رضوي (2)
|
* عبد الرحمن السليمان :
كان الفنان التشكيلي الراحل عبد الحليم رضوي من أكثر الفنانين السعوديين والعرب ديناميكية ونشاطاً، وكان لا يهدأ له بال من أجل الفن وأنشطة الفن ومشاريعه، سنته موزعة بين عدد من النشاطات التي كانت تتفرّق أحياناً بين عدة دول، وكان أكثر سعادة عندما أقام معرضه المائة في مدينة جدة عن طريق اتيليه جدة قبل أعوام.
لقائي الأول به كان أوائل الثمانينات عندما أقامت جمعية الثقافة والفنون في الرياض المعرض الجماعي الثاني للفنانين التشكيليين السعوديين في قاعتها بحي الفوطة، وكان حينها في ذروة نشاطه وألقه وكان يبدي آراءه في الأعمال، يتحفظ على البعض ويقول في الآخر رأياً صريحاً ولكنه لم يكن مجاملاً، ولهذا الرأي الشخصي في الأعمال الفنية الأثر في علاقاته بالآخرين من الفنانين. فرضوي عندما توجه نحو استلهام المعطيات التراثية والفنون الإسلامية كان يدعو الكل إلى مثل هذا الاتجاه وكانت أكثر أحكامه مبنية على مقدار الاقتراب أوالابتعاد عن ذلك.
كانت له زيارة إلى المنطقة الشرقية بصحبة أحد العاملين معه في جمعية الثقافة والفنون بجدة وكان الفنان أحمد المغلوث - حينها - يقيم معرضاً شخصياً لأعماله في إحدى الأسواق التجارية بالأحساء ومن تنظيم فرع الجمعية فيها، وكان رضوي قد رغب في الاطلاع على هذه التجربة وترافقنا معاً إلى الأحساء وزار المعرض الذي كان الأول للفنان المغلوث، إلا أن زيارات رضوي للمنطقة الشرقية لم تنقطع فقد دعوناه بفرع الجمعية في الدمام لإقامة محاضرة في النصف الأول من الثمانينات وتواصلت العلاقة به فيما بعد بشكل أوثق وأقوى.
لا يمكننا الحديث عن الفن التشكيلي في منطقة الخليج العربية إلا ورضوي أحد الأسماء المهمة فيها فقد ترك أثراً كبيراً في الساحة التشكيلية السعودية وهو الذي كوّن لتوجهه أتباعاً وإن قلوا إلا أنه بإصراره وتكريسه لخطاب الأصالة والمعاصرة جعل من ذلك التوجه محل أنظار المتابعين.
كان الفنان رضوي مهووساً بالفن حتى في سفراته طالت أو قصرت وكان ينظّم وقت ممارسته الفنية، فاللوحة زاد يومي يستفتح نهاره بها وهو في هذا السياق يحمل أمتعته الفنية أينما ذهب، بل أكبر من ذلك رسم مجموعة من الأعمال بعد أو قبل إجراء عملية القلب المفتوح له بأحد مستشفيات الرياض الكبرى. عندما يتحدث فإن حديثه لا ينقطع، كان يتشكى غالباً من أمانة نقل آرائه وتصريحاته الفنية من بعض الوسائل الإعلامية التي طالما دخل طرفاً في نقاشاتها وكانت له بعض الخصوم الفنية التي تقول كما هو يقول إنه اختلاف في الفن ومذاهب الفن وتياراته لكنه - رحمه الله - كان شديداً في إبداء آرائه خاصة فيما لا يعجبه.
كنت والفنان رضوي على اتصال متواصل وكان يفاجئني باتصال من بعض البلدان الأوروبية لإطلاعي على خبر أو إنجاز جديد وكان في غمرة فرحه عندما أشرف في إسبانيا منذ أعوام على ورشة لرسوم الأطفال في أحد المراكز الإسلامية وقد أقام لأعماله حينها عرضاً خاصاً، وكان سعيداً بأن يرسم الأطفال للسلام الذي رسم له هو أيضاً، بل أقام بعض معارضه الفردية والمشتركة تحت عنوان (الفن من أجل السلام).
في هاتين العجالتين استرجع بعضاً مما دار في ذاكرتي عن فناننا الكبير عبد الحليم رضوي وقد تلقيت بحزن بالغ نبأ وفاته، ومعه فإن أعماله وتجاربه وحتى آراؤه وطموحاته تحتاج إلى كثير من المساحة لإيفائه بعضاً من حقه ومكانته على المستوى المحلي والعربي، كانت لي معه حوارات، آخرها عندما زار المنطقة الشرقية لتحكيم أول اختيار مجسم جمالي، أجريت معه حواراً مطولاً في الفن وحول مسيرته الفنية الحافلة إلا أن جهاز التسجيل خانني ولم أستطع لرداءة الصوت تفريغه ولم أزل أحاول حل هذه المشكلة. لقد تطرق رضوي إلى بعض التفاصيل التي لا نعرف بعضها عن دوره الشخصي في بعض الأمور المتعلِّقة ببدايات الفن التشكيلي في المملكة.
بقي أن ندعو له بالمغفرة والرحمة والرضوان.
aalsoliman@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|