Culture Magazine Monday  26/01/2009 G Issue 268
فضاءات
الأثنين 29 ,محرم 1430   العدد  268
من الأدب الذاتي الساخر
موسوعة.. ولكن مندسّة؟!
علي محمد العمير

 

لست أدري كيف، ولا متى أكدس بين أكداس الكتب في مكتبتي ذلك الكتاب الذي فوجئت به بينما كنت أتفقد مكتبتي.. فانتزعته انتزاعاً حيث لا يخلو من ضخامة، مع ما لا بد معه من جهد خاص بالنسبة لإنسان أمعن الطعن في السن، وأوهنته أمراض الشيخوخة، وغير الشيخوخة!!

ولشد ما كانت مفاجأتي التي تشبه (المباغتة) حيث قرأت عنواناً ضخماً لا بد له من شد الانتباه، وتحفيزه حيث هو بالنص: (موسوعة مكة الجلال والجمال.. قراءة في الأدب السعودي)!!

وهو -كما ترون- عنوان بالغ الضخامة، والفخامة وقد كتب تحته ما يفيد كونه (الجزء الثاني) من الموسوعة!!

وإذن.. أين بقية الأجزاء؟، وكيف -لا كيف- لم يسبق لي أن رأيت قط هذا الجزء الكريم؟!

وما الذي جعله، أو من هو الذي وضعه بخاصة بين الكتب التي سبقت قراءتها.. ومن ثم لم أره من قبل.. بل لم أره غير الساعة!!

وبعد هذه، وتلك، والمزيد من تساؤلات الدهشة، والاستغراب.. اكتشفت برؤيتي الثاقبة أن هذا الجزء الثاني هو الأخير أيضاً!!

أي أن (الموسوعة) تتكون - على جلالة قدرها، ورفعتها، وسمو مكانتها- من جزءين فحسب، ولكن لا بأس.. ربما كان هذا من قبيل بعض التواضع الذي أدرك أصحاب هذه الموسوعة في الوقت المناسب!!

وكأية موسوعة لم يكن هناك اسم مؤلف على الجزء الثاني حيث تحرر الموسوعات، أو تؤلف من قبل عدد من المحررين، أو المؤلفين.. وكان الأمر كذلك حيث اشترك في التحرير، أو التأليف مجموعة من إخوان سعوديين، وأخوات سعوديات.. تعاونوا.. وتضافروا على إنجاز ما أسموه (محور السرد) وهو هذا الجزء الثاني، والأخير من موسوعتهم..!!

وهي تسمية تدل فيما تدل عليه كون موضوعات الموسوعة تتكون من عدد من المحاور، ودعك من كوني لم أفهم بالطبع أن يخصص الجزء الثاني، الأخير من (الموسوعة) لمحور (السرد) وحده..؟!

وإذن لا شك أن الجزء الأول قد ناء كثيراً بثقل محاور كُثر لست أدري كيف أمكنه تحمّل ذلك بيد أنه لم يندسّ مثل الجزء الثاني من أكداس الكتب في مكتبتي، ومن ثم لا أعرف عنه أدنى شيء، ولا أعرف تبعا لذلك مدى ضخامته، أو مدى كثرة، أو قلة محاوره.. وقد يكون -ربما- لم يصدر بعد!!

لا بأس أيضاً.. يكفي جداً أنني قد عرفت ولو بمحض الصدفة وحدها عن وجود (موسوعة) بكاملها، وأنها تتكون من جزءين، وأنها ذات (محاور) وأن عنوانها هو (موسوعة مكة الجلال والجمال- قراءة في الأدب السعودي) وأن طول عنوانها لا يقلل من قدرها.. بل يزيد.. بل يزيد حتما ما دامت موسوعة جمال، وجلال، وقراءة أيضاً في الأدب السعودي!!

ولكن يا لخيبتي.. أين هو الجزء الأول يا ترى؟! ما زال السؤال قائماً...

قلبت كل شيء في المكتبة رأسا على عقب بحثا عنه دون جدوى.. وليس هناك في أي ركن، أو زاوية من مكتبتي غير هذا الجزء الثاني الذي كنت أحمله بحرص شديد!!

وهكذا أدركت أنني في وضع لا أحسد عليه، وبخاصة من ناحية ما أزعمه لنفسي، ويزعمه لي أيضاً بعض المنافقين لكوني (دودة كتب) لا تكاد تفوتني شاردة، ولا واردة، وبخاصة ما له علاقة بأدبنا، وثقافتنا، وتاريخنا، وشعرنا، ونثرنا وحتى (بعر الكباش) عندنا!!

وإذا أين أنا.. وأين كنت عن مجرد العلم ب(قراءة في الأدب السعودي) أيضاً!!

فها هو جزء ثان من (موسوعة) مكونة من جزءين فحسب، ورغم ذلك فهي (موسوعة) وهي قراءة في الأدب السعودي أيضاً.

ولكن (رب ضارّة نافعة) فبينما كنت أقلّب عن المعنى الدقيق ل(كلمة)، أو (مصطلح) (موسوعة) المعنى الذي يمكن أن يسمح باعتبار جزء ثان من كتاب عاديّ تماماً (موسوعة)!!

وإذن.. فلأرجع إلى أقرب معجم للمصطلحات وهي -بحمد الله- متوفرة في مكتبتي.. فتناولت أول معجم وقع عليه نظري، وإذا هو (المعجم الأدبي) ل(جبور عبدالنور) وإذا هو يقول في مادة (موسوعة) ما نصه بالحرف الواحد:

(موسوعة encyclopedia دائرة المعارف، وهي أصلا كتاب ضخم تعالج فيه موضوعات شتى في الأدب، والفن، والعلم، والتاريخ، والجغرافيا، وسواها من المعارف، والمهارات البشرية، وتتضمن المحصلات التي انتهى إليها رجال الاختصاص في كل باب من الأبواب، حسب أسلوب منهجي).. انتهى.

وإلى هنا حمدت الله وشكرته كثيراً، وهو الذي -عزّ وجلّ- يستحق الحمد، والشكر على كل حال، وليس على عون تحديد معنى (موسوعة) فحسب؟!

وإذن لا يمكن أن يعتبر مجرد كتاب من جزءين (لا يوجد عندي منه غير الثاني) وحتى لو كان يبحث في (قراءة الأدب السعودي) في الجزء الأول المشكوك في وجوده؟!.

ولكن مهماكان شأنه يبقى مجرد جزء من كتاب طبع طباعة على غاية من الرداءة، وعلى أرخص نوع من الورق، وهذا ما تعودنا من بعض دور النشر العربية، وبخاصة تلك القائمة أساساً -في معظمها- على (الاسترزاق) الذي غالباً ما يمسح بمختلف وسائل النص، والاحتيال، والعناوين الفضفاضة أو وما إلى ذلك مما يرتكب من (أموبقات) الزور، والبهتان!!

وعندما أدركت كل ذلك يقينا استغنيت من فوري عن هذا الجزء الموسوعي الثاني غير آسف، ولا نادم!! بل الأسف، والندم على المساحة التي أشغلها طيلة مدة في مكتبي هذا الجزء الثاني، المزعوم.. الهابط؟!

جده

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة