Culture Magazine Thursday  01/07/2010 G Issue 317
فضاءات
الخميس 19 ,رجب 1431   العدد  317
 
أعراف
الحقيل والحب!!
محمد جبر الحربي

" وأغلقي كلّ بابٍ كنتُ أطرقُه

لولاكِ ما كان بابٌ في حناياكِ "

أما نحن فسنفتح باباً، قلْ نافذةً صغيرة على صاحب هذا البيت، الشاعر الإنسان عبدالمحسن سليمان الحقيل، الذي رغم أنه يقول: " لا أحبك "، وهو عنوان مجموعته الشعرية الأولى القديمة نسبياً 2007، فإن المجموعة في معظم قصائدها لا تتحدث إلا عن الحب، ولا ترسم إلا الحب، وهو حبٌّ نزاريّ في أغلبه، حبٌّ لا يجود بنهايات سعيدة.. حبُّ شاعرٍ تائه بين القرب والبعد، والوصل والفراق، رغم تمرده وتعاليه، لذلك هو يقصد منتهى الحب عندما يقول لا أحبك، ويريد منها أن تعود عندما يطلبها أن لا ترجع. هو حب عذري رومانسي حالم عمقت البيئة من جراحه، ولم تستطع المدينة الحديثة تضميدها.

فنحن نشعر أن الحقيل نزاريُّ الهوى في لغته، ومعالجته للقصائد، وهذا ليس بعيب، فكلنا أغرانا نزار ببساطة لغته وسلاسته، من محمود درويش إلى محدثكم، وكلنا سرَقَنا المتنبي وأثر فينا، أو فعل ذلك أبو تمام أو غيره، لكنه سرعان ما يزول التاثير وتعلو روح الشاعر، ولغته الخاصة، وشخصيته ونبرته المميزة.

ومع ذلك يختلف الحقيل عن نزار في عذريته، وعلاقته المتحفظة بالمرأة.

فهل نضم الحقيل للشعراء العذريين؟!

عمّ يبحث الحقيل وهو الشاعر؟! عمّ يبحث هذا المتردد دوماً، القلق كأنه يحدث نفسه، المأسور بما لا تنبئ عنه القصيدة؟!

قد نقول إنه يبحث عن المرأة/ القصيدة.

المشكلة أن القصيدة تأتي لديه، فيما تغيب المرأة، رغم حضورها في كل زوايا المجموعة!!

فالمرأة تطل علينا هنا من مجموعة قصص لعلاقات حب بريئة، غالباً ما تنتهي بفراق رغم التعلق.. ونحن لا نكاد نجد لها تجسيداً فعلياً، أو حفراً معرفياً، أو حتى توصيفاً جمالياً كما هو لدى أجداده شعراء الجزيرة العربية وأحفادهم.. لا امرؤ القيس، ولا يزيد بن معاوية، ولا حتى نزار.

فعمّ يبحث عبدالمحسن الحقيل؟!

إن كان عن الشعر.. الشعر الحديث، والقصيدة الجديدة المختلفة، تناظرية كانت أم تفعيلية؟!

فهو يسكنه ويعيشه، وهناك من يعيشون الشعر.

وإن كان عن المعنى؟! عن الحب، والبياض، والنقاء؟!

فربما وجدنا الإجابة في آخر قصائد المجوعة، في قصيدة صفحات، إذْ هو يقلب الشوارع، ويبحث في الطريق عن معنى:

" كان هناك وردتان

إحداهما الحياة

أخراهما الحياة

الوردتان تحملان بهجة الحياة

وفيهما الحياة

لا شيء دون الوردتين يقبل البقاء

كلتاهما النقاء

لولاهما.. لا شيء في الطريق.".

وإذا كان هذا ما يبحث عنه شاعرنا الذي هو " على قلقٍ.. "، فقد وصل إليه حقيقة لا شعراً فحسب، فعبر معرفتي به تكشفت لي هذه المعاني النبيلة في شخصيته وحضوره، فهو شاعر محب، ونقي، وصادق.. وله مني مطر الكتابة والبياض.

الرياض mjharbi@hotmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة