Culture Magazine Thursday  30/04/2009 G Issue 281
أفق
الخميس 5 ,جمادى الاولى 1430   العدد  281
مقاربة
جاسم العساكر يصف (شرفة الورد) شعراً:
قصائد الديوان تراوح بين التفعيلة والعمودي
عبدالحفيظ الشمري

 

تتراسل عبارات الشاعر جاسم بن محمد العساكر منذ أن وعى الشعر بشكل عذب وجميل، ليغذ هذا الشاعر الجمالي خطوات إبداعه، وبهاء بوحه نحو قمم الشعر الحالم.. ذلك الذي لا يستكين عند حدود لغة ما، أو هم مجال معين، إنما للشاعر همومه التي يلتقي بها بأهل الأرض قاطبة.

فالشاعر العساكر يؤاخي بين حزنه وحزن من حوله بديوان شعري جديد يسمه بعنوان (شرفة ورد) في محاولة منه أن يعكس ما يجد من شوق عارم للبوح الصادق، إلا أن هذا البوح لم يكن بهذه الوردية أو الجمالية المفرطة في فكرتها، إنما هو محاولة لتلطيف المساحة الشاسعة بينه وبين القارئ، لأن القصائد في الديوان جلها حزين، وفيها من الوجد اللاعج ما تعجز لغة الورد أن تداريه بهذا الغطاء من الكلمات التي تساوقت على نحو شهادات راعفة ومعبرة عن صدق المقولة، وواقعية العرض والتصوير الشعري المتكامل.

الشاعر جاسم عساكر يفاجئنا بالإهداء، فقد كنا نحسبه نسي الحزن لفراق (محمد) شفع الله به، إلا أنه لم ينحن بعد لسطوة النسيان، فالشاعر جميل وببهاء كامل ومميز وفاتن، بحزنه وفرحه معاً.

الديوان (شرفة ورد) مساق إليك أيها القارئ العزيز، فليس أجمل من تهذيب الشاعر حينما يستدرجك إلى عوالم شعر بطريقة مميزة وراقية، على نحو ما فعله العساكر، حيث أقام بينه وبين القارئ جسوراً من الود:

أيها القارئ ما جئت إليك

كي أغني هائماً في لغتي

إنما ذبت هوى بين يديك

كي تراني عارياً في رقتي

فادخرني مثلما شئت لديك

واحفظ العطر الذي في رئتي

فالحنين هو ما يستهله الشاعر في بناء مفردة خطابه الإفصاحي، فهو في كل قصيدة من قصائد ديوانه يلوح وبفخر أنه ما زال على وعد بأن تكون شرف الورد هي ما يشرع بينه وبين الناس من حوله، فلا يملك إزاء فعل كهذا إلا أن ينتظر العودة كما في قصيدة (متى تعودين) أو (أقول.. مساؤك أحلى). وها هو في الشرفة يعدد لاءات الوعد الضائع، لكنه وفي كل محطة من محطات القصيد يضع له منصة جديدة يلقي خطابه الوجداني من خلالها.

ففي قصيدة (شرفة ورد) التي حملت اسم الديوان يتفنن في رسم تفاصيل البوح المتأنق.. ذلك الذي لا يتخلى عن معيارية الجمال وميزان الوجد، وقيم الجمال، فهو في القصيدة حامل لواء البهجة والغبطة والسرور لكن الوجد يأتي على مهل ليعده العساكر بعناية فائقة حينما يتمثل تجربة العلم والتعلم في سني حياته الأولى, إذ نراه في هذه القصيدة يحاول رسم تفاصيل العلاقة من جديد، لكنه لا يخلو من استرجاع أبوي لمشهد الأبناء على مقاعد الدراسة لا سيما حينما يتفوقون، ليتأملوا معاً صور الحقيقة التي رسمها الشاعر بمنتهى الرقة والبساطة، فجاء العنوان حيادياً معداً بعناية وشعرية متقنة الأرجاء، متماسكة المشاهد وكأنه قصة عمر كامل تواردت على هيئة ومضة شعرية رائعة.

في قصائد الديوان نزعة نحو التضمين العفوي لكل صور البهاء الشعري بل نرى أنه قد عني حقيقة باللغة، حتى باتت القصائد محملة على هذا التوارد الحالم، فيما حافظ الشاعر على رسم أفكاره، وإن جاءت وكأنها عفو الخاطر، أو تلقائية الحضور الشعري الذي طبع فيه الديوان منذ بداياته الأولى.

اشتملت قصائد ديوان (شرفة ورد) للعساكر على عشق يصوغ مفردة البحث عن الذات، عشق للورد الذي لا يحيد الشاعر عنه أو يتحول، بل نراه وقد بات لا يشيخ أو يهرم، فالشعر لديه هو الهواء، وهو الغذاء، بل هو الذكريات الجميلة والأليمة معاً، بل هو المعني في المقاربة الوجدانية، الأشياء ومنطلقاتها الحقيقية، وهذا ما برع فيه العساكر ليصوغ من هذه الرسالة الوجدانية باناً جمالياً بمنتهى الرقة والبهاء.

* * *

إشارة:

شرفة ورد (شعر)

جاسم محمد العساكر

نادي الأحساء الأدبي

(ط1) لعام 1430هـ، 2009م

يقع الديوان في نحو (126صفحة) من القطع المتوسط.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة