هل ينهار قبل اكتمال بنائه؟! البرنامج الإثرائي بمؤسسة الملك عبدالعزيز يشكل جسراً لطموحات التشكيليات
|
إعداد: محمد المنيف
الحدث الكبير المتمثل في المؤتمر الإقليمي العلمي العالمي في مجال رعاية الموهوبين الذي تنظمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، التي يترأسها الملك عبدالله والذي افتتح برعاية وتشريف كريمين من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بحضور الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، وبحضور حشد كبير من الأمراء والوزراء والمختصين بمجال تنمية التفكير ورعاية الموهبة والموهوبين من العلماء والمفكرين البارزين من أعضاء هيئة التدريس وأساتذة الجامعات في السعودية والبلاد العربية والمختصين وذوي العلاقة في مجال تنمية التفكير ورعاية الموهوبين من المؤسسات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص والباحثين وخبراء التعليم في المملكة والوطن العربي.. الحدث لا زال يتردد في أذهان وذاكرة كل موهوب على ارض الوطن اذ يعد تكريما وتشريفا وتقديرا لهم على اختلاف توجهاتهم وميولهم كما جاء في شعار المؤتمر (رعاية الموهبة.. تربية من أجل المستقبل).. مع ما يضمنه لهم من اهتمام جاء في سياق اهداف المؤتمر ومنها التعرف على الحاجات الشخصية والنفسية والاجتماعية للموهوبين والمبدعين، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص في رعاية الموهوبين.
موهبة الإبداع التشكيلي والمهارات اليدوية
وبما ان المؤتمر واهدافه قد شمل كل نماذج المواهب دون تمييز مع ما عرفت به مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين من اهتمام مماثل فان من حق الموهوبين في مجال الفنون التشكيلية ان يؤملوا بما يمكن تحقيقه من دعم ومتابعة وسعي للاخذ بمواهبهم المعترف بها عالميا اذا اعتبرت ووضعت في عمق المهارات اليدوية مع ما يتمتع به الموهوب في الفن التشكيلي من قدرات ابتكارية وتوظيف الفكرة وتطويع سبل التعبير والتقنيات لخدمتها بشهادة المختصين والباحثين في هذا المجال، ونجزم ان كل دولة من الدول الخمس وعشرين التي جاءت من مختلف قارات العالم (من أستراليا وألمانيا الاتحادية، وبريطانيا، وتايلاند، وتايوان، وجنوب إفريقية، وروسيا، والصين، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى العلماء والباحثين في المملكة وبعض الدول العربية تعطي لهذا الجانب حقه الكامل والكبير وتسعى للتعريف بإبداعات الموهوبين التشكيليين إلى أعين العالم ولنا في كوريا والصين اكبر دليل لتميزهم العالمي في دعم الفنون التشكيلية ولمختلف المراحل مع ما يحظى به هذا الفن في بقية الدول المذكورة من اهتمام يتمثل في المتاحف العالمية للفنون التي تشتهر بها غالبية الدول الغربية.
ورقة عمل عن البرنامج الإثرائي التشكيلي
من خلال متابعتنا للمؤتمر وما طرح فيه من أوراق عمل بلغ عددها 150 ورقة تقدم بها 1500 مشارك من المملكة ومن بعض الدول العربية والأجنبية تصب في نهر الموهبة وتعنى بتطوير مفهوم الاعتناء بالموهوبين ودعمهم وتهيئة السبل للأخذ بهم نحو مستقبل يكفل لهم استمرار تفوقهم العلمي والإبداعي، شملت كل أنواع المواهب ومجالاتها كان منها ورقة عمل خاصة بالبرنامج الاثرائي التشكيلي الذي يعد من قبل مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين بالمملكة وهو بيت القصيد في موضوعنا اليوم وهي بعنوان (تنمية الإبداع باستخدام الفن) من خلالها سلطت الباحثة في مجال الفنون التشكيلية الاستاذة مها السنان الضوء على (البرنامج الاثرائي الصيفي في الفنون التشكيلية كنموذج) التي اعتمدت مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين من خلاله برامجها الصيفية، أشارت فيه إلى دور البرنامج لتنمية التفكير الابتكاري من خلال استخدام الفن كأداة لدى من يمتلك قدرة عالية في ممارسته. معتمدة في ورقتها على الفرضية منها أن للبرنامج الاثرائي الصيفي في الفنون التشكيلية تأثير إيجابي على طالباته من خلال تنمية الإبداع لديهن إضافة إلى تنمية المهارات المختلفة. ويمكن استنتاج صدق هذه الفرضية من خلال نتائج البرنامج التي تستعرضها هذه الدراسة في ختامها والتي تم قياسها بأدوات مختلفة.
كما تضمنت الورقة نبذة عن فلسفة البرنامج وأهم أهدافه ووسائل تحقيقها فتقول في بحثها ان فلسفة البرنامج اعتمد فيها على استخدام الفن كوسيلة لتنمية عدد من المهارات لدى المتعلمات وأيضا خدمة هذا الفن من خلال تلك الفئة، إضافة إلى تفعيل دور الفن في التعليم. فكان الهدف الأهم هو تنمية الإبداع من خلال إثراء رؤية الطالبة بصريا إضافة إلى تعليمها عدد من المهارات اللازمة لتنمية التفكير الابتكاري وربطها بالفنون كمخرجات إبداعية, وذلك من خلال توفير بيئة إثرائية لفئة من الطالبات الموهوبات والمتفوقات في مجال الفن التشكيلي، ساهمت هذه البيئة في تنمية التفكير الإبداعي، بتقديم إثراء بصري وثقافي في المجال التشكيلي كمصدر يساهم في تحفيز العملية الإبداعية، وتقديم خبرات ورؤى بصرية غفلت المصادر الأخرى مثل المجتمع والهيئات التعليمية عن تقديمها لهم في مراحل التعليم العام أو في الأنشطة الاجتماعية العامة.
كما سعى البرنامج إلى إكساب الطالبات عدد من المهارات كمهارات البحث العلمي، التفكير الابتكاري وحل المشكلات، الاتصال، التسويق، مهارات تقنية ويدوية وبصرية في مجالات الفنون التشكيلية المختلفة حسب رغبة وموهبة الطالبة، إضافة إلى المهارات التحليلية والنقدية، إضافة إلى استثمار أقصى طاقات الموهوبين وجهدهم في حدود الإمكانيات والمدة الزمنية المتاحة, وتوجيه هذه الطاقات لخدمة احتياجات المجتمع وأولوياته. وكذلك إثارة الفضول العلمي لدى الطالبات والعمل على توجيهها بالطرق التربوية العلمية الصحيحة. كما لم نغفل عن السعي لتنمية المهارات الشخصية لدى الطالبة, بالإضافة إلى توجيه وإرشاد الموهوبين إلى آفاق جديدة في مجال العمل المهني. كما تضمن الورقة ثمانية اهداف من أهم اهداف البرنامج ووسائل تحقيقها، كما اشارت الباحثة مها السنان الى عينة الدراسة (الطالبات) والبيئة التعليمية (هيئة التدريس ومقر البرنامج) حيث رشح للبرنامج 300 طالبة من التعليم العام (الثالث المتوسط، والأول والثاني الثانوي) وذلك من قبل معلمات التربية الفنية في المدارس، بعد ذلك تم عقد اختبار قبول تضمن اختبار تورانس للتفكير الابتكاري وآخر للقدرات الخاصة.
وبعد التصحيح، تم قبول 61 طالبة من المرشحات، كما تضمنت الورقة اشارة الى مستوى هيئة التدريس في البرنامج، روعي في الاختيار تنوع الخبرات، وتنوع الجهات التي تنتمي لها العضو، وكفاءة النخبة المرشحة من المتخصصات في مجالات مختلفة عموما وفي مجال التربية الفنية على وجه الخصوص، بالإضافة إلى الفنانات ذوات الخبرة العالية في نفس التخصص.
وتشير الباحثة مها السنان في ورقتها في المؤتمر الى ان قياس اثر البرنامج استخدم فيه عدد من الأساليب والأدوات منها ما تم خلال البرنامج ومنها ما هو مستمر حتى وقت إعداد الورقة المقدمة. من أدوات القياس المستخدمة ما يلي:
1 اختبار تورانس للتفكير الابتكاري (النموذج البصري).
2 مخرجات البرنامج والمعرض الختامي.
3 الملاحظة والمتابعة.
فكرة ناجحة ورفض للقبول ومع ان فكرة
البرنامج الاثرائي التشكيلي من البرامج الناجحة التي قامت بها مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين تحقق من خلاله تخريج عدد من الموهوبات اللاتي اصبحن رموزا بارزة في الساحة إضافة إلى تميزهن في مجالهن الذي تخصصن فيه وهي مادة التربية الفنية بعد ان حصلن على شهادات موثقة من المؤسسة والبرنامج ليتم قبولهن في اقسام التربية الفنية بكليات التربية وهي السبيل الصحيح والمضمون لمثل هذه الفئة التي من الواجب الاعتماد في قبولها على قدراتها وليس على معدلاتها العامة والذي تحدثنا عنه كثيرا وفي فترات متعددة وجدنا ان ليس لأصواتنا آذان تسمع، كنا ولا زلنا عبر هذه الصفحة في جريدة الجزيرة نشير الى ان في بعض اقسام التربية الفنية طلاب وطالبات من لا يستحق الالتحاق بها نظرا لضعف مستواهم الفني ولعدم وجود الموهبة الحقيقية لديهم وجاء التحاقهم لهذه الاقسام لسهولة موادها كما يعتقدون فانكشفت حقيقتهم أمام طلبتهم وطالباتهم وتراجع مستوى اداء الطلبة في المدارس عودا الى ان ليس لدى معلميهم ما يطور مادتهم ويرتقي بمفهومها ولنا ان نستشهد بالواقع العام وباراء مشرفي التربية الفنية حيث لا نجد جديدا في المعارض المدرسية الا من القلة القليلة التي تحمل الموهبة وتسعى لتطوير قدراتها عاماً بعد عام.
ومن المؤسف ان يتعرض عدد من الموهوبات هذا العام لرفض قبولهن في اقسام التربية الفنية رغم تجاوزهن هذا البرنامج المعترف به من مؤسسة لها وزنها ولها دورها في تطبيق أهدافها ليأتي العذر بأن الامر مرتبط بالمعدلات لا بالقدرات والمواهب لنطرح السؤال الازلي متى ينظر للموهبة وتؤخذ بعين الاعتبار بعيدا عن التنظير للتحول الى التطبيق على ارض الواقع الى اين تذهب او يذهب موهوب في التربية الفنية بينما يقبل من لا يحمل ذرة ذوق او قدرة على معرفة ما يدور حوله، فيصبح عالة على المادة وعلى طلبته وعلى المجتمع بأكمله.
دور التربية الفنية
وقناعة المسئولين
ومن المؤسف أيضاً ان ينظر لهذه المادة نتيجة عدم وجود المعلم الموهوب بمنظور معتم، وتعتبر مادة ترفيهية لا جدوى منها بينما نجدها في مختلف بلدان العالم في مقدمة مناهجهم وعلى مختلف المستويات، وكفى بما يحدث للكثير من مدرسي ومدرسات التربية الفنية في المدارس شاهدا يمثله نقص الخامات وتدني في مستوى الميزانيات وعدم وجود مراسم او قاعات للمعارض وان وجدت فسوف تتحول الى نشاط اخر، نتيجة عدم كفاءة المعلم وهذا جانب تتحمله الكلية التي قبل فيها ولم يخرج منها بشيء، يضاف إليه تدني وعي مدير المدرسة بالمادة متجاهلا ما تعنيه من اهداف لا يتسع المجال لذكرها منها تنمية المهارات وارتقاء الذائقة واحياء مختلف المشاعر في وجدان الطالب من حب وعاطفة لكل ما يحيط به ابتداء من الدين العظيم الذي يتيح له سبل التعبير المباح اهتداء بما يراه في الواقع من جمال في الارض والسماء وما بينهم من ايات وصولا الى الانتماء الوطني الذي يمتد الى كل نواحي الحياة بكل ما فيها من مظاهر حضارية يجب ان نعيها وان نتعامل معا بوجدان جميل وعقل مدرك. ومن هنا يمكن معرفة جانب قليل من دور الفن والتربية الفنية.
وبما أننا نعيش في مرحلة هامة تجاه الموهوبين وبما شرفوا به من تكريم على أعلى مستوى تمثل في رأس القيادة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله مع ما تحمله المؤسسة من اسم كبير يشرف كل ملتحق بها فان موهبة التربية الفنية لاتقل بأي حال عن أي موهبة بل يمكن القول انها منطلق لكل ابتكار كما انها اهم واقرب سبل التعبير والتعرف على مختلف ادوات التعلم وهي القلم والورقة في مراحل لا يزال فيها الطفل يجهل الحروف والجمل والارقام، واذا اردنا اكتشاف الموهوبة وتحقيق ما تسعى اليه القيادة ممثلة في هذه المؤسسة فإن علينا ايضا ان نهيئ المعلمين والمعلمات وان يكون اختيارهم للقبول في اقسام التربية الفنية مبني على دراسة واختبارات حقيقية يقوم عليها متخصصون ومنها مؤسسة الملك عبد العزيز التي ساهمت بهذا البرنامج الحضاري.
إلى أين يذهب هؤلاء الموهوبون؟
أعود لأطرح معاناة بعض الموهوبات في الفنون التشكيلية الراغبات في ان يصبحن معلمات في مجالهن وان يكون لهن بموهبتهن أيضا دور على الساحة التشكيلية التي منحتها وزارة الثقافة والإعلام اهتماما كبيرا تمثل في إنشاء جمعية مستقلة للفنون التشكيلية انضم لها الكثير من معلمي ومعلمات التربية الفنية الذي يشكل قطاع التعليم الحضن الأكبر لهم وللكثير من الفنانين المعروفين على الساحة، ويتضمن نظامها جانب الاهتمام بالموهوبين والموهوبات لنجعل منه سؤالا نتقدم به لسعادة وكيل وزارة التربية والتعليم لشئون كليات البنات الدكتور عبد الله الحصين ولسعادة الدكتور خالد الحذيفي عميد كلية التربية بجامعة الملك سعود استجابة لطلب العديد من الطالبات خصوصا غير المقبولات هذا العام مع ما يحملنه من مواهب بشهادات موثقة من قبل المؤسسة ومن البرنامج الاثرائي، تقدمن بها إلى كلية التربية وقوبل بالرفض متعذرين بان القبول توقف عند حد أعلى من معدلاتهن، وكما يعلم الجميع ان القبول لمثل هذه الأقسام يعتمد على القدرات والمواهب التي لا نشك في وجود إجراء خاص يعتمد فيه على اختبار للقبول، ضمانا لدخول من تستحق ان تقبل وان تكون بحق معلمة للتربية الفنية لكن الأمر يتعلق بمن لم تحقق المعدل المطلوب ولكنها تمتلك موهبة تتفوق فيها على الأرقام، وإذا كنا لا نؤمل في عودة التربية الفنية للثانويات العامة لمعرفة الموهوبات في هذا الجانب فلتكن مؤسسة الملك عبد العزيز وبرنامجها الاثرائي بمثابة اختبار القياس كما هو معمول به في بقية المواد، مجرد موقف نسجله للموهوبين مع ثقتنا بالمعنيين بهذا المجال خصوصا مجال المواهب في وزارة التربية والتعليم من مختلف إداراته التعليمية بنين وبنات ومنها مواهب التربية الفنية.
أخيرا
نختتم موضوعنا اليوم لنعيد التذكير بمشاعر السعادة بالموقف المشرف المتمثل في إقامة المؤتمر الإقليمي العلمي العالمي لرعاية الموهوبين مع تفاؤلنا الكبير بان يجد الموهوبون في مجال المهارات اليدوية (التربية الفنية) بمختلف إبداعاتها وتنوع مشاربها اهتماما كما تجده المواهب العلمية الأخرى وهذا الأمر مناط بوكالة شئون الكليات بوزارة التربية والتعليم وبكليات التربية بجامعاتنا لتشكيل مثلث الإبداع (اكتشاف الموهبة ورعايتها ودعمها) فكم من موهوبة صغيرة أصبحت اليوم مرشدة ومعلمة متميزة تزرع في عقول الناشئة الإحساس الراقي والمشاعر الفياضة تجاه الوطن ومليكه حينما تتحول أفكارهم الصغيرة عبر مهاراتهم الغضة الى مخترعات ومبتكرات في قادم أيامهم.
monif@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|