Culture Magazine Monday  23/02/2009 G Issue 272
أفق
الأثنين 28 ,صفر 1430   العدد  272
قصص قصيرة جداً
حسين الجفال

 

اختناق

عادا من المستشفى العين، عينه تكاد لا تبصر سوى عيني أمه، بعد أن أخرج الكرسي من السيارة حاولت جاهدة أن تقف على قدميها، لم تستطع!، حملها كما يحمل ابنته الصغرى وهو يسمع تمتماتها: يا رب رحمتك، يا رب لا (تطولها)، رحمتك يا رب.

وهي تأخذ مكانها للسير لمحت الدم الذي صبغ ثوب ابنها!، وثبت من مكانها صارخة: ماذا أصابك؟، أطبقت عليه كما لم تفعل من قبل، تكرر سؤالها وهو يختنق، يسترجع كلمات الطبيب: عندما تهبك السائل الأحمر، فاستعد لقراءة الفاتحة.

قوس قزح

كنت في الخامسة عشرة أول ما وطئت أرض مصر، عيني تنتقل في كل الجهات، أبحث عن سعاد حسني وشمس البارودي، يدق قلبي بقوة كلما تساءلت: ماذا أفعل لو وقف عبد الحليم أمامي؟

تنتهي إجازة اثر أخرى، غاب حليم وسعاد، كبرت أنا وتغيرت أحلامي، حتى شمس لم تعد تعنيني، الوحيد الذي تبقى أغنيات حليم وقلبي الذي ما زال يركض.

طيور طائرة

(مساؤك سكر، طاف طيفك فأحببت السلام، أتمنى أن تكون بخير ومن تحب).

هكذا دائماً تأتي رسائلها قصيرة ومفعمة، تبث بي الحياة على الرغم من الغربة الطويلة، وأنا كقميص منذور للوقت ألبس كل الرسائل وتلبسي، السنين المرة باتت على قسمات وجهي تجعلني بحالة لا يحب أحد أن يعيشها، أفرح بأي خبر يعبر كل هذه المسافة وأعانق حبيبتي ووطني، وأنشد كما عاشق أضناه الفراق: يا طيور الطايرة مري أبهلي، يا شمسنا الدايرة شوفي هلي، والقلب جاوين أضمة؟ يا طيور الطائرة، ويا هوى أيلمني وألمه؟ يا شمسنا الدايرة.

عيني يحرقها نزيف الدمع، صعب أن تفارق وطنا وحبيبة، الأدهى والأمر أن تشهد اغتصابهما معا وأنت بعيد، آه يا وطني، كيف استطاع أبو رغال والتتار الجدد أن يخنقوك وأنت عنقاء الزمن الآتي!؟ أقف الآن متسمراً أمام قبرك يا حبيبتي والوطن براية الله أكبر يتجمل واللغة كما كانت عربية صرفة لا عجمية فيها.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة