصار والموافقين، وكأنها أمام معركة الحياة الكبرى، أو مفصل الحق والباطل» -23-.

وبذلك فالشيخ العودة يضع أمامنا منظومتين؛ منظومة معيارية ومنظومة تبريرية لمبنى المعيار، الأولى لكي نفرق بين الاختلاف والخلاف، والثانية للتحذير من تحول الاختلاف إلى خلاف.

ولذلك فهو يرى أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية بأربعة شروط، أولها: إيمان الطرفين بنسبية نتائج المعرفة والعلم وهي نسبية عادة ترتبط بمراتب الأدلة، والاستدامة الفكرية. وثانيها: عدم تثبيت نوعية القيمة لحاصل مسائل المعرفة، فبما أن لا أحد يملك الحقيقة فلا أحد يملك أيضاً تحديد انتماء قيمة الحاصل لتصنيفه على أنه حق أو باطل. وثالثها: إن الاختلاف ممارسة تخلق التشاركية، ولا تؤدي إلى الأحادية والتفرقة والهيمنة. والرابع: إن الاختلاف ممارسة للاكتمال وليس مسوغاً للصراع، وتحقيق ذلك النموذج من الاختلاف الذي يحفظ الود للمختلفين كما يرى العودة أنه يتحقق عبر قانون «التصافي» فقانون التصافي هو الذي يحول الاختلاف من مصدر صراع إلى مصدر استثمار، وهو الذي يسعى إلى جمع القلوب رغم اختلاف العقول، وهو القانون الذي يدفع إلى الاهتمام «بدوائر المتفق عليه، والعناية بالمشتركات الإنسانية» -358- وهو القانون الذي يعلم «الاختلاف الهادئ والاتفاق الأصيل..، الخلق الكريم، والمعرفة الحقة..، والفصل بين حق العلم وبين غرور النفس..، كشف لعيوب الذات، وحفظ مقامات الآخرين وحسن الظن بهم والتسامح» -359-.

ويصبح الاختلاف في الرأي مسوغاً لإفساد الود بعكس الشروط السابقة؛ أي أنَّ إيمان الطرفين بأن كلاً منهما يملك الحقيقة الكاملة ذات الدليل الأوحد وبالتالي يُصنف الحاصل على أساس أنه حق أو باطل، ونتيجة ذلك التصنيف يتحول الاختلاف إلى مسوغ لإنتاج الأحادية والهيمنة والصراع، وهذا الجانب يحدث لأسباب في رأي العودة منها «العصبية العمياء، والادعاء المفرط في الحق، وقلة الخبرة في الحياة، وضعف المعرفة بالسنن الإلهية والنواميس الكونية» -108-.

إن الشيخ سلمان العودة يتعامل مع الاختلاف في الرأي واحترام الرأي الآخر كونهما نشاطاً تواصلياً وفاعليةً اجتماعية، ولذلك يطرح تلك المسألة من خلال جانبين تحليليين، الأول تحليل خصائص الشكلية الفاعلية لتلك المسألة، والثاني الآليات المنسقة بين الأفعال والتي تسعى إلى إيجاد روابط دائمة وثابتة بين التفاعلات المختلفة.

والدعوة إلى الحرية الفكرية عند العودة هي مُقتضى لثلاثة أمور هي: مستجدات التفكير الواقعي، اعتبارات خارج الإطار الإسلامي، واعتبارات داخل الإطار الإسلامي.

والأمر الأول يسعى إلى التكيف مع فروض التفكير الواقعي الذي أصبح يدعو «تكريس دور الفرد وواجبه ومسؤوليته» -85-، من خلال الحوار والتشارك في صناعة القرار الاجتماعي مما يخفف من «الاحتقان والتوتر الناجم عن المصادرة والإلغاء والقضاء على خصوصية الإنسان» -85-، وتنفيذ ذلك الأمر يحتاج إلى توفير «الحرية المعتدلة» -85- التي تمكن الفرد من تنفيذ دوره وتفعيل مسؤوليته.

والأمر الثاني هو «اعتبارات خارج الإطار الإسلامي» ويقصد بها «الانفتاح العالمي والإعلامي والاقتصادي والسياسي» -85-، أو العولمة التي يرى أنه من الممكن الاستفادة منها في ترقية النظام الاقتصادي الإسلامي، وتحسين الرسالة الإعلامية العربية، وتصحيح الأوضاع الاجتماعية العربية والاستفادة من محصلة المؤسسة المدنية، وأنواع الاستفادات تلك من العولمة لن تتحقق في رأيه إلا عبر الاتفاق على ضرورة المشاركة في الخطاب العولمي، والمشاركة في العولمة لا تعني الذوبان والاستسلام؛ بل تعني صناعة المشروع التفاعلي «من خلال أدوات الواقعية المتاحة» -266-.

والأمر الثالث: اعتبارات داخل الإطار الإسلامي يقصد بها «كسر الاعتياد المألوف على أمر واحد..، للرجوع إلى الأمر الأول الذي كان عليه النبي وأصحابه بحيث لا تكون الأطروحات الدعوية مثقلة بأعباء تاريخية، وواقعية..، وبهذا يتم التخفف من ألوان العصبيات العلمية والاجتماعية والحركية لصالح الحرية الشرعية المنضبطة» -86-.

والعودة وفق ما ذهب إليه يسعى إلى تفكيك المنظومة النسقية للمجتمع لإعادة تشكيل الوعي النسقي عبر التركيز على الفاعليتين الإستراتيجية والتواصلية لمعالجة التخلف الواقعي، ويحدد الشيخ العودة طريقتين لمعالجة ذلك التخلف الواقعي، الطريقة الأولى: «الرقي الفردي، والتفوق على الأنا وتجاوز الحظوظ الذاتية» -359-، والطريقة الثانية: «تجاوز الأتباع والمريدين، والمصالح الخاصة لتكوّن تأسيساً حقيقياً لمستوى من التجرد والصدق يسعى إليه الجميع» -359-.

ويمكن القول إن دعوة العودة للتغير والتغيير تقوم على ركيزتين، الركيزة الأولى هي تفكيك المنظومة النسقية الذاتية التكوين ومنها كسر الأصنام التاريخية التي شكلت الرأي الاجتهادي المعاصر وحشره في زاوية عادة المألوف، لتفعيل حرية المساءلة والتفكير والتأمل والبحث والحوار العلمي على اعتبار أن «كلاً يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر»، والركيزة الثانية إعادة إنتاج ذاتية التكون، والأولى تعتمد على مراجعة التراث التاريخي والديني وإعادة صياغته ليتوافق مع المنظومة العولمية على كافة المستويات، والثانية تعتمد على إعادة صياغة الوعي الاجتماعي من خلال منح المتفاعل فرصة اكتشاف معرفة ذات بنية مختلفة بحيث يحقق إمكانية إعادة إنتاج ذاته فيما يتعلق بالأدوار والمسؤوليات وكيفية التعاطي مع مفهومي الحرية واحترام الآخر، بذلك يصبح الوعي فاعلاً مشتركاً للترابط البنيوي بين التكون الذاتي ومجال التواصل الاجتماعي.

وفيما يتعلق بالركيزة الأولى يتناول العودة مصطلحي «المألوف والتقليد» كمؤسسين للمنظومة النسقية للتكوّن الذاتي، والتجديد الفكري يلزم التخلص من قدسية المألوف والتقليدي، وذلك التخلص لا يتحقق في رأيه إلا من خلال أمرين:

أولهما «عدم الركون إلى المألوف» -114-، لكنه يضع حدوداً مأمونة لهذا الركن بحيث لا يدفع إلى الفوضى، ورفع حقوق الحماية عن المألوف، فالمألوف يجب ألا يكون مسوغاً لرفض التجديد وقبول الرأي الآخر، وفي ذات الوقت رفض المألوف يجب ألا يؤدي إلى قبول الأفكار والآراء لمجرد إعلان الثورة على المألوف لا لتحقيق التغير والتغيير والتجديد، ولذلك يعتبر العودة أن رفض المألوف لكونه مألوفاً لا غير، وقبول المألوف لكونه مألوفاً لا غير هو «منبوذاً» -115- وأن على المرء أن يتخلص من سلطة المألوف ليتفادى «حدته سلباً أو إيجاباً» -115-.

وثانيهما: إن تغيير المألوف يحتاج إلى جرأة في العرض وإعادة تدوير وإنتاج ذلك المألوف، ويضع لهذا الأمر أيضاً حداً مأموناً ليحقق هدفه، بحيث لا يتحول تغيير المألوف إلى انقلاب عليه، والشيخ العودة هنا يميل إلى تغيير المألوف وليس الثورة عليه أو الانقلاب عليه، لأن المألوف غالباً يدخل ضمن العادة والعرف الاجتماعيين وليس ضمن قواعد بنية الاعتقاد، وإعادة تدويرهما وإنتاجهما يحتاج إلى تغيير، لكن الانقلاب والثورة عادة يسعيان إلى هدم البنية وبناء أخرى. وبذلك يمكننا القول إن التغيير يتعامل مع تجديد العادة الاجتماعية/المألوف، في حين أن الانقلاب والثورة يسعيان إلى هدم «بنية الاعتقاد» و»خلق بنية اعتقادية جديدة»، وهذه من مهام «الرسائل السماوية».

وتغيير المألوف يحتاج من المصلح الاجتماعي - كما يرى الشيخ العودة - أن يلتزم بخمسة شروط هي: حيوية الفكرة وتأثيرها على المجتمع، وجود إستراتيجية إجرائية، الاستمرار، الصبر والتلطّف مع محيط التجربة، مراعاة المبادئ الأساسية للنقد والمراجعة والحوار.

ويحتاج كل من النقد والمراجعة كإستراتيجية إجرائية لتغيير المألوف عند الشيخ العودة إلى قاعدتين هما:

الأخلاق والمعرفة والعلم، فالنقد والحوار يحتاج إلى توفر العلم والمعرفة، لكن توفر العلم والمعرفة في الحوار والنقد دون مراعاة أنظمة الأخلاق يحوِّل الحوار كما يرى الشيخ العودة «إلى معارك بشرية مفتوحة، تمارس قوى الشر الكامنة في النفس البشرية حركتها الطاغية في هذه المعركة باسم العلم، أو الدين، أو الحقوق» -128-.

والتزام النقد والحوار بأنظمة الأخلاق هو السبيل إلى الخير والعقلانية والتعايش والتصافي لِما تتمتع به الأخلاق - في رأيه - من خصائص وظيفية، منها أن الأخلاق من ثوابت التطور، وأن غيابها بمفهومها الشمولي مرتبط بالتخلف العلمي والمعرفي، وأن الأزمة الحقيقية للعرب هي أزمة أخلاق في المقام الأول أكثر منها أزمة علم ومعرفة، وأن أكبر التحديات التي يواجهها المجتمع العربي هي فقدان الوعي بالقيم الخُلقية، ولذلك يجب أن تُسّخر المشاريع الفكرية الإصلاحية لمعالجة غياب الوعي بالقيم الخُلقية، وأن التخلف الحضاري هو حاصل فقدان الوعي بالنظام الأخلاقي، وأن الأخلاق قبل أن تكون نظاماً اجتماعياً هي قوانين إلهية ويجب أن يتمثل التكافؤ بينهما باعتبار أن «الأخلاق محكومة بنفس طريقة قوانين الحياة الفيزيائية» -129-.

جدة
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة