Culture Magazine Thursday  31/12/2009 G Issue 292
الثالثة
الخميس 14 ,محرم 1431   العدد  292
إمضاء
الهادئ العميق

 

لا تكاد تراه؛ فهو لا يعلن عن نفسه، ولا يعنيه رسمه، يحضر دون ضجيج، ويغيب دون شكوى، ولا يعنيه من يبحثون عن عناوين عريضة يثيرون عبرها ويستثيرون.

تراثي في دراساته، وحداثي في ممارساته؛ فاستطاع التواؤم مع الذات والمخرجات، وحفظ للشيوخ تأصيلهم، وللشباب تحصيلهم، ورأى المعركة محسومة لتعادل الطرفين بأهداف أتخمت مرمييهما دون أن تعلن فوز أحدهما، وإذ عني بقراءة موقف الصحافة الثقافية من القضية فقد كان راصدا بوعي دون أن يغلبه هوى أو تستفزه هوية.

عايش «الوطن الصحيفة» وعاش في الوطن الانتماء، وكُلف رئيس تحرير بالنيابة عامين ونصفا؛ فلم يقدم شهادة حسن سلوك، وغادر دون أن يزمجر أو يدعي، وترك لمن قال أن يقول؛ فلا شأن له بمرحلة انقضت، مكتفيا بإنصاف التاريخ الثقافي لمن قال عنه المشاغب جدا «محمد الرطيان»: إنه أجمل وأنبل رقيب عرفه، وهو نفسه من أثار قضية مستشفى شهار، أو لنقل: مررها، ومعها مشكلة «البقيع»، «ومعضلة الفساد»، «وملاحظات الاستثمار والمدن الاقتصادية».

لمثله لا نقول: يا عثمان الصيني: «خليك في حالك»، «ومالك ولوجع الرأس»؛ فقد أهمه أن يدخل الميدان نظيفا ويخرج نظيفا؛ ليعاني - بعد ذلك - سطوة الرقيب الذي قدر له أن يصبح مسؤولا عن إضاءة الإشارة لمقالاته، وما أبأس أن ننتكس؛ فيصبح العجز انجازا.

الدكتور عثمان محمود الصيني (1374هـ) طائفي النشأة والولادة والتعليم حتى دار التوحيد، ثم في مكة المكرمة (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه) وعاد أستاذا في كلية المعلمين بالطائف، ورأس قسم اللغة العربية فيها، وعمل في نادي الطائف الأدبي، وله أعمال علمية منها : تحقيق كتاب (اللطائف في قطر الطائف) لابن عراق الكناني، و(فهرس المخطوطات العربية بمكتبة عبدالله بن عباس بالطائف)، و(قصد السبيل فيما باللغة العربية من الدخيل) للمحبي، عدا مقالات صحف ومجلات، وأوراق مؤتمرات ومنتديات.

هذا الطائفي الأكاديمي الباحث الوراق الانسان الجميل لم يتنكر - حين صار رئيسا لتحرير المجلة العربية - لرؤسائها قبله؛ العجلاني والقاضي والسبيل، وابتدأ عمله فيها بدعوة رئيسها العتيد أبي بدر القاضي الذي بادله حبا بحب ووفاء بوفاء؛ فأقام له حفل عشاء ثقافيا متميزا، وهكذا هم الكبار، لا يُصفُّون حسابات بل يتصفون بأحلى السمات، وتذكروا الخلف والسلف في المواقع الاعلامية المختلفة، وارصدوا كم هم العائبون، وكم هم الغائبون، وكيف هي أخلاق المهنة التي يظن النائون عنها أنها مسكونة بالشرف، وقد وهموا؛ فلا مزيد.

عثمان الصيني لا يأبه بالمناصب التي يسوقها إليه الواثقون بقدراته، لكنهم يظلون يتطلعون إلى أن تعتمر الساحة بمثل عقليته وعقاله فليته يتسنم من أجلنا.

القمم لا ترى.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة