Culture Magazine Monday  10/11/2008 G Issue 260
فضاءات
الأثنين 12 ,ذو القعدة 1429   العدد  260
 

معجم موازين اللغة
الميناء المعطل!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

كان يوم مغبراً والشمس تتعامد في كبد السماء وهي تكاد أن تختفي! وعامر نهض من نومه مختلط المزاج فقال: تسألني يا صاحبي عن السفر والضوء وحكايات المساء، وأنا الآن مشغول بالعصافير واحتفالات المواسم تفزعني انباء الزنابق الطازجة تحت أمطار اللهب فلا تمر لحظة إلا ويتكسر في قلبي الزجاج ويتطاير غبار الصحراء في حلقي!

لا بأس أحاول أن تذكر سافرت للمرة الأولى، وفي دمي رائحة الخوف وأعاصير الشباب يومها.

حذروني من المدن المراوغة وطيور الليل وعلموني كيف أبدأ الحديث عن الجو وفظاعة الشرق والإفلات من تفاصيل الأشياء الخطرة! ودخلت الدراسة وأغلقت أبوابي وبدأت أحدث الكتب حتى عرفت أسرار الناس وبدأت لعبة الحياة شرعت نوافذي للطيور الأليفة والأسماك الملونة والهواء والشمس المحرقة.

كان المساء يرتعش تحت خيوط المطر، وحين كشفت غطاء السرير فوجئت بطائري الجميل يتغلغل في طوايا الدفء، والبراءة أخذته بين كفي فسرى نبضه الحار في جسدي وتسلق على أصابعي كالحرير.. ومنذ تلك اللحظة اكتشفت سر احتفاء هذه المدينة والطيور الصغيرة إنها العزاء الوحيد في عالم يطارد السراب!

وعلى غير انتظار.. زارني صديقي في وقت كنت فيه قد فقدت طائري الجميل لمح على وجهي آثار الوجد والكآبة قلت له: كان لدي طائر وديع يؤنسني في هذه الغربة الموحشة.. وقد فقدته وربما إلى الأبد!

ضحك صديقي من سذاجتي قائلاً: ماذا؟! كل هذا الحزن من أجل طائر؟.. كان صديقي على حق؟! فهو لم يجرب الحياة مع طائر أليف في بلاد غريبة كل ما فيها يعض ويخدش حتى النزيف! ولم يعرف أن الطائر هو المدينة التي في نفسي تعيش دوماً وهو الأهل الذين فقدوا في الميناء المعطل على ضفاف البحر. إنها مجرد حومة فكر وحلم عابر!!

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة