Culture Magazine Monday  09/06/2008 G Issue 251
فضاءات
الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1429   العدد  251
 

التماس الفني بين الرواية والسيرة الذاتية«3»
ما يشبه السيرة ظاهراً ويختلف عنها باطناً
د. سلطان سعد القحطاني

 

 

لقد وقع الكثير من مترجمي السيرة في أخطاء كثيرة، فاعتبروا المذكرات اليومية سيرة، وهي في مصطلحها واضحة المعالم في الدراسات الغربية المتقدمة على الدراسات العربية في هذا المجال (Memories) وتعني المذكرات الرسمية في الغالب الأعم، هذا من جانب، ومن جانب آخر لم يتوصلوا إلى أن المذكرات نفسها تنقسم إلى أقسام حسب الوظيفة التي تتحدث عنها، فمذكرات الدبلوماسي تختلف عن مذكرات الأديب، ومذكرات المسؤول الإداري تختلف عن الأديب، واعتمد أكثرهم على الترجمات المنقولة عن المعاجم التي تورد الكلمة مجردة، والكلمة المجردة لا تعطي المعنى حقه، بقدر ما تشير إليه إشارة تحتمل أكثر من معنى، لا يحددها إلا السياق المعرفي، فالسيرة النفسية لا تعطي في سياقها أكثر من زمن الطفولة وبداية الشباب، ولذلك لا تكوِّن سيرة ذاتية، بل تندمج فيها؛ والمذكرات -عادة- يكتبها صاحبها من باب الضرورة الوظيفية، خوفاً من خداع الذاكرة عندما يحتاج لموقف من المواقف، وليكون صادقاً في حديثه للآخرين في وقت حاجته، وما ينطبق عليها ينطبق على اليوميات، وهي أقرب ما تكون إلى أدب الرحلات والمشاهدات العادية أو الغريبة على المشاهد للوهلة الأولى؛ وهذا هو الفرق بينها وبين الذكريا(Recollection) التي يكتبها صاحبها في وقت من أوقات تأملاته فيما يتذكره من الماضي، مع وجود المذكرات الشخصية في داخل الذكريات، كما يذكر بعض كتابها دور المذكرات اليومية في حفظ ما كاد أن يضيع من جراء ضعف الذاكرة (7) وهذه الأخطاء التي يقع فيها الباحثون ثم ينقلها من يأتي بعدهم ناتجة عن النقل المباشر من المعاجم التي لم تورد الكلمة في سياقها الأدبي، كما ذكر من قبل ونستطيع بعد الآن أن نضع بعض النقاط التي توجد في الرواية كعناصر مهمة، والتي لا توجد في السيرة، ولا ما شابهها، سواء كان الزمن منقطعاً بين السيرة والمذكرات والذكريات أو متصلاً في السيرة؛ فزمن المذكرات والذكريات واليوميات زمن منقطع محدد بوقت معين في المذكرات واليوميات، ومتقطع في أوقات ومتصل في أخرى في الذكريات؛ ولذلك فالذكريات أقرب إلى السيرة من أي فن سردي آخر، وتأتي بعدها القصة الطويلة المحكية المتضمنة لأحداث تاريخية أو بطولات خارقة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة