Culture Magazine Monday  25/02/2008 G Issue 235
نصوص
الأثنين 18 ,صفر 1429   العدد  235
 
مطالعات : عبدالحفيظ الشمري
فوزية الحربي في عمل قصصي جديد:
قصص (ليتني ما تلوثت بك) بيان أنثوي ضد المعاناة

 

 

القاصة فوزية الشدادي الحربي تطل على مشهدنا الثقافي بعمل قصصي متميز يعد باكورة إنتاجها المطبوع.. فقد وسمت القاصة مجموعتها الجديدة بعنوان أنثوي صدامي (ليتني ما تلوثت بك)، فالقصص تنهل من معين هذه النظرة الحادة التي تجعل من الرجل عنصر جدل دائم، تقيم فيه القاصة (فوزية) الحجة على مثبطاتها الأنثوية؛ رغبة في البحث عن مخرج مناسب يقيل عثار العلاقة المتوترة بين شخوص قصصها داخل المجموعة وإن جاء هذا الاستدعاء المركب على هيئة (التمني) بليتني الحادة في إيمائها إلى جملة من المثبطات لدى شخوص كثيرين في عملها.

في قصة (أجنحة حرة) تتويج فعلي لهذا الاستدعاء الفاجع للمرأة التي ابتليت برجل على نحو (نايف)، حيث تتوارد الأحداث بشكل متقن يعكس قدرة القاصة فوزية على كتابة ما تريده بوضوح كامل، وبلغة متزنة لا يطغى كل عنصر على آخر.. فها هي تورد عدة مشاهد إنسانية قد تكون مكررة في السياق العام إلا أنها لدى القاصة قد تحولت إلى شيء جديد يعيد مفاتن سيرة العشاق، وفضاءات شجنهم المليء بالتناقضات العاطفية على نحو النهايات المتوقعة لتجربة البطل (نايف) وزوجته، وصديقته الغربية ووالده الذي رسم تفاصيل حياة شقية لوحيده المحطم.

في قصص فوزية الحربي إيغال في قضايا المجتمع لا سيما ما له طابع أنثوي، حيث نراها وقد عنيت بهموم المرأة المهزومة، والمسحوقة، والمرأة التي لا تجد للحب مقابلاً حقيقياً في ظل هذه الماديات التي تسلط عليها سهام نقدها الحاد بغية الانتصار على الضعف والهم والحزن ومثبطات أخرى.

كما اتسمت القصص في نظرة دقيقة إلى كل ما يشغل المرأة بوصفها كائناً يشعر بالحيف وفقدان المنصف لا سيما ما له علاقة بجوانب العلاقة العاطفية التي تبدو متوترة دائماً منذ القصة الأولى مروراً بقصة (عندما كبرت) وانتهاء بقصة (ليتني ما تلوثت بك) التي حملت اسم المجموعة وما تلا هذه القصة من إضاءات تصب في خانة الرفض لكل أنواع الظلم.. فقصة (عندما كبرت) صورة تراجيدية لفقد الحياة الهانئة، بل إن الصورة تتجذر بشكل واضح في القصة التالية (ليتني ما تلوثت بك) حينما تضعنا القاصة فوزية على شفير هاوية اللاحب، لترسم لنا مقدار فقد الأنثى لحياة زوجية مناسبة، ليحل مكانها هذا المسخ المشوه لروابط زوجية غير متكافئة ففتاة صغيرة - كما تشير القاصة - تساق إلى حتفها الحياتي.. نحو شيخ هرم يقال عنه ادعاء أنه ذو خبرة ومران!!

لغة القص في مجموعة فوزية الحربي رشيقة وطيعة.. بل تضوع فتنة وجمالاً.. فإن لم تدهشك الفكرة ستقع لا محالة بلغة سرد راق يستميل القارئ ويستدرجه نحو مضان المتعة والذائقة التي تستبطن صور الجمال.. أضف إلى هذا وذاك فإن القاصة تعمد إلى تسجيل موقفها الأنثوي بشكل واضح لا لبس فيه، فهو وقف لا تخرج عن المألوف، إنما هو شهادة اجتماعية صادقة على أن (هنا) ما ينقص المرأة، ويسهم في إيذائها وإقصائها وتهميش دورها حتى من أبسط معاني الحياة.

تبدو المعالجات في قصص (فوزية) جريئة ومرتبطة بأمور عقلية تستطيع تحليلها، لكنها لا تلغي العاطفة الجياشة لتقول في قصة (طارق الليل): أنا هنا، وعواطفي بكامل اشتعالها.. بل ستغني عن ألف مدفئة في الشتاء.

كما أن قصة (طارق الليل) تمثل نموذجاً متكاملاً لمشروع الكاتبة في قضايا المرأة، حيث سعت من خلال فضاءات هذا النص إلى تكوين (رؤية - نموذج) لما آلت إليه الحياة الاجتماعية التي تناهض أي طرح أنثوي حتى وإن كان إيجابياً لمجرد الرفض المنسق مع رؤية صادمة عن ما قد تؤول إليه أي قصة طرفها امرأة.

تتسم القصص في هذه المجموعة بالقصر غير المخل حيث تكثف الكاتبة دلالات السرد ليشمل أبعاد إنسانية أخرى يدخل في تركيبها الأب والأم والأخوة في الأسرة، بل وتتجه صوب المجتمع مع خلال هذه الشبكة الهائلة من العلاقات الاجتماعية المتداخلة، إلا أنها ورغم هذا التشابك لا تفتأ أن تؤكد بأن الحياة ممكنة، والأمل لابد له أن ينتصر على اليأس.. وهذا ما أرادت أن تقوله فوزية الحربي بكل اقتدار في هذا العمل القصصي الشيق.

****

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

****

إشارة:

- ليتني ما تلوثت بك (قصص).

- فوزية الشدادي الحربي.

- دار الكنوز الأدبية - بيروت - 2007م.

- تقع المجموعة في نحو (120 صفحة) من القطع المتوسط.

- تعد هذه المجموعة العمل الأول للقاصة فوزية الحربي.

- نشر جل هذه النصوص في الصحف السعودية والعربية.

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة