Culture Magazine Monday  23/06/2008 G Issue 253
تشكيل
الأثنين 19 ,جمادى الثانية 1429   العدد  253
 

وميض
الفن الرقمي
عبد الرحمن السليمان

 

 

تواجَه التجارب الجديدة بكثير من الغرابة بسبب عدم مألوفيتها خاصة من قِبل بعض البعيدين عن متابعة ما يستجد في الساحة التشكيلية عامة، حتى هذه التسمية وأعني (التشكيل) تتخذ انحسارا في بعض الأوساط لسبب الانفتاح على مفاهيم مستحدثة في الفن ناحية التقنيات والأفكار، فنجد كلمات جديدة مثل البصرية والمرئية، كما ظهرت من قبل أعمال النحت الحركي الذي تبنى أولى الخطوات، ولم تعد اللوحة في بعض المناسبات حتى العربية، ومثالها بينالي الشارقة، بذلك البريق الذي كانت عليه في السابق، وهو اهتمام لم يزل في بعض البلدان أو عند بعض الفنانين والمتابعين. بينالي الشارقة على سبيل المثال تحول إلى النقيض من بداياته؛ ففي أعوامه الأخيرة تحوّل إلى الأعمال المفاهيمية الجديدة أكثر من غيره، بل إنه يعيش حالة من كسب مستجدات الاتجاهات والأفكار الأحدث في الفن، وبالتالي كان الفنانون الأقدم يشاركون بمحدودية في لقاءاته المنبرية فقط.

في المملكة نلمس شيئاً من السعي لمواكبة هذا الجديد، ولكن على استحياء وخارج إطار المعارض المحلية، ولعلنا هنا نقارب الاهتمامات المسرحية التجريبية التي عاشتها الساحة على مستوى التمثيل الخارجي، وكانت تلك العروض المسرحية تتنافس للخارج وليس للداخل، وهي في الواقع لم تجد الإقبال الذي وجدته الأعمال الرمزية أو التي تتناول أفكاراً مفهومة، وبالتالي تناقص جمهور المسرح هنا وفي أكثر من منطقة. في إطار الفن التشكيلي لا أعتقد أننا سنواجه بمثل ردة الفعل تلك؛ لأن الجمهور المسرحي أعرض، وأتذكر كثيراً من العروض التي كانت تغص فيها قاعات العرض بالجمهور.

الأعمال الفنية التشكيلية الجديدة قد تُتابع، ولكن ليس بنفس القبول الذي نتمناه أو نتوقعه، ومن هنا تكون محاولات البعض للخارج أكثر من الداخل؛ ففنان مثل بكر شيخون تقدم بأكثر من عمل حديث وجديد لبينالي الشارقة مثلاً، وتم قبوله وعرضه، وبالمثل فنانون آخرون كنايل ملا في القاهرة، وعندما عرض زمان محمد جاسم أحد أعماله المتجهة للمفاهيمية لم يجد هذا العمل - وهو الوحيد للفنان في هذا الاتجاه - القبول، واكتفى به في معرض كان مثاره في القطيف.

الفنانة منال الرويشد اتجهت في معرضها الشخصي الذي أقامته في معهد المهارات بالرياض إلى شكل من المعالجات الفنية الحاسوبية، ولم تكن هذه الفنانة الطموحة تسعى إلا لمشاهَدة جديدة تتبناها تعبيراً عن فكرة سمتها (بلا موعد). وبعيداً عن التسمية ذاتها أو تحرك الفنانة في إطار ما، فإن الأعمال المتنوعة ضمن سياقاتها الصيغية تعرّف بمنحى أو اهتمام مغاير عما ألفناه أو تعرفنا عليه من أعمال تصويرية، وهي بالتالي حاولت تقديم أفكارها بصيغتها غير المألوفة للتعبير عن سعيها الضمني لأفكار فنية قد تكون أكثر انحيازا للمعطيات الحديثة أو للتسمي بها أكثر من التلوينات التي قد لا تمنحها نفس النتيجة، ولربما تساعدها على التعبير عن أفكارها وفق تغيير الخامة التي أجد انعكاساً أو تأثيراً لها في بعض الأعمال.

الإشكالات التي قد تواجه الفنانة أو الفنان في معالجات اللوحة الزيتية أو الملونة عامة قد تنعكس على هذا الجديد؛ فالمحاولة أو السعي لتحقيق الفكرة لم تكن بعيدة عن تلك المخزونات السابقة أو المعارف التي اكتسبتها الفنانة خلال ممارساتها التلوينية؛ فهي تحاول أن تجد ظلالاً وأبعاداً وأشكالاً مألوفة وتكوينات ليست بعيدة عن اللوحة التصويرية، ومع الاختلافات التي قد نمنحها للتسمية أو للتمييز فإن العمل الفني هنا لم يزل خاضعاً للمعارف الأقدم، وبالتالي فإن الاكتشافات التي يمكن أن تقدمها الفنانة فيما بعد تحتاج إلى معاينة متأنية، وهنا قد يكون الوصول إلى تلك النتيجة هو الأصعب إذا ما افترضنا محدودية التجربة (الرقمية) على مستوى الداخل، فهناك محاولات قدمت على استحياء لم تعرف إلا في مناسبات بسيطة وبعيدة إلى حد ما عن جمهور الفن والفنانين، هي تجارب لم تزل في بداياتها وتحتاج إلى كثير من المواصلة التي تكفل تحقيق الفكرة والإمساك بالتقنية وتجذيره.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الدمام aalsoliman@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة