Culture Magazine Monday  26/01/2009 G Issue 268
فضاءات
الأثنين 29 ,محرم 1430   العدد  268
حكي مكتوب
أدب عربي معقم
زكريا تامر

 

قال لي أديب شاب يعشق الاقتراحات ويتفنن في ابتكارها: سأقترح أن تنظم الجهات الثقافية الرسمية مسابقة كبرى لمدخني النرجيلة تُرصد لها الجوائز المغرية.

قلت: هذا اقتراح جليل قد يكون قادراً على أن ينشّط الأدباء ويحثهم على نفض الغبار عن حناجرهم ورئاتهم، ولكنه قد لا ينجح في الكشف عن المواهب الجديدة الجديرة بالرعاية والتشجيع، ولا يشارك في تطوير الأدب المنشود الذي يتلاءم مع أدب يليق بخير أمة أخرجت للناس.

قال: آمل أن تسكت قليلاً حتى أتمكن من قول ما أردت قوله، فهذا الاقتراح هو مجرد اقتراح أول، ستليه اقتراحات أخرى تكمله، وتعتمد على تنظيم المسابقات المشوقة، المختلفة الأغراض.

قلت: وما هو اقتراحك الثاني؟ أهو بيع الدراجات للأدباء الشيوخ بأسعار رمزية؟

قال: سأقترح الإعلان عن مسابقة ضخمة الجوائز مخصصة لكل من يستطيع أن يكتب طوال أعوام عن فكرة واحدة صغيرة ومن دون أن يتنبه القراء لفعلته الماكرة.

قلت: هذه المسابقة ستساهم في الكشف عن آلاف من الماكرين المجهولين.

قال: أما اقتراحي الثالث، فهو تنظيم مسابقة لمن ينافقون وهم شامخو الأنوف يدّعون أنهم جند الحق وأعداء الباطل.

قلت: هذه مسابقة ستحظى بالرواج والتقدير من قبل الملايين.

قال: اقتراحي الرابع هو مسابقة لغوية للأدباء الذين يتمكنون من الكتابة بأقل الأخطاء اللغوية، والفائز بالجائزة الأولى يظفر بها من يوفق في كتابة ست كلمات ولا يقع إلا في خطأ واحد فقط. أما الركاكة، فيتغاضى عنها بوصفها ملح الكتابة المعاصرة.

قلت: وستعلن نتائج هذه المسابقة، وستسفر عن رسوب المتسابقين أجمعين.

قال: اقتراحي الخامس هو إجراء مسابقة للكتابة السمجة المملة التي تملك القدرة على دفع الناس إلى تمزيق ثيابهم وحفر قبورهم بأسنانهم وأظفارهم.

قلت: هذه مسابقة سيكون لها دورها المرموق في دعم صناعة الثياب المحلية والأكفان، وسيشارك فيها معظم الكتاب نظراً لبراعتهم في هذا النوع الراقي من الكتابة.

قال: اقتراحي السادس هو مسابقة للذين يكتبون في الصحافة الموضوعات المطولة المكتظة بالكلمات المنمقة من غير أن يقولوا شيئاً.

قلت: سيكون كل الفائزين من الكتاب المختصين بالتحليلات الفكرية السياسية.

قال: اقتراحي السابع والأخير هو تنظيم مسابقة لمن يستطيع أن يكتب طوال عمره من غير أن يغضب أحداً.

قلت: سيُعتبر الكثير من الكتاب العرب مشاركين فيها، فكل ما سبق لهم أن كتبوه كان مؤدباً مهذباً، لا يضرّ حاكماً ولا ينفع شعباً.

قال: من المؤكد أن الكتاب العرب بعد إجراء هذه المسابقات سيحتكرون جوائز نوبل طوال قرون.

قلت: وسيحتكرون أيضاً امتلاك رايات الأمية الخفاقة عالياً.

لندن

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة