وميض السعوديون والانطباعية عبد الرحمن السليمان
|
لم تنفصل التجربة التشكيلية في المملكة العربية السعودية عن حركة الفن التشكيلي العالمية من حضور معظم تيارات الفن الحديث ولعل الانطباعية كأحد الاتجاهات في حركة الفن التشكيلي الحديث قد تركت أثرها في عطاءات الكثير من فناني العالم.
الانطباعية هي الحركة التي ظهرت من خلال معرض المرفوضين في الصالون الرسمي الذي كان يخضع لاعتبارات فنية صارمة، هذه الحركة أو التيار تزعمه عدد من الفنانين الشباب، جاءت الانطباعية كتسمية من خلال لوحة قدمها كلود مونيه في أول معارض المجموعة عام 1874م هذه التسمية أو التأثيرية التي تدخل بعض فنانينا في إشكالية التسمية كانت تحولا مهما في تاريخ الفن، شارك في معرضها الأول سيزان ورينور وبيسارو وسيسلي وآخرون، وانضم للمعارض التالية عدد من الأسماء إلى العام 1886م حيث آخر معارض الانطباعيين (الجماعة).
الجانب الأهم هو خروج ثلة الفنانين من المراسم إلى الخلاء، حيث الطبيعة التي أخذ عليها تمويه الشكل وإغفال الموضوع، وإهمال ما يتعلق بالحياة الإنسانية، والوقوع في تبريرات علمية برأي جوجان، لكنه في الأساس تسجيل لانطباع بصري تحسه العين ماديا وآنيا، ولذا كان الانطباعيون يترددون على المكان الواحد مرات في ذات الساعة لتثبيت الحالة التي يكون عليها المشهد.
تواصل الاهتمام بهذا النزوع حتى بعد تفرق المجموعة مع تطوير أساليب الفنانين، فكان ما عرف بما بعد التأثيرية أو الانطباعية، وتواصلت على نحو متفرق بعض مبادئها وتقنياتها إلى العديد من فناني العالم حتى الآن.
الانطباعية في التجربة التشكيلية المحلية لم تؤخذ بمفاهيمها الأصلية بقدر معطياتها التقنية التلوينية الآسرة التي استعارها بعض الفنانين، عندما نعود إلى بعض أعمال الفنان الراحل عبدالحليم رضوي سنجد هذا الملمح الانطباعي الذي أخذه بتأثير تعرفه على أعمال سيزان على الخصوص، فجاءت أعمال رضوي في النصف الأول من الستينيات حاملة شيئا من تلك الطريقة التلوينية التي يضفي عليها رضوي طزاجة لونية تحمل حساسية خاصة مبكرة هذا التأثير انتقل إلى تجارب الفنان الراحل محمد السليم خاصة أعماله التي رسمها بتأثير وجوده في إيطاليا وهي أقرب إلى التنقيطية، وكانت تأثيرات بول سينياك أكثر من غيرها في عدد من أعماله إلا أن السليم تجاوز تلك التقنية الأكثر صراحة بتلوينات أكثر ارتباطا بالبيئة والمكان المحلي ما جعل لمشاهده خصوصيتها وأثرها. لم يخرج الفنانون التشكيليون إلى الخلاء للرسم المباشر بقدر الاتكاء على معارف ومشاهدات جعلت من البعض يشتغل على صورة ضوئية قد لا تكون بعدسته، فيكون إعادة تأليفها وفق رؤية قد تثير الإعجاب هو ما نجده في أعمال كثير من الفنانين العرب، لم تتأسس في المملكة أكاديمية تعلم أصول الرسم المباشر بقدر الاجتهادات المحدودة، ومعها كان الاتجاه لرسم الطبيعة المحلية بكل مظاهرها قائما على أمور مختلفة إلا المباشرة، ظهرت تجارب الفنان عبدالله الشلتي بتأثير منطقته الغنية بالمعطيات الطبيعية، ففي أبها تثير الطبيعة رغبة الرسم، والمشهد و الفضاء في عمومه مدعاة للانطلاق والتعرف على الانطباعية، كانت أعمال الشلتي قد اتخذت تحولاتها إثر مشاهدات متعددة فقد وظف تقنيات الانطباعية في تلوين مشاهده للطواف حول الكعبة المشرفة، وبالتالي فإن الحركة وحشود الطائفين كانت الأكثر وضوحا على اللوحة، لم يرسم الشلتي أعماله مدعيا انطباعيتها بقدر الأثر الذي تتركه فينا لوحته بتقنياتها التلوينية الخاصة. اسم آخر هو علي الصفار الذي رسم بتأثير الانطباعية مواضيعه البحرية والريفية، وفعل ذلك أيضا منير الحجي، اسم آخر قليل الإنتاج والمشاركات هو عبدالعزيز الخوفي ويعيش في الأحساء يتجه مستفيدا من معطيات الانطباعية وتقنية تلويناتها خاصة في أعمال كلود مونيه الضبابية، وقدم الخوفي في مهرجان الجنادرية الأخير عملين لأماكن محلية ربما يستفيدها من صورة ضوئية، لكنه يعيد بناءها بحسه التلويني المفعم بالإثارة والخصوصية، ومع أن عددا من الفنانين مارسوا الرسم المأخوذ من الأماكن والفضاءات المفتوحة مثل بعض فناني القصيم أو المدينة المنورة أو أبها إلا أن الحس الغالب يبدو أقرب إلى التسجيل أو المحاكاة الفوتوغرافية.
aalsoliman@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|