Culture Magazine Monday  25/02/2008 G Issue 235
أوراق
الأثنين 18 ,صفر 1429   العدد  235
 
حينما تصبح الآخر..
سارة الزنيدي

 

 

قرأت في مجلة (ما) قصة مضحكة، وهي أنه (كان هناك زوجان متزوجان، لهما أكثر من ستين عاماً، كانا خلالها يتصارحان حول كل شيء، ويسعدان بقضاء كل الوقت في الكلام أو خدمة أحدهما الآخر، ولم تكن بينهما أسرار، ولكن الزوجة العجوز كانت تحتفظ بصندوق في أحد الأرفف، وحذرت زوجها مراراً من فتحه أو سؤالها عن محتواه، ولأن الزوج كان يحترم رغبات زوجته فإنه لم يأبه بأمر الصندوق ..!!

إلى أن كان يوم أنهك فيه المرض الزوجة، وقال الطبيب إن أيامها باتت معدودة، وبدأ الزوج الحزين يتأهب لمرحلة الترمل، ويضع حاجيات زوجته في حقائب ليحتفظ بها كذكريات، ثم وقعت عينه على الصندوق حينها ابتسمت في حنو وقالت له: لا بأس بإمكانك فتح الصندوق الآن. فتح الرجل الصندوق ووجد بداخله دميتين من القماش وإبر النسج المعروفة ب(الكروشيه)..!!

وتحت كل ذلك مبلغ 25 ألف دولار..!

سألها عن تلك الأشياء جميعها..؟؟؟!

فقالت العجوز هامسة: عندما تزوجتك أبلغتني جدتي أن سر الزواج الناجح والتأقلم الناجح بالحياة جميعها هو في تفادي الجدل والغضب والكلام غير المجدي، ونصحتني بأنه كلما غضبت منك، أكتم غضبي وأقوم بصنع دمية من القماش مستخدمة الإبر..!

هنا كاد الرجل يشرق بدموعه..

وقال لزوجته تكتمه البحة الممزوجة بالإحساس بدنو الفراق: (دميتان فقط؟!!!)، يعني لم تغضبي مني طوال ال 60 عاماً غير مرتين فقط ؟!

ثم سألها: حسناً، عرفنا سر الدميتين، ولكن ماذا عن الـ25 ألف دولار؟

أجابته زوجته: هذا هو المبلغ الذي جمعته من بيع الدمى!!!!!!).

لعلّ القصة هنا كانت مؤثرة حدّ الضحك!

ولكن في خضم حياتنا العملية المنهكة التي تصب في قنواتنا العقلية والجسدية تتركز جميع المصطلحات الدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتصبح ركائز في علاقتنا مع بعض..

تتمحور هذه العلاقة ما بين (الربغماتية إلى الوجودية).

ثم تطغى باقي الطبقات جميعها من برجوازية إلى طوباوية..!!

هذه هي العلاقة الارتباطية الحقة ما بين الأزواج فالأبناء!

ثم نعتقد بعد ذلك بأننا خلقنا من أجل بعض، وبأن كل واحد هو جزء مكمل للآخر، وخلق في هذه الحياة من أجل نظرية التكامل فقط ؟؟!

وأن يصبح البطل الحقيقي والشخص (الخارق) القادر على المساعدة فقط..

ويمده بالقوة والشجاعة والطاقة ومواجهة مصاعب الحياة.

كتب (جورج كارلن) في مقطع جميل (لو كان صحيحاً أننا هنا كي نساعد الآخرين فلماذا الآخرون هنا)..؟!!

ربما الآخرون وجدوا كي يرموا الحجارة في طريقنا..

أو ربما وجدوا كي يزيلوا تلك الحجارة..!

الآخر يبني الجسر والآخر هو نفسه يهدم الجسر؟!

لعلهم يهدمون أسوار الجوع الذي أوجده من كانوا يمدونهم بالحياة..!

هي نظرية الآخر..

لم تكن مجرد لعبة أو دمية أو بعض النقود زائد عِشرة زوجية، بل هي أشد تعقيداً من ذلك بكثير، حيث الزوايا المظلمة المختفية خلف (الآخر)..!!

ولكن ولكي نحافظ على وجودنا هنا وعلى ثقة المجتمع بنفسه لا بد أن ندعي بأننا لا نفهم جميع الأحداث التي نحن بالفعل نعرفها جيداً كي نظل أشخاصاً محبوبين وأكثر قبولاً من غيرنا!

ولأن المجتمع ليس خاسراً سيصعب علينا القتال معه..!

ولتتذكر دائماً «أنت تبدأ في إنقاذ العالم بإنقاذك لكل شخص على حدة، أي شيء آخر ما هو إلا رومانسية متكلفة أو سياسية»... (شارلز بوكوفسكي).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة