Culture Magazine Thursday  30/04/2009 G Issue 281
مسرح
الخميس 5 ,جمادى الاولى 1430   العدد  281
النص المفتوح.. فهد الحارثي
(لك وجه لكل شيء علاقة به!!)
هيثم السيد

 

حين تنفصم شخصيتك بين ما هو ثقافي وإنساني، ويعبث بك قلق الهوية بمنتهى الإخلاص..

عندما تبحث عن ذاتك داخل نص، وتفكر في إعادة تشكيل فهمك للعالم الذي لم يفهمك يوما، يصبح التأمل خيارا استراتيجيا ويكون البحث عن نصوص فهد ردة الحارثي تصرفاً حكيما جداً.

وبناء عليه، فالتصرف الأقل حكمة هو محاولتي اجتراح الكتابة بمعزل عن محبتي لهذا الرجل المكتظ بالفن، رغم اقتناعي أن حالة كهذه تجعل الواقعية ضرباً من الإعجاب، وتكرس الحيادية المنحازة بكامل وعيها نحو مبدع سكن لاوعيها منذ ثقافة ومسرح وأكثر من شعر.

الاسم عالي الإيقاع أعلاه يستحيل تجاهله حينما يستعرض أبو الفنون أبناءه المستظلين بدلوعة الغيم حيث المطر مشهد متعدد التفاصيل البصرية والسمعية والوجدانية، حيث الجمهور - الأرض - الأودية - قصور الذاكرة ورائحة التربة، حيث التصفيق بها قطرات تموسقها أطراف النوافذ وترسمها أصابع الريح على زجاج حلم يدرك كل ما يتمنى، حينما يتخيل ذلك الفن لنفسه منجزاً غير معتاد على خشبة الواقع بإمكانات أقل من معتادة، ويحقق ذلك المنجز لاحقا، تدرك أن لكل أمنية حافزا يمنحها مشروعية الوجود وأن للمسرح بالطائف معنى آخر ينسجه ورد مستبد التأثير ويقطفه فنان متناهي التأثر على نحو فهد!!

إذا حاولنا عبثا أن نمنطق حالة إنسان كهذا فالبديهة نفسها التي تربط بين هدوئه الشخصي والنبرة الفلسفية فيما يكتب، تستطيع بغاية البساطة أن تدرك من خلال نصه المسرحي أنه ليس كاتباً مسرحياً فقط، هو شخص يستمتع ببعثرة التصنيف ومباغتة الذوائق بما تحبه دون أن تضطر إلى تفسيره بالضرورة.

وسواء سكنت (صوته) أو سمعت (وطنه) أو قرأت (سفر هوامشه) أو فكرت في طبيعة جملة على نحو (لك وجه لا علاقة لك به)، فأنت تعلم استحالة الوصول لخط نهاية استيعابك له، والرجل يعلم تماما - كما يبدو لي على الأقل -أن الشيء المختلف الذي يكتبه مرتفع بمقدار هائل عن مستوى سطح الشعر، ولهذا قرر أن يتجاوز ذاته الشاعرة نحو ذاته الكونية التي وثقت بالمسرح كسماء ملائمة لهذا البعد من التعبير عن ذلك العمق من التفكير، لأبقى أهمس لنفسي (كل شاعر يستكثر الشعر على نفسه، بينما فهد الحارثي يستكثر نفسه على الشعر!!) وتبقى نفسي تهمس لي أن (الفن بالفن والبادئ فيه لانهاية له)!!

صعبٌ بما يكفي للصمت أن أقرأ مثله كنص أو أن أقرأ نصه مثله، والأصعب أن أكتب عنه تماما كما يكتبني في نصه، معه فقط أدركت أن الفن ليس ما يخاطب الروح بقدر ما هو ما يجبرها على مخاطبة ذاتها، أن العملية الإبداعية ليست سوى ما تثيره بنا من (حالة قلق)!!

Haitham10_10@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة