Culture Magazine Monday  03/03/2008 G Issue 236
عدد خاص
الأثنين 25 ,صفر 1429   العدد  236
 

إعداد: عبدالكريم العفنان

المترجمون:

عن الروسية: د.ممتاز الشيخ

عن الفرنسية: أ.غازي أبو عقل

د. جمال شحيد

عن الإنكليزية: أ. ثائر ديب

1

** بين (ساحة الشهداء) و(مبنى النهار)

نمدَّ الحزن إلى الحزن

نقرأ فواتح الحكايات

تنأى الخاتمة

نسير في الليل بلا سارية

نحلم في اليقظة

فنحبس الأنفاس

ونحسب الخطى

ويسكننا جلال المكان

وهيبة الإنسان..

2

**من هنا إلى هنا

كتب الأمس

وبينهما ...>>>...

لا أحد واجه في حياته ما ساءه وأسعده معاً كما واجه العَلَم والمُعَلّم الأبرز في لبنان الأستاذ غسان التويني، ولا غيره - على حد علمي - تصدى للمحن والشدائد بإرادة لا تعرف المهادنة أو اللين كما فعل (أبو جبران) على مدى سنوات طويلة من عمره المديد، وليس هناك من أحد يستطيع أن يدعي أو يزعم أنه أعطى لبلده وتفاعل مع ضميره كما فعل غسان تويني في كل المحطات التي توقف فيها شامخاً وقوياً وصلباً ليحاور بعقل ...>>>...

أقبلْتُ على قراءة غسّان تويني في (النهار) في مطالع الستينات من القرن الماضي، وما تركْتُ هذه العادة (الحميدة) حتّى اليوم.

لكنْ ومنذ أواخر السبعينات من القرن الماضي أيضاً، بدأت كتب غسّان تويني تتوالى وتتعدد، بين مقالاتٍ مجموعة، ومؤلَّفاتٍ بشأن قضايا وطنية معينة اهتمَّ بها ولها، وأُخرى توثيقية لناحيةٍ من نواحي الحياة الوطنية والقومية والبيئات العالمية.

وهكذا، ومنذ مطالع الثمانينات من القرن ...>>>...

من الصعوبة بمكان أن تقرأ غسان تويني عندما يكتب فاتحة الأشياء: صباحات الوطن نبض ترابه، مدائح أشجاره، وبحره وبرّه. والأصعب أن تقرأ عندما يكتب حركة الناس وأوجاعهم وآمالهم وآلامهم، وعندما يكتب التاريخ على مساحة الجغرافيا، والمكان على وقع الزمان.. والأكثر صعوبة أن تقرأ غسان تويني وهو يحفر بقلمه شهادات حول المرحلة وأشخاصها، وهو يطرح أسئلة واضحة ويرفض الأجوبة المراوغة. والأشد صعوبة أن تكتب غسان ...>>>...

غسان تويني، شخصية ذات أبعاد تتعدى هويته اللبنانية إلى آفاق أرحب كثيراً، أعرفه منذ زمن طويل في هذه الأبعاد التي تكاملت لتنتج صحفياً من طراز عال، ودبلوماسي من طراز رفيع، غسان ينتمي إلى طينة من الرجال يقل عددهم في عالمنا العربي. رجل التزم في مهنته بحرية الكلمة والرأي، الكلمة المسؤولة والرأي الشجاع، ومثقف نقدي ورجل سياسة محاور ورصين لبنانيته تنضح دائماً عبر هويته العربية المنفتحة والمراجعة ...>>>...

يسعدني المساهمة في الكتابة عن علم كبير من أعلام الصحافة العربية، وأعبر عن فائق تقديري لمبادرة صحيفة (الجزيرة) بإصدار عدد خاص عن الأستاذ غسان تويني الذي لم يكن مميزاً في عمله الصحفي فقط، إنما أيضاً، في عمله الدبلوماسي في الدفاع عن قضية بلده لبنان وعن القضية الفلسطينية، في مرحلة كانت غاية في الصعوبة والتعقيد. إن ما اتسم به الأستاذ غسان تويني من اتزان وحكمة وتمسك بالمبادئ، كما هي حال صحيفة ...>>>...

يُشكل هذا الحفل لحظة مهمة عندي. إنه مناسبة لتكريم رجل وإنساني بالمعنى الفكري وكاتب وصحافي لم يتأخر عن الإسهام باقتناع وحماسة في نقاشات زماننا. إنه لبناني عظيم وإنسان عظيم ثقافياً.

عزيزي غسان تويني، ستسمح لي أن أنقلَ عنكَ فوراً، لأنك شهادة في الالتزام بخدمة الصالح العام وفي ضرورة خدمة الوطن بلا هوادة. لقد خاطبتَ صديقك الصحافي اللبناني الفرنسي العظيم سمير قصير، الذي اغتيل في الثاني من ...>>>...

غسان تويني كبير من لبنان، عايش مختلف العهود وواكب تاريخه الحديث نائباً ووزيراً ودبلوماسياً وصحافياً. حمل مشعل جريدة (النهار) اللبنانية التي تبقى عنواناً للصحافة الحرة التي تميز بها النظام الديمقراطي في لبنان.

في بعض المراحل كان مقرباً من كمال جنبلاط وفي مراحل أخرى كان بعيداً عنه، ولكن في كلا الحالتين بقي الاحترام المتبادل موجوداً. وبقي الخلاف السياسي في إطاره الديمقراطي الطبيعي، بل إن هذا ...>>>...

الحديث عن غسان تويني، الكاتب، الصحفي، الدبلوماسي، السياسي، رجل الدولة اللبناني، المفكر العربي الكبير، يعد مهمة صعبة أو مغامرة أكاديمية لا أستطيع القيام بها لهذه الأسباب سوف أكتفي باستدعاء بعض الذكريات المشتركة التي توجت صداقة نصف قرن من الزمان.

الذكرى الأولى

عرفت غسان تويني في بيته الجميل في جبل لبنان ربما عام 1958 أو 1959، والذي عرفني به هو بشارة تقلا مالك جريدة (الأهرام) اليومية ...>>>...

كلّما ذُكِرَ هذا الشيخ الثّمانينيّ الجليل الأستاذ غسان تويني - أمدّ الله في عمره- تعلو بنا الآفاق نحو الحكمة التي ننشُد، وما أحوجنا الى أنوار الحكمة وعقلانيّتها، فتزداد الآفاق رحابةً، وتشعُّ بنورٍ لا يخبو وهجه، تنجلي بهِ أجمل معاني شرف الكلمة، وأسمى دلالات النُّبل في المواقف، وأبلغ صور تقديس الحرّيّة.

تلك الحكمة التي جُبِلَت بكفاحٍ طويل في غير ميدان من ميادين الوطنيّة والعروبة: الصحافة ...>>>...

لعالم الأستاذ الكبير غسان تويني مداخلُ رحبةٌ كثيرة، من الدبلوماسية إلى السياسة إلى الفكر والأدب والشعر والثقافة الشاملة، تؤدي كلها إلى جوهر واحد يكدّس فيه كل معارفه واطلاعاته وخبرته وهو جوهر غسان تويني (الإنسان والصحافي) بامتياز الذي عشق الصحافة حتى الذوبان فذاب في جريدة (النهار) وذابت به فأتمنها على أفكاره وكل ما يختزنه وجعلها ساحة نضاله وفرحه وحزنه وفي المختصر ألف باء حياته حتى بات من ...>>>...

(بعث الدكتور جورج حبش مقالته قبيل رحيله بأربعة أشهر رغم ما كان يعانيه من المرض الذي ألم به، وذلك تقديراً منه للمحتفى به الأستاذ غسان تويني، والثقافية تتوجه بالشكر الجزيل لعائلة الفقيد ولمكتبه الخاص الذين تعاونوا معنا لوصول تحية الحكيم الفلسطيني للحكيم اللبناني).

يطيب لي المشاركة في تكريم الإعلامي الكبير غسان تويني، هذا الرجل الثمانيني من العمر الذي ما برح يشق ويعبر طريق المعرفة والنهضة ...>>>...

كنت كلما أخذتني الطائرة إلى (بيروت) أو مرت بي فوق سمائها.. تدافعت إلى عقلي وقلبي صور ومواقف أولئك اللبنانيين الأفذاذ، الذين عرفتهم ماضياً ب(مواقفهم وآرائهم ورؤاهم الحضارية المبكرة دون أن أراهم).. والذين عشت معهم حاضراً دون أن أقتسم معهم غير خبز المعرفة التي أبدعوها في عشرات اللوحات ومئات الدواوين وآلاف الكتب.. والذين احتسيت معهم كؤوس الحب التي عتّقوها من دنان تلك الأصوات السماوية النفحات ...>>>...

في محاولة العالم العربي التغلّب على ما يعانيه من أزمةٍ على صعيد الشرعية السياسية، كانت مهنة الصحافة واحداً من العناصر الإيجابية القليلة الفاعلة في المجال الاجتماعي والسياسي. والمؤسف هو أنَّ هذه المهنة هي مهنة خطيرة، كما بيّنت الأحداث الأخيرة في كلّ من العراق ولبنان؛ لكنها مهنة نبيلة أيضاً (حين تُمَارَس على الوجه الأفضل) بقدر ما تفتح نافذةً وتتيح فرصة التعبير الحرّ عن المعلومات والآراء ...>>>...

غَداةَ استقلال لبنان وإلى اليوم، لعب غسان تويني باطراد دوراً فاعلاً ومجدداً وشجاعاً في الحياة السياسية والدبلوماسية والثقافية في البلاد، ودعم أولئك الذين كانوا -في نظره- يخدمون القضية العادلة. وبالمقابل كان في المعارضة عندما لم يستطع أن يضمن سياسةً من السياسات، كما قاوم جميع المحن وناضل باستمرار للحفاظ على النموذج اللبناني التعددي.

تواشجَ تأثيره السياسي مع الدور الكبير الذي لعبه في ...>>>...

كان والدي معجباً بالشاعر صلاح لبكي، وكان قرّر يوم ولدت، أن أحمل اسمه، لكن شاباً كان قد عاد إلى لبنان قبل مولدي بعامين أو ثلاثة، بعد إقامة في جامعة هارفرد وهي إقامة بترت بوفاة والده المفاجئة، ليخترق عالم السياسة والصحافة والعمل العام، بما بدا لمعاصري تلك الحقبة وكأنه تعبير جديد عن الحداثة وتشخيص غير مألوف للأناقة، مع قدرٍ واضح من الاستعداد للمخاطرة، أعجبت والدتي بالعائد الجريء، بكلمته، ...>>>...

لا يسعني في البداية إلا أن أعبر عن جزيل شكري للقائمين على هذا الملف الخاص بتكريم ابن لبنان البار الاستاذ غسان تويني، الذي استحق بكل جدارة مثل هذه الالتفاتة الكريمة بكل ما يعنيه التكريم، كما أنتهز هذه الفرصة، لأتقدم بامتناني لمن أتاح لي إمكانية تسطير كلماتي على صفحات هذا الملف، وعلي أن أذكر أنني أقوم بذلك بكثير من الرضى والسرور.

التقيت الأستاذ غسان تويني أكثر من مرة خلال فترة تواجدي 2000- ...>>>...

مارسَ غسان تويني، العزيز علي جداً، مارسَ دائماً مِهَناً تتطلبُ قبل كل شيء الشجاعةَ وسعةَ الخيال، فكان مرةً بعد أخرى أو في آنٍ معاً، صحافياً ونائباً في المجلس ووزيراً ودبلوماسياً.

تفترضُ الشجاعةُ، لا بل تتطلَّبُ حريةَ التفكير: لقد عرف غسان دائماً في وظائفه المتنوعة، كيف يحافظ على حريته، على حرية تفكيره وعلى حرية عمله، في قلب مجتمعٍ لبناني من أكثر المجتمعات تعقيداً في العالم كله، ونتيجةً ...>>>...

هو من العائلات التي كتبت تاريخ الصحافة، وهي منها بمثابة روحها وجوهرها، أي أفضل ما فيها، وهو من السلالات التي صنعت، بل شكلت، عبر وسائل الإعلام البلاد التي تنتسب إليها. آل تويني هم من هؤلاء، والمرء ليس بحاجة إلى أن يكون صاحب خبرة بشؤون لبنان لكي يقتنع بهذا الأمر. بوسعي أنا الإدلاء بشهادتي.

كان ذلك في مطلع سنوات التسعينيات -من القرن العشرين- أيام كنت أقرع الأبواب كلها، وأتردد إلى المحافل ...>>>...

غسان تويني، جدي، ووالد والدي، وفي أساس تكويني ووجودي. ماذا عساي أقول فيه وعنه، فإذا مدحته قالوا هذا جدها، وإذا حاولت نقض بعض مواقفه في السياسة، لقالوا إنها تفتش عن إثبات نفسها، وعن مكانة لها في قلب التاريخ الكبير المسمى غسان تويني. لذا، فإني أنا الحفيدة أجد الصعوبة البالغة، والأبلغ لدى كل المشاركين في هذا الملف، في الكتابة عن غسان تويني. فأنا لا أنظر إلى الأستاذ، دولة الرئيس النائب ...>>>...

عندما كنت باحثاً شاباً إبان الثمانينيات، قابلت غسان تويني الذي كان يدعوه السيد دومينيك شو؟ الييه بانتظام إلى مائدته في باريس. وتأثرت طبعاً بالغنى الإنساني عند هذا الرجل الذي كان في آن صحفياً كبيراً ومثقفاً لامعاً وشخصية سياسية. في عقد التسعينيات شرّفني باعتباري صديقاً وكان يدعوني أثناء زياراتي للبنان. وبصفتي مؤرخاً، كان يطيب لي أن أستمع إليه يروي طرائف عديدة تتعلق بإقامته في الولايات ...>>>...

توالت عليه النكبات.. فقبر أعزّ الناس بيديه، وكأنه يحتضنهم بين ضلوعه.

لا نعرف مقدار الألم الذي ألمّ به.. إذا كان مقياس البرحاء دموع مستعصية على السّقوط.

ذلك المزيج الجميل من جِلاد الفارس وتسامح النّبيل وأحلام الشّاعر هو غسّان.

ترى وجهه الصّارم الذي يخفي قلبا يخفق بالحبّ، وتنبهر بتضاريسه العجيبة، وكأنه شجرة معروقة بفعل القرون، ترى تلك الوديان التي حفرتها في جبهته عوامل التّستّر على كلّ ...>>>...

ليس أبهج للنفس من حديث أخ عن أخيه، فكيف إذا كان هذا الأخ هو غسان تويني، رفيق العمر، رفيق الحياة، رفيق القلم ورفيق القضية، هذا الزميل الكبير الذي بات يرمز إلى جيل بأكمله تجاذبته مختلف الأحلام وتباينت فيه العقائد، ولكنه لم يضن يوماً على بلاده بحشاشة القلب ونور العين وذوب العقل الصادق في البحث عن الحقيقة والدعوة إلى الحق مهما تعاظم طغيان الجهل أو استعلت حواجز التعصب، انطلاقاً من تشبث بالقيمة ...>>>...

غسان تويني شخصية لبنانية عربية فذة. دبلوماسي وسياسي لامع ذو تأثير كبير على كل من سعد بمعرفته وأعجب بمواهبه.

صحفي بارز جعل من جريدته النهار منبراً ومدرسة يتبارى فيها الكتاب والمبدعون وديمقراطي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى حارب الطائفية المقيتة التي مزقت بلده وكان جريئاً وصريحاً في التصدي للفساد السياسي والإداري، وقد ورث ابنه الفقيد جبران هذه الصفات ورأينا كيف واجه غسان فاجعة اغتيال ولده ...>>>...

أن تكتب عن غسان التويني هو أن تكتب عن أكثر من رجل، فهو من أولئك الذين يطلق عليهم في الحضارة الغربية لقب ( Renaissance Manرجل النهضة) أولئك الذين يلمون بالمعرفة المتنوعة الغزيرة ومن مشارب مختلفة؛ والذين يتمتعون بآفاق واسعة، وقدرات على فهم التغيرات والتقلبات وتفسير الظواهر في المجتمعات بعمق، وباستكشاف لمؤثراتها وتوابعها.

ناضل بالفكر والكلمة والفعل في أخطر مراحل الضيق بالرأي الآخر والتعبير ...>>>...

هو الناجح المتفوق، مذ هو فتى في الجامعة.

وظل الناجح المتفوق يوم صار فتى في الصحافة، فيوم صار فتى المجلس النيابي.

قُسُط له أن يخلف والداً مثل جبران ووالدي، كرم ملحم كرم، كما كان يقول عنه أن في حسناته كاتباً سياسياً، إنه يحسن اختيار موضوع المقال اليومي.

والمقال اليومي مع غسان ظلّ ألِقاً متوقداً نابضاً.. حتى لكان يُسأل: ماذا كان يقول غسان اليوم؟.

جاء النيابة، وفي لبنان ذهنية الجمهورية ...>>>...

حين كنت أعيش في بيروت، في ستينيات القرن العشرين، كنت أعي جيداً، مثل غيري من الصحفيين الأجانب، ذلك الحضور الطاغي لغسان تويني في الطابق التاسع من مبنى النهار القديم في الحمرا، قبالة وزارة الإعلام. فافتتاحياته، المكتوبة بأسلوبه العربي الغنيّ، المشغول، والذي يمكنك أن تميّزه مباشرةً، لم يكن من الممكن تجاهلها قطّ. فقد كانت مقياساً للتفكير المتحضّر في تلك المدينة.

في الطابق السادس من ذلك المبنى ...>>>...

هذا الرجل ليس بريئاً. ارتكب ما يستحق النقد. واللوم. والمحاكمة. تسلل إلى عقول آلاف الشبان. اغتال هناءة عيشهم في ظل المسلمات الموروثة. دس في أيامهم سيلا من الأسئلة. وعلامات الاستفهام. وزع الشكوك. استدرجهم إلى وليمة القلق. إلى قسوة الخيار. استدرجهم من سجون طوائفهم. من سجون المناطق. وقوالب المفاهيم الجامدة. حرضهم ضد الظلام ووطأة المقابر وسطوة الماضي.

هذا رجل مصاب بلعنة النهر. لا تأسره فكرة. ...>>>...

- 1 -

يافعاً كنت، ممتلئاً حماسة للاعتراض، حين رأيت غسان تويني لأول مرة خطيباً على منبر مهرجان دير القمر الذي نظمته (المعارضة) آنذاك ضد الرئيس الأول لجمهورية الاستقلال الشيخ بشارة الخوري (صيف 1952)...

وفتى كنت حين جئت مدفوعاً بالرغبة والاضطرار معاً إلى العمل في الصحافة، وتعرفت على غسان تويني عبر (النهار) التي كانت تسعى لتمييز نفسها عن (عهد) كميل شمعون الذي جاءت به المعارضة إلى سدة ...>>>...

إن العلاقات المصرية - العربية التي انعكست آثارها بالطبع على مواقف بعض المندوبين العرب في المنظمة الدولية.

غير أنني أحترم حق أي سفير عربي في التعبير عن رأيه والدفاع عن موقفه.

وربما يكفي للتدليل على مواقف مصر المبدئية وعلى طبيعة العلاقة التي كانت تربطني بزملائي سفراء الدول العربية لدى المنظمة الدولية، والتعاون الذي كان قائماً بيننا بعد زيارة الرئيس السادات للقدس في نوفمبر 1977م حتى بعد ...>>>...

لبناني، سوري، عربي، إنسان، متحضر، مثقف.. فيلسوف.. شاعر.. صحفي.. دبلوماسي.. سياسي.. أستاذ.. عاش الحياة بطولها وعرضها.. بكل حلوها ومرها..

أصدقاؤه يعشقونه.. وخصومه يحترمونه ويهابونه..

فجع في زوجته وأبنائه.. ولكنه لم يهتز..

وفجع فيما يشهده لبنان من عثرات لم تكن تخطر على البال.. ولكنه أيضاً لم يهتز.. بل ويمارس عمله نائباً.. يحاور ويناقش وكما خرج لبنان من مأزق بعد مأزق.. يتصور أنه سيخرج هذه ...>>>...

تُضيئني حياة غسّان تويني. أقرؤها، كما لو أنها كتابٌ شامل. تتداخلُ فيه الأطراف، وتتآخى النقائض. ويخيّل إليَّ في بعض لحظات القراءة أنّ الجمرَ يحيا في عناق دائمٍ مع الينابيع.

ما تتخاصَم فيه العقول يخترقه، ويتخطّاه نحو أفق آخر مؤتلفٍ مختلف. ما تتساءلُ حوله، حَيرةً أو شكّاً، يعجنه في مختبر حياته، ويستشفّه بحدْسٍ نيّر. ما تَنوءُ تحته الكتف الصُّلبةُ، يحتضنه بحكمة رواقيّةٍ بصيرةٍ، كأنّه نافذةٌ ...>>>...

لو نُظّم استفتاء بين أفضل الخبراء في الشرق لتسمية الرجل الأقدر الآن على تمثيل المجموعة العربية والاهتمام بها والدفاع عنها، وعلى الدفاع عن حقوق العالم العربي لدى جيرانه المنافسين ولدى أعدائه، لاعتقدت أن غسان تويني سيحتل المرتبة الأولى.

إنه مدير مؤسسة النهار العريقة الذي عاد ببسالة مديراً لها بعد اغتيال نجله، وهو الذي مثَّل لبنان في الأمم المتحدة طوال سنوات كثيرة. وشغل عدة حقائب وزارية في ...>>>...

فاجأنا،وفجعنا عام2005 برحيل العديد من الرموز والشخصيات العربية المهمة التي لعبت، خلال العقود الماضية دورا?ً لا يمكن إغفاله في تأسيس هوية الوطن العربي،وإعطائه مظهره الحضاري العصر،وشعرنا وكأنه كان مقدراً علينا أن نفقد أحباءنا واحداً تلو الآخر،وهم الذين حرصوا على منحنا أملاً في غد عربي مشرق ودافعوا،حتى الرمق الأخير-من حياتهم- عن حقوقنا وكرامتنا ومطالبنا.

وجاءت أولى محطات خسارة تلك الرموز مع ...>>>...

غسان تويني ولبنان كُلٌّ لا يتجزأ في عيني. فلقد عرفتُ الرجلَ جيداً لأنني التقيته مرات ومرات بدءاً من عقد الستينات.

ولما كنتُ صحافياً في (لوموند) أُسافر باستمرار إلى الشرق الأوسط، كنتُ أتوقفُ بالضرورة في بيروت قبل قيامي بتحقيقٍ ما في هذا البلد العربي أو ذاك.

وكان الشخص الأول الذي أزوره هو غسان تويني الذي أكبَرْتُه لأجل دقة معلوماته وصرامة تحاليله للأمور.

إنه يعرف انتقاء معاونيه وهذه سِمة ...>>>...

لا تنصف غسان تويني دون أن تضيف جديداً إلى ما قيل وكتب عنه وهو الكثير في 60 سنة من العمل العام. ولو لم تفعل ستكون لا سمعت منه ولا قرأته ولا تعلمت عليه وهذا نادر على كل من عمل في السياسة أو الصحافة أكثر من عشر سنوات.

عاد الشاب غسان تويني على عجل إلى بلاده من الولايات المتحدة الأمريكية ليتابع إصدار صحيفة بعد وفاة والده المفاجئة. أتى وفي ذهنه الكثير من أفكار الحداثة والعصر، فجعل من (النهار) ...>>>...

ما بين غسان تويني وبيني لا يعني أحداً. لكن ما بين غسان تويني وجريدته يعني كل الناس. فالحديث عن هذا الرجل يختلط فيه (بالنسبة لي على الأقل) الخاص بالعام، والسياسي بالصحافي، والأنا بالآخر، ويفيض الحديث عن غسان تويني إلى جداول عدة، لتصبح أنهاراً عندما تلتقي.

من بين هذه الجداول كان لي هناك فيها ساقية روت لسنوات حديقة مهنية جميلة من الصداقة والزمالة، في صحراء كانت تبدو قاسية ومقفرة بين حين ...>>>...

أن تكرس مؤسسة صحافية ك(الجزيرة) عدداً خاصاً بالسياسي اللامع وشيخ الصحافة اللبنانية النائب غسان تويني، فهذا يعكس إلى حد كبير الاهتمام بجهده التنويري وإسهاماته السياسية والثقافية في جعل التنوع والتعددية المذهبية والدينية والفكرية تخدم القيم الإنسانية الكبرى كقيم الحرية والعدالة والاستقلال ومشروع النهضة العربية المعاصرة، بعكس ما تحاوله اليوم، بعض القوى المنغلقة والميتة، التي نمت وازدهرت على ...>>>...

يحار المرء في غسان تويني، الصحافي والسياسي والكاتب والبطل التراجيدي. فإذا تحدث عن ساحر الصحافة اللبنانية الذي حوّل (النهار) إلى جريدة كل بيت، يفاجئه السياسي، الذي ساهم في قيادة الثورة البيضاء في أوائل الخمسينيات، وخاض معركة طاحنة ضد حكم الأجهزة في العهد الشهابي، وكان شابا في حكومة الشباب، واختلف مع سليمان فرنجية، قبل أن يصير أحد حكماء السلم الأهلي اللبناني، بل ربما كان هو اليوم، حكيم ...>>>...

كيف نشهد للشاهد، حين يكون شاهد العصر، وشهاب الرؤية وجرح الوعي. كيف نشهد لمن عبَر نيران المحن ودفع دائماً ضريبة الحلم اللبناني سجوناً ودماء غالية وعمراً من الرؤى والبناء.

ما التقيت غسان تويني قبل الستينات؛ لكنني أُخذت بصوته ودوره عن بُعد، ومنذ أوائل الخمسينات، حين كنت في بدايات وعيي السياسي وذروة أحلامي المثالية بالحق والعدل رأيت فيه يومذاك فارس الحرية وقلعة الرأي الحرّ.

لا مجال الآن ...>>>...

الإعلام في لبنان كان دائماً أوسع من جمهوره اللبناني. ولهذا انتشر خارج لبنان، وحين تأسست صحف عربية كبرى وتلفزات فضائية تستهدف الجمهوري العربي الواسع احتل الصحافيون والإعلاميون اللبنانيون مركز الصدارة في هذه الصحف والفضائيات.

ولبنان تمتعت صحافته بحرية لا نظير لها في البلدان العربية. فبفضل توفر أجواء هذه الحرية وبسبب كون الإعلام اللبناني أوسع كثيراً من جمهوره المحلي فقد اشتدت بين الصحف ...>>>...

لو أردت أن تكتب سيرة غسان تويني لوجدت نفسك في حقيقة الأمر تكتب تاريخ لبنان في أهم محطاته منذ السنوات الأولى للاستقلال. ومن يستعرض تاريخ لبنان يستعرض دون شك تاريخ المنطقة من خلال المرآة اللبنانية: المرآة السياسية والفكرية والثقافية والصراعية التي عكست دائماً على (الساحة) اللبنانية وفي (المختبر) اللبناني كل أنواع التفاعلات في المنطقة وحول المنطقة. غسان تويني ذو الأبعاد المتعددة في شخصيته ...>>>...

لقد تألم غسان تويني تألماً عميقاً في جسده وروحه، إذ فقَدَ أبناءه الثلاثة في ظروف مأساوية والألم لا يستدعي أي فداء. وإنما يستدعي التضامن، وأنا متضامن كلياً مع غسان تويني في محنته لأن المعاناة في الحياة تبشّر بالأمل. والإنسان ينتعش في جسده وروحه. وخلافاً للمظاهر والإشاعات لا تُقَدّم الحياة أي تواطؤ، ولكن عندما تحين الفرص يجب اغتنامها كي يبقى الإنسان مبدعاً.

لقد أبدعَ غسان تويني

حصلَ لي أن ...>>>...

على امتداد الساعات الطوال من العام المنصرم أتيح لي أن أرافق غسان تويني في رحلة عمره المديد. بالكلمة والصورة عرفت غسان تويني عبر السنين منذ الطفولة حتى اليوم، ولكنني إذ استعيد ما قرأت وما اختزن في عيني من الصور، أحسبني على حق لو قلت إنني ما عرفته. ليس لأن غسان تويني مستودع أسرار مجهول المفتاح، ولكن لأن التنوع في شخصيته يجعله أقرب إلى مجموعة الأقانيم في واحد. أليس هذا بعض ما تكوّن في هذه ...>>>...

1

تكريم غسان تويني تكريم لنقيض ما يسود العالم العربي. تكريم للشعلة التي تعين مواقع المشاة في مسار بناء مجتمع عربي حديث. إنه موعد أن ننتبه إلى الشعلة ومواقع المسار، في آن، بعد أن أصبح ما يقود زمننا نحو استدامة الخراب هو ما يحضر في الحواس والنفوس. شعلة لا تتوقف عن الإشارة والإشارة. ضوءٌ في الأوقات كلها التي لم نعد نجرأ على أن نختار لها تسمية شاملة، لشدة الخراب الذي نحن فيه. الجهل والحرب ...>>>...

لا نمدح غسان تويني إذا قلنا إنه شيخ الصحافيين اللبنانيين. أظن أن في هذا شهادة للصحافة اللبنانية اكثر منها لغسان تويني.

لا تستطيع الصحافة اللبنانية وبالتالي الديمقراطية اللبنانية إلا أن تأخذ من ضعف لبنان وهشاشة توازناته، لكن بقاء الاثنتين وعنادهما هما اللذان منحاهما تاريخا واستمرارا.

ولا شكّ أن في وجود رجال كبار، ديمقراطيين وجمهوريين وصحافيين هو الذي اجترح من الضعف قوة، وجعل الديمقراطية ...>>>...

كم هي جميلة ومرهقة هذه المهنة الولود، مهنة الكلمة التي في البدء كانت..

يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء(24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(25)) سورة إبراهيم.

وكان أحمد شوقي قد قال:

لكل زمان مضى ...>>>...

حارس الهيكل أو غسان التويني عنونت المقال في l'orient- express لكن اسمه بيننا كان (هو) او بالفرنسية(lui) فتهمس في سماعة الهاتف انا صاعد عند (هو). فيحتم علي عدم الازعاج لا باتصال ولا بزيارة. وكان الموعد اليومي بينكما (لحظة الخيانة).

خنتما السر ودعيتموني مرتين.

أراهما معا في لحظة الخيانة كما سميتها. كل مساء في تمام الساعة السابعة يرقصان معا في الكلمات ويعزفان قطعة موسيقية على انغام الفكر ...>>>...

 
 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

صفحات PDF

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة