Culture Magazine Monday  07/01/2008 G Issue 228
نصوص
الأثنين 29 ,ذو الحجة 1428   العدد  228
 
زياد السالم في بوح شعري منثور:
ديوان (المضاف إلى نفسه) رسالة لضمير هالك
عبدالحفيظ الشمري

 

 

زياد عبدالكريم السالم (شاعر يتكئ على السرد).. هذا ما تشي به مقدمة ديوانه الجديد (المضاف إلى نفسه) التي كتبها الشاعر عبدالله السفر، فهو ووفق هذه الإضاءة يزاوج بين تجربتين هما الشعر والسرد، باعتبارهما حالتين من حالات دهشته وألمه الذي يمور كمرجل على وشك الطيش المدمر.. فهو الذي يكشف لنا في جل أعماله مأساة موت العلاقة الإنسانية وأخطارها المحدقة فينا.

زياد السالم في ديوانه الجديد يعدد مواطن الألم، ويصف بتجرد وأمانة سحن خيباتنا، وتمايزات لواعجنا التي باتت تصعب على الجماد.. ففي الإهداء مصافحة أليمة أولى لما تسير إليه فعاليات الشعر في هذا الديوان، وتلي الإهداء مقدمة السفر المنوهة بدفء عن الشاعر وقصائده.

في القصيدة الفاتحة (حقول الفلين) رحلة أثيرة تتداخل فيها صور السرد، مع حاشية الشعر لتجسد ملهاة واقعها أثير، وفضاؤها شائك، فلا الشعر بقادر على التحليق أكثر من مداه الذي يرسمه الواقع، ولا الخيال بقادر حتى على تجاوز فضاءات أرحب، وحدها المناحة هي من تتلبى هذه الملهاة الملمة بكل تفاصيل الضحك من مآسينا المتفاقمة يوما بعد آخر.

في (حقول الفلين) نزهة أليمة، يكتشف فيها القارئ فواجع الأمة التي ينتمي إليها الشاعر زياد السالم حيث لا ينسلخ المبدع عادة كزياد عن أحزان أهله وأحبته.. فكلما أنت أراملنا والثاكلات لأهلهن تحت سياط الألم بكى زيادا حرقة شعرية هائلة.. بعكس من يلوك علكته على مرأى ومسمع من أحزان ذوي القربى، فالسالم هو من يعلم هؤلاء أن الجرح مقسم علينا، لكن هناك من يشعر خطلاً أنه غير معني بالحزن، ففي ذروة أحزان البسطاء وجئيرهم تحت سياط الجلاد يفتش عن ألعابه، ويداعب دلافينه الناعمة ويتنزه معها، غير عابئ بكل ما يحاك حوله وحولنا.. حتى أنه يصور نعيق غربان البنتاجون وكأنها شقشقة عصفور يكتب على أنغامها فصل روايته الأخير.

هاكم زياد السالم جرح نازف، وقصيدة تبين حجم المجزرة الموعودون فيها قريبا إن قتل الضمير، وانتهكت حرمات الكرامة:

(أيها المتصدع في الصلصال

على مرمى حجر من الفاكهة المحرمة..

إلى أين تسري بأهلك؟!)

(الديوان 17)

فالشاعر هنا يدرك حجم ما يعتلج في صدورنا إلا أنه يحاول جاهدا أن لا يكون أشد خذلانا في هذا الواقع، فهو الذي يشي بقرب نهاية لا يعلم فحواها، ولا يدرك حجم فواجعها الهائلة.

في القصيدة التي حملت اسم الديوان (المضاف إلى نفسه) رؤية أخرى أشد ألما، وأقسى حزنا من مثيلاتها من القصائد السابقة واللاحقة، لنرى الشاعر وقد برع في تصوير هذه المشاهد الأليمة، فالحزن كما أسلفنا هو قماشة العمل التي يطرز عليها الشاعر السالم رؤاه، ولواعجه الشعرية المتواصلة.

قصائد الديوان الأولى جاءت أكثر حضورا، وكثافة إذ تمتعت هذه القصائد بفيض وجداني هائل، فيما جاءت النصوص الأخرى مقتضبة بغير إخلال، إنما هطلت هذه الانثيالات بصور متوامضة تعكس رغبة الشاعر السالم في رسم تفاصيل جملة من المكابدات على نحو قصائد: (الأخير، الحارس، عرائس البحر، خلف الجبل، إذا الحبلة ضاقت)؛ فيما جاءت باقي القصائد في الديوان محافظة على التوسط والاقتضاب الذي يرى فيه الشاعر بعدا جماليا وتأثيريا شيقا.

***

إشارة:

* المضاف إلى نفسه (ديوان)

* زياد عبدالكريم السالم

* دار أزمنة - عمان - 2007م

* يقع الديوان في نحو (78 صفحة) من القطع المتوسط

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة