انتظار انتظار
|
يستيقظ من نومه مبكراً يمارس تلك الطقوس التي اعتادها يومياً وفي طريقه لمكتبه يجري عشرات الاتصالات يزدهر خياله بنجاحات حققها وما زال ينتظر تحقيقها يلتقط شريطا اعتاد سماعه يومياً.. صوت الأماكن يحرك ذكرى سنواته العابرة، يحاول أن يلتقط صورا من أماكن كانت عناوين للقيا بينهما فلا يجد سوى مساحات فارغة تشيخ أمامه اللحظات وتصبح الأشياء التي حوله عجوزاً ينتظر نهايته بكثير من القناعات.
يواصل السير.. يا أنت لم تخلق للأحياء وإنما للأشياء.. عبارة رددتها كثيراً بداخله تجسد أمسه وحاضره تلوح بسنوات مضت جعلت كل شيء أمامه مصابا بالوحدة والوجع وذنب الانتظار وتفاصيلها اليومية يجدها أمامه تمطر الحزن بسخاء.
انتظار.. الجميع ينتظر عودته.. الجميع يجب أن ينتظر مقدمه يستقرئ أفكاره حتى وإن كانت كتلة من وهم.
انتظار لا يحمل معه إلا صقيع الحياة.. انتظار تقيده مفاهيم لا تليق إلا به مفاهيم تختصر الحياة أمامك تجعل منك وجهاً للشقاء والكآبة.
يواصل السير من نفس الطريق محطته اليومية تفاصيل تتبارى أمامه مواكب من الحزن والشقاء.. يحدث نفسه: صحراء هي حياتي وإناء الصبر جف من شدة الجفاف وتلك الحبيبة هي من يدفعني للحياة للعطاء ذبلت من صقيع الوحدة ووجع الانتظار.. ما أفقرني إليك إلى معانقة يديك، ونظراتك لي تحيي الجدب وتهبني الحياة.
يسير ويقترب من نهاية المشوار يستقبل أصواتا عبر هاتف سيارته تذكره بمواعيد تواجده على الخارطة الاجتماعية ويختلط ذلك بأصوات سيدات اعتدن الأخذ دون عطاء أصوات محشوة بعبارات النفاق وصقيع الخيانة.. لم يعد للحلم حياة لم يعد للنجاحات طعم ولم تعد لحظاتي إلا صقيعا وثورة من الألم وذكريات لا تحتمل لم تعد الأشياء تحملك لي كان حبي لك شريراً أنانياً لم يستطع التوطن إلا في تلك الوجوه الشريرة وتلك المفاهيم الخطأ التي اعتادت على الأخذ.. لم أفهم مفاهيم العطاء حتى أصيغ لك حرفاً يليق بعظمة حبك لي وطهرك كنت عاقراً أنشد العطاء بعيداً عنك.
وينتهي مشواره اليومي يقف عند بوابة مكتبه ينظر إليها فلا يجد سوى ملامح كساها الانتظار وحولها إلى انكسار ضارٍ يحاول أن يعيدها إليه بعد أن أصبحت أيامه جثثا محنطة تفوح منها رائحة الموت ومرارة تفصل بينه وبينها لحظات الانتظار وتفاصيل تاهت ضمن أطر النظريات والأرقام وقوانين ارتجلها يوماً ليصنع منها منطقاً للحياة التي عاشها معها ليعترف اليوم أن الانتظار مؤامرة وأن العطاء خيانة وأن العطاء خيانة وتلك الوجوه خلقت للخيانة وأن الحقيقة الوحيدة هي من كانت شاهداً للوفاء والأمان ورمزاً لأصعب شيء.. انتظار.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|