الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th December,2005 العدد : 134

الأثنين 17 ,ذو القعدة 1426

من يعرف ياسين طه؟!

بقلم:عبد الله الجفري
* السيد يا سين طه:
من يعرفه من هذا الجيل الذي تفشت كتاباته في صحافتنا... سواء ممن جيروا (الإبداع) لما يكتبونه ولرصفائهم، أو ممن وجدوا في الكتابة: الوجاهة الاجتماعية، أو التصدر في المجالس... فصاروا يكتبون أكثر مما يقرأون فيما يلوح؟!
* السيد يا سين طه:
من بقي يتذكره من جيلنا الذي عاصره، وتتلمذ على كتاباته، وجذبته شخصيته المفعمة ب (الكاريزما) كما يقولون... فتواصل معه، أو حتى تذكره وقد كان يجلس وحيداً في بيته إلا من هذه الحشود/ الذكريات التي وفت بها ذاكرته معه... حتى توفاه الله؟!!
كانت له (ابنة) واحدة خلاصة (أبوية)... لم يرحمه الموت الحق، فآثر أن يختطفها منه وهو أحرج ما يكون لحنان (الابنة) دائماً مع أبيها!!
ولكن دموعه احتارت: هل يبكي ابنته التي فقدها وهو في بحر الهدوء من شيخوخة صابرة على التوجع والألم؟!
أم تراه كان يبكي وحدته التي فقد فيها الرغبة لملئها، ولا حتى بالقراءة بعد أن خذلته عيناه، واسترخى نشاطه الذهني قانعاً بالتأمل فوق جسر الصمت؟!
***
* السيد ياسين طه:
يبقى لنا هذا (القدوة) الذي نعتز كثيراً بكل ما غرسه في عقولنا من معرفة يوم كان ذلك (الكاتب) المشرق الراكض دوماً نحو المعرفة.
ونفرح كثيراً بكل ما رقرق به وجداننا وبذره في جوانحنا، فسقى عواطفنا من ارتواء المشاعر.
نعترف اليوم: أن تفقُّدنا له كان فيه الكثير من التقصير، ليس نسياناً لحجمه في مشاعرنا، ولكنه (الاشتغال) بهموم العيش، والانشغال بما تبقى لدينا من طموح أو حتى (تأمل) نخاف عليهما أن تفسدهما كل هذه المتغيرات التي لحقت حتى بسلوكيات بعض البشر! كانت تغيب أصواتنا عن سمعه، وهو لا يكلفنا ما يسميها: مشقة الزيارة له في (مبركه) كما وصف الشاعر الرائد حمزة شحاتة أيام استكانته للوحدة، فقال: (صرتُ كالناب في مبركها)!!
لكنه كان يتوحَّى بين الفينة والأخرى، صوتاً واحداً من جيلنا الذي كان يعجب بروح الفارس فيه.... حتى إن أستاذنا ومعلمنا محمد حسين زيدان، رحمه الله، كان كلما تحدث عن تلميذه (ياسين طه)، أشار إليه وقال: هذا هو الرجل (الشيفاليه)، أي الفارس!!
حتى حين نتلفت لنسأل، أو لنؤكد ما نعرفه، أو لنتعرف على جديد المعرفة:
كنا نشتاق إلى صوته، بعد أن أرتضى (وحدته) داخل جدار بيته الذي شاع بين جدرانه اليوم: الحزن الأعمق!!
***
* وكنت أريد أن أحمل لهذا (السيد) الشيفاليه: شغاف القلب ونبضاته، وخفق الضلوع.. وأدعهم جميعاً يقولون له:
* كلنا أبناؤك... أب أنت لجيل كامل، ومعلم لمن قلت لي عنهم:
* (أنا أفرح بكم جميعاً بعد أن ملأتم ساحة الأدب والثقافة بتواجدكم الإبداعي.
أقرؤكم.. وينسكب الفرح في صدري حين كلماتكم توحد الضوء مع الوعي).
لم تعد لهذا (السيد) في آخر أيامه: مرايا تشده إلى الوقوف أمامها... لكنه كان منشغلاً بكل ما أدلهم من شجن في أصداء عمره!
حسبناه في ذلك الانشغال: كان ينمِّق الانتظار لأغنية عصفور على شباكه الصباحي، وقد تسربل بالرضى الأقصى!
ومن صفاته أنه كان القادر على متابعة حركة القوارب في عرض البحر.
يصنع في أثرها طائرة ورقية لا يهمه أن يمتلك القدرة على إطلاقها نحو الفضاء.
وكان يطوي أضلعه على هذا المدى من عطر نفسه النقية الصافية!
في تأملاته: لا شيء يتسع... لا شيء ينقبض متقلصاً!
كأنه كان يتماهى في هذا (التأمل) الأبعد في لعبة الصمت معه!
وتحضنه أضلعنا على ما شاع داخلها من حزن غير مرتهن.
وعليه السلام، وله المحبة أبداً!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved