Culture Magazine Monday  19/05/2008 G Issue 248
مسرح
الأثنين 14 ,جمادى الاولى 1429   العدد  248
 

جماليات الديكور في الاستوديو السعودي
عبدالله السمطي

 

 

تمثل الصورة فضاء جمالياً جوهرياً في آليات البث التليفزيوني، وهي بعناصرها اللونية والحركية والصوتية، ومؤثراتها البصرية تشكل الهاجس الكبير في عملية الإنتاج البرامجي، وفي أساسيات الإخراج التليفزيوني، وهي القيمة الجمالية البارزة التي تشكل أحد المعايير في تقييم مستويات جودة هذا البرنامج أو ذاك، وبسبب من هذه القيمة تم إيلاء الصورة قسطا كبيرا في تقديم البرامج المتنوعة، وأصبح الديكور الذي يشتمل عليه الاستوديو التليفزيوني المكون الأبرز في عملية إنتاج الصورة، باعتباره يمثل فن ملء الفراغ والمساحات المعروضة على الشاشة التليفزيونية.

وتنقسم الصورة التليفزيونية إلى قسمين أساسيين:

- الأول: الصورة المتحركة.

- الثاني: الصورة الثابتة.

فالصورة المتحركة هي التي تعتمد على جملة من المشاهد المتغيرة، تنقلها الكاميرا بشكل زمني متسارع متتال ضمن سياق موضوع محدد، بمعنى أن يكون هناك ثمة من رابط دلالي تنتظم فيه هذه المشاهد المتتالية.

أما الصورة الثانية فهي التي تعتمد مشهدا واحدا يظل ثابتا طوال فترة بث البرنامج، وربما تقطعه بعض المشاهد المباشرة، أو المسجلة.. وإلى هذا النمط الثاني من الصورة ينتمي الاستوديو التليفزيوني.

ويرتكز الاستوديو على عدة مكونات أساسية من وجهة ديكورية، تتمثل في:

- المساحة المكانية، من حيث تحديد الأبعاد والزوايا، وتحدد هذه المساحة مدى العمق، والبعد الثالث الداخلي للصورة.

- المؤثرات البصرية، وتوزيع الأشياء، والموتيفات البصرية على أركان وجهات الاستوديو المختلفة.

- العناصر اللونية، ورمزيتها الجمالية والفنية.

- العناصر الصوتية، والخلفيات الصوتية من موسيقى أو أصوات متنوعة.

- أدوات الجلوس التي يستخدمها مقدمو البرامج، أو الأدوات المساعدة على الوقوف إذا كان الاستوديو يتطلب من مقدمي البرامج تقديم البرامج من الوضع واقفا أو متحركا.

وتقوم الكاميرا في ذلك كله، بالتنقل بين أجزاء الاستوديو، أو بالتركيز على جوانب محددة فيه، عبر تقريب المشهد بشكل مباشر أو بشكل متدرج .

إن الاستوديو التليفزيوني Television Studio عبارة عن قاعة جدرانها وأرضيتها عازلة للصوت، تدعمها عدة قاعات وغرف أخرى وتجهيزات تتعلق بتسجيل أو نقل الصوت والصورة لأي موضوع على أرض الاستديو. وتتفاوت أحجام ومساحات الاستديوهات حسب الغرض منها والتقنية المستخدمة فيها. تؤثر نوعية وحجم الاستديو على خبرة وعدد عناصر الفريق العامل لتشغيله. وهذه المواصفات لابد من وجودها سواء كان استديو يعتمد الآليات القديمة أو الأجهزة الرقمية الحديثة.

ويعتمد فن الديكور أو تنسيق وتزين الفراغات (Decoration)على تجميل وتنسيق الفراغات المختلفة كالحجرات والمكاتب الإدارية وغيرها باستخدام العديد من الخامات لتحقيق أفضل استفادة لمفردات هذا الفراغ وتوظيفها بشكل جمالي يلائم المستخدم. وفي الاستوديو التليفزيزني يجب علينا القيام بجهد مضاعف لتحقيق أفضل الوسائل الديكورية لتقديم صورة تليفزيونية متميزة، ومؤثرة على مستوى الأدوات المستخدمة في الديكور، وعلى مستوى الألوان، والأبعاد، والمساحات، والوسائل المساعدة في عرض البرامج كالشاشات الخلفية ووسائل الإيضاح.

البرامجي والديكوري:

يقدم التليفزيون السعودي عبر قنواته الأربع: القناة الأولى، والثانية، والإخبارية، والرياضية مجموعة من البرامج المتنوعة، منها برامج علمية وثقافية، وبرامج طبية، وإخبارية، ورياضية، وبرامج عامة، وبرامج دينية، وبرامج منوعات، ومن هنا فإن أنواع الاستوديوهات تختلف باختلاف البرامج المعروضة، فهناك الاستوديو العام، واستوديو الأخبار، واستوديو الدراما، والاستعراضات، والاستوديو الرقمي، والاستوديو الافتراضي، كما أن هناك تجهيزات للصورة، والصوت، وتجهيزات داعمة لوجستية من إكسسوارات، وماكياج، وملابس وأزياء، وكل هذا يندرج في إطار الاستوديو التليفزيوني، بيد أن المشهد الديكوري يظل هو الأبرز هنا، بين هذه العناصر.

ومن ضمن البرامج التي يبثها التليفزيون السعودي عبر قناته الثانية، برنامج GOOD MORNING KSA وهو برنامج يبث في العاشرة صباحا، ويتكون ديكور استوديو البرنامج من دائرة حمراء على شكل قطعة خشبية تتخذ شكل المربع المشطوف من الجهة الأمامية المواجهة مباشرة للكاميرا، ووضع على الدائرة الحمراء كرسيان لكل مذيعة، ويجلس المذيع الثالث في طرف مجاور على طاولة خاصة به، ويوجد ديكور على شكل مطبخ جانبي خلفي، وفي الخلفية شاشة كبيرة، تتوسط الاستوديو ويتم فيها عرض بعض المشاهد التصويرية واللوحات المتكررة المصحوبة بعبارة اسم البرنامج. أما الألوان المستخدمة فلم تكن ألوانا صباحية، كانت ألوانا حمراء، وصفراء فاقعة، ربما أراد المخرج أن تكون هي ألوان إشراقة الشمس، لكن ليس بهذه الحدة اللونية التي يظهر بها البرنامج، كما أنه لا توجد حركة لمقدمي البرنامج الثلاثة، حيث يقدم البرنامج من الوضع جالسا، وهنا لا توجد استفادة حقيقية من الديكور، ومن أبعاد الاستوديو الرحبة.

وفي برنامج : (طب الأعشاب) الذي يذاع في السادسة والنصف مساء كل جمعة على قناة الإخبارية، ويقدمه عثمان الغامدي، ومن إخراج: ياسر الزهراني، فإن اللون المستخدم في الديكور هو اللون الأخضر، ويحدد درجات هذا اللون الذي يشعر بالراحة، كمية وتوزيع الضوء الساقطة عليه من حركة الإضاءة، وفي الخلفية رسم صغير لجسم الإنسان، وثلاثة براويز خلفية مكتوب عليها: (طب الأعشاب) وقد تم تصميم البراويز بشكل هندسي لا يحمل تلقائية الطبيعة، أو ورق الأعشاب، لكن اللون الأخضر جاء دالا على عنوان البرنامج، كما توجد شاشة كبيرة تستظل بطاولة مستطيلة يجلس عليها المذيع والضيف وجها لوجه، لكن الطاولة المستطيلة كبيرة المساحة على شخصين فقط، وكان يمكن أن يستعاض عنها بطاولة صغيرة، كما أن هذه الخلفية الهندسية كان يمكن أن توضع بدلا منها صور أو رسومات لأوراق متعددة لأشجار متنوعة.

الاستوديو الافتراضي:

قدمت القناة الرياضية في أحد برامجها ما يسمى بالاستوديو الافتراضي

(Vertual Studio). وهو استوديو صغير نسبيا، إلا أن إمكاناته غير محدودة وأهم ما فيه أنه ليس بحاجة إلى أية ديكورات أو إكسسوارات، إذ أن اعتماده على خاصية إحلال الألوان في التصوير. والألوان المعتمده هي الأزرق والأصفر و الأحمر والأخضر.

البرنامج بعنوان: (ألعاب مختلفة) ويحتوي الاستوديو على طاولة زجاجية صغيرة يجلس مقدم البرنامج في منتصفها وعلى يمينه ويساره يجلس الضيفان، وخلفية الاستوديو حمراء، ومساحة الاستوديو صغيرة جدا، ولا توجد أية رسومات أو صور أو إشارات رياضية. وهنا يصبح التركيز أكثر على حركة الإضاءة، وحركة الكاميرا إذ لا يوجد أي نوع من أنواع الديكور سوى اللون وحده.

وفي برنامج: (الحصاد الثقافي) الذي يقدمه جبريل أبو دية وبنان البيك، ومن إخراج محمد الرمادي نجد أن الاستوديو جاء ملاما لطبيعة البرنامج الثقافية، فعلى اليمين واليسار نموذج دولاب مكتبي عبارة عن أرفف مكتبية، بالإضافة إلى كنبة خضراء مشجرة بمربعات وأسهم صغيرة، ومن حولها كرسيان من اللون نفسه، وبجوار هذا الأنتريه المكون من ثلاث قطع وضعت أباجورة صغيرة، فيما كتبت عبارة (الحصاد الثقافي) على مساحة كبيرة متدرجة لونيا ما بين الأخضر والأبيض، وتتوسط الاستوديو طاولة زجاجية صغيرة.

هكذا فإن استوديو هذا البرنامج كان مكتملا في عناصره من حيث المساحة، وتوزيع مكان جلوس مقدمي البرنامج، والضيف، كما أن شاشة العرض المصاحبة تحقق نوعا من الفضاء التصويري الذي يتم فيه عرض بعض اللوحات أو الصور المصاحبة للبرنامج.

وفي بعض البرامج الدينية يتحول الديكور إلى مشهد إسلامي موروث، حيث تتحدد خلفية الصورة هنا في الاستوديو إلى توظيف فن الأرابيسك، حيث التداخل بين القطع الخشبية المنتظمة بشكل هارموني متناسق يتوزع بين الأبعاد الرأسية والأفقية، والنجوم ذات الثمانية أضلاع، والتداخل بين المربعات الصغيرة والكبيرة وبين المستطيلات، وهذا الشكل الأرابيسكي يعطي انطباعا أوليا بالطابع العربي الإسلامي وبالمضامين الدينية التي يقدمها البرنامج.

أخيرا فإنه يجب التفريق بين أنواع البرامج المختلفة، وما ينقص الاستوديو السعودي هو الاهتمام أكثر بالمساحة، والأبعاد، وتعدد الألوان، ووضع اللوحات الملائمة وإضفاء مضمون البرنامج على الأدوات المستخدمة في تكوين الاستوديو.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة