Culture Magazine Thursday  16/04/2009 G Issue 279
مسرح
الخميس 20 ,ربيع الثاني 1430   العدد  279
صديقي الكلمنجي
نايف معيض البقمي

 

التقيت أثناء إقامة مهرجان الجنادرية الأخير بأحد الأصدقاء المسرحيين الذي غاب عني وغبت عنه فترةً زمنية ليست بالقصيرة، وأخذنا الحديث إلى المسرح وهمومه وتطلعاتنا تجاهه، ولكني تفاجأت بصديقي.. الذي بدا لي مختلفاً في لغة حواره واختلاف مفردات اللغة لديه، فصديقي الذي أعرفه لا يتقن حتى التحدث بالعربية.. ولم أستطع أن أتجاذب أطراف الحديث معه.

ففي بداية اللقاء قال لي (بونجور)، والحمد لله أني التقيت قبلها بأحد الأصدقاء من المغرب العربي الذين يتداولون الفرنسية باستمرار، وعرفت منه أنها تعني صباح الخير، وفي أثناء حوارنا خرجت منه جملة أخرى (توماتش) فاعتقدت أنه يقصد برنامج المسابقات الشهير (تلي ماتش) إلا أني اكتشفت فيما بعد أن لها معنى بعيداً كل البُعد عن الرياضة والرياضيات.

ثم عرج بنا إلى الخليج فاستخدم عدة عبارات مثل (وايد) و(شوبلاك) و(يا معود) و(سير غادي)، ولم يكتف بهذا القدر من الكلمات للهجات المختلفة بل حدود مفرداته تجاوزتها إلى (بص يا صاحبي) و(توحشتك برشا) و(مزيان بالزاف)، ومن نعمة الله عليّ أنه لم يتمكن من إتقان اللغة اليابانية وإلا لأصبحت في مأزق البحث عن قواميسها.

طوال هذا اللقاء وأنا أسأل نفسي من أين أتى بهذا الكم من اللهجات؟.. هل حصل على ميراث مكنه من السفر لجميع هذه البلدان.. أم أن صاحبنا قد سولت له نفسه فحصل على المال بطرق ملتوية.. ولكني استبعد هذا الاحتمال بتقديم الظن الحسن.

عندها أصبح هناك صراع داخلي وفضول لمعرفة حل وفك شفرة هذا اللغز المحير.. فقررت أن أسأله عن سر هذه المفردات الجديدة علي.

فكانت الإجابة بابتسامة عريضة منه تقول (اكتسبت كل ذلك بسبب المشاركات الخارجية التي نقدم من خلالها عروضاً مسرحية باسم المملكة العربية السعودية، ولكثرة تجوال فرقتنا اكتسبت ثقافات جديدة ومتعددة)، فما كان مني إلا أن ابتسمت وقلت في نفسي (يا بخت من كان المدير خاله) ثم ودعني قائلاًَ (شكراً) والراء هنا مرققة مشددة.

وبعدها بفترة قصيرة توجهت إلى منطقة عسير التي يقطنها كمّ هائلٌ من المثقفين المنسيين، والتقيت بصديق مسرحي له باع طويل في عالم المسرح فاستقبلني بكل حفاوة بجملة ترحيبية شعبية (مرحباً مليون)، عندها تيقنت أن صديقي لم يتجاوز حدود جبال السودة.

(وجهة نظر محب لا تفسد للمسرح قضية)

Nif_123@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة