Culture Magazine Monday  23/02/2009 G Issue 272
فضاءات
الأثنين 28 ,صفر 1430   العدد  272
معجم موازين اللغة
نقد آراء العلماء ومجدّدي النحو
صالح اللحيدان

 

كنت قبل الآن أحدث نفسي حديثاً لم أحدثها به قط، وكنت إلى هذا أراجع على وطبٍ مني هل يمكنني أن أشرك المطلع على ذلك الحديث؟ وحين دلفتُ إلى دهاليز النفس أسايرها قنعتُ.. الحق أقول.. أن نبث النوابش فيما حدثته بها إن كان إلى الخير أقرب. وكان إلى النفع أسرع، وإلى التلهف جرياً لا يلوي على شيء.

ولما رأيتُ أنه نافع وطيب وأنه يتلهف إليه أكببت على ناضحات الطرس أكتب عن أشياء لعل (المجامع والهيئات العلمية ووزارات الثقافة والإعلام والنخب المشرفة على ملاحق العلم والنقد ودوريات النشرات) يدركون: كم هي المعضلات اللغوية والنحوية جاثية على غبراء القوم كل يكتب دون روية أو تأن أو شعور بالمسؤولية يكتبون ويؤلفون ونشرات من هنا وهناك دون رقيب أو حسيب يأخذ للغة والنحو والعلم والموهبة يأخذ الحق لها لا عليها لكن وحين عزمت على بوادر الواضحات وعزفت عن السكوت والرائد لا يكذب قومه أجلبُ لمن عنيتهم بالذكر هنا العيوب بعضها.. لا كلها.. حتى يقفوا على: الحق كجبل امرئ القيس يذبل الذي عناه بشد النجوم إليه لا يريم، وأي واضحة أوضح من أسفار مبثوثة من دور النشر ونشرات من مجلات محكمة، وندوات ومحاضرات يندى لها الجبين ولعلها - يقول ابن لحيدان -: شاهدة على تردي مسالك المخارج وسوالك الدواخل من هزات موجعة يئن لها الفطين ويتألم لها الحر الكريم.

وليس في هذا (المعجم) من سبيل غير الشاهد وإنها لبسبيل مقيمٍ وإنها لأياتٍ للمتوسمين، وليس بنافع ابن لحيدان قومه ممن يتصدر ويزعم أنه: يؤصّل ويقعّد ويفتي ويحاضر ما لم يكن هناك رقيب من عازم رشيد والله جلّ وعلا (يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). وإليكم نماذج كقذف دجلة بالزبد والفرات بالعقد حتى تدركوا على غير شيء من نوازع الظنون أقولها.

جاء في بعض (الفتاوى) مما جاء:

(وهذا حديث صريح يبطل القول بهذا وبهذا.. إلخ).

والصواب: (في هذا.. وهذا), وجاء كذلك: (العلوم كله مدونة) والصواب: (العلوم كلها). وجاء أيضاً: (وحديث الجنة تحت أقدام الأمهات من أصح الأحاديث وليش ما يتنبهون إليه).

قلت: (ليته قال: لعله صحيح وإلا فالحديث ضعيف).

وقوله: (وليش.. إلخ.. لغة سليمة لكن يقتضي المقام: (ولماذا.. إلخ).

وجاء: (وورد في الأثر: لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي شفتم هذا؟ شفتم كيف؟

قلت: (ليته نبَّهَ على أن الأثر: ضعيف).

وكذلك: (شفتم هذا..؟!! شفتم كيف؟) وهذا منه تكرار لا يقتضيه المقام وكأنه ينبئ عن: تصحيحه للحديث وهذه طامة).

وورد: (وهو أصح في المسألة التي بين أيدينا الآن أصح القولين لحديث: إذا بلغ الماء قلتين لا ينجسه شيء).

قلت: (أصح القولين كلام مجمل جداً يحتاج إلى بيان تام وأدلة واضحة لأنه كان درساً علمياً عاماً).

و:(حديث: إذا بلغ الماء قلتين.. إلخ) (ضعيف جداً) وإن ذكره كثير من الفقهاء وبعض العلماء في دروسهم).

وفي مقال نقدي له نسقٌ متفاوت الطرح جاء فيه: (وهذا الذي يقوله ليس شعراً لكنه خواطر شعرية فهو يعكس خلفية ضعيفة يقولها مثل هذا ولغياب النقد يظهر مثل هذا بشعره .. إلخ).

قلت: (يلاحظ هنا معضلة قوية فكيف:

1 - أجاز المشرف هذا النقد؟

2- وأين المصحح اللغوي؟

والملاحظات كما يلي:

1 - (لكنَّه خواطر...).

الصواب: (لكنها خواطر..).

2 - (يقولها مثل هذا؟!!).

الصواب: (يقولها هذا الشاعر...) ذلك أن ورود: (مثل هذا...) فيها سخرية مبطنة والمقصود: نقد الشعر لا ذات الشخص.

3 - (يظهر مثل هذا بشعره..)

فانظر (ويزعم أنه ناقد) كيف قال: مثل هذا؟ ومن قبل كان يقول: (خواطر).

وجاء كذلك: (والليبرالية هي العلمانية بصورة الحرية..) فانظر كيف تداخلت عليه (الأيدلوجيات) وأذكر أنني استمعتُ إلى كلمة كان يلقيها أحد الكتبة يلقيها بكل حماس مع انتخاب عبارات مولّدة مثل: (مثاقفة) و(تسييس) و(تأزماتية) و(تحجرية مُقبحة) وفي مُداخلة ماكرة من أحد الحضور سأله قائلاً: (عفواً هل نعرف منكم من هو رائد الليبرالية..؟). وليته ما سأل.. ليته ما سأل.

وجاء كذلك في محاضرة لغوية طنانة بعنوان ضخم جالب لكل أحد لكن ماذا قال؟

مما قاله دله الله وهداه (واللغة تئن تحت معاول أهلها وإن كانت كذلك فسوف تظهر وتتسود).

قلت: انظر كيف فتح همزة: (أن)؟ مع أن حقها الكسر: (إنَّ) لأن الواو هنا استئنافية وليست عاطفة، وكذلك: (تتسود) والصحيح: (تسود).

وورد: (وأبو علي الكسائي.. إلخ..).

مع كثرة نظري وطول اطلاعي على مشارب اللغة والنحو وعلماء هذين العلمين لم أقف على أحد كنيته: (أبو علي الكسائي). لكن أبا الحسن الكسائي، ومن العجيب أنني لم أسمع من: داخله.. أو صحح خطأه.

وجاء هناك (وليس تعقبي لهم نقداً لكنه تجديد في مسار النحو في صورة إجمالية حديثة لعلي أبيّن في هذا ما لم يتضح لهم).

قلت ودائماً أقول: النقد موهبة وحتى اليوم لا يوجد ناقد، بل دارس للأعمال العلمية أو اللغوية أو النحوية أو الأدبية.

فصاحبنا يقول: (وليس تعقبي لهم نقداً).

ثم هو يقول بكل جرأة: (لعلي أبيّن في هذا ما لم يتضح لهم..).

أتدرون ماذا يقصد؟ يقصد: الكسائي والمبرد وثعلب وابن جني (وحماد ابن سلمة) الإمام المحدث اللغوي شيخ سيبويه.

فهو يذكر أنه لا يتعقبهم نقداً.. ثم هو يريد التجديد في صورة لم تتضح لهم ماذا أسمي هذا؟!!

ماذا تسمونه؟!!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة