Culture Magazine Monday  20/10/2008 G Issue 257
تشكيل
الأثنين 21 ,شوال 1429   العدد  257
 
الحرف غيمة
الواو
مها السنان

 

 

(الواو) أو باختصار (و)، لمن لا يعرفه هو مختصر لكلمة الواسطة، ويعني إعطاء من لا يستحق مكانة المُستحق نظرا لقرابة أو معرفة دون مراعاة للمؤهلات الأخرى، وهو داء فتاك أصاب العديد في مجالات شتى وصلت للفن التشكيلي عبر عدة منافذ منها العرض والاقتناء والفوز في المسابقات.. إلخ، وسوف أحكي اليوم دور هذا الداء وأثره السلبي أو ربما الإيجابي في المجال التشكيلي.

من المعلوم أن جودة التعليم والعمل ترتبط بجودة وفعالية أداء العاملين، لذا تسعى الجامعات أو الجهات التعليمية في العالم أجمع إلى استقطاب أفضل خريجيها للعمل واستكمال الدراسات العليا، أما هنا فهناك عامل آخر يتدخل في هذا الخيار ألا وهو الـ(و) والذي أثَّر على مستقبل فتاة كان من الممكن أن يكون لها دور فاعل في الجامعة أو الجهة التي تستقطبها، هذه الفتاة حباها الله الذكاء والمهارة والموهبة واختارت الفن التشكيلي كمجال لها مع أنه كان بإمكانها اختيار أي مجال آخر نظرا لنبوغها المبكر وحصولها على نسبة عالية جدا وقت تخرجها من الثانوية العامة!

انخرطت صديقتنا في قسم التربية الفنية، وأيضا تميزت وحصلت على المراتب الأولى حتى تخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف! وفي هذه الحال المعلوم أن الخريجة تتأهل تلقائيا لوظيفة المعيدة تأهبا للدراسات العليا، ولكن نظرا لانتشار ما يسمى بداء الـ(و)، عملت متعاونة والتحقت ببرنامج الماجستير دون أن تكون (معيدة) وأيضا حصلت على الدرجة وبامتياز وتميز خلال فترة دراستها، وبعدها توقعت أن تحظى بفرصة في الوظيفة الجامعية لتأهيلها لإكمال الدكتوراه، خصوصا وأنها خلال تلك الفترة كان لها نتاج فكري وفني متميز! كتميز رحلتها العلمية، ولكن حين قدمت على وظيفة محاضر قوبلت أيضا بالرد وبسبب داء الـ(و).

والجانب الخاسر في هذه القضية ليست تلك الفتاة، بل الجهة التي لم تعينها، حيث إن عدم التعيين دعاها إلى التركيز على عمل آخر غير مسار التعليم ألا وهو ممارسة الفنون، وبالطبع العرض والمشاركة في المسابقات والمعارض المحلية والدولية، وفي فترة وجيزة أصبحت تتأهل للحصول على المراكز الأولى في المسابقات، كما زاد الطلب على أعمالها الفنية، بل إن طلبات الاقتناء من المتذوقين والمستثمرين فاقت معدل إنتاجها المعتاد، وهو ما جعلها تعيد التفكير في مستقبلها والكف عن البحث عن العمل الثابت في جهة تعليمية، وبالتأكيد الطرف المستفيد من هذا هو المجتمع التشكيلي من خلال إنتاجها الإبداعي الذي تفرغت له.

ولكن ربما تكون هي أيضا مستفيدة من حيث التميز وأيضا الفائدة المادية التي لا يمكن أن نتغاضى عنها، ولمن لا يعلم فإن المتميز في المجال التشكيلي يجني غير الشهرة دخلا أفضل بكثير من دخل الوظيفة الحكومية وبالتأكيد الوظيفة في القطاع الخاص (في السعودية على أقل تقدير)، والخاسر في النهاية هي تلك الجهات التي فتك بها مرض الـ(و).

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «7816» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض msenan@yahoo.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة