وهي صورة شعرية رمزية نمطية، تتردد في القصائد الجاهلية، في مشهد من توحّد المهاة وحزنها على فقْد جؤذرها الذي اقتنصه الصائد، ترد في شعر علقمة، والأعشى، بالإضافة إلى لبيد، وغيره. |
على أن لبيداً قد خرج عن النمط التقليدي لصورة الخنساء الثكلى ليُسقط عليها رحلة الثور الوحشي النمطية، في صراعه مع كلاب الصائد. |
مهما يكن من شيء، وعلى الرغم من فقدان كثير من تراث العرب القديم ممّا كان يمكن أن يساعف على وعيٍ أوضح بتاريخ المفردات اللغوية وجذور الثقافة العربية فإن جملة القرائن السابقة تجعل الدارس يرى وراء لقب (الخنساء) ما لم يره أحدٌ من القدماء فضلاً عن المحدثين. |
لقد لَقَّب الخنساء بهذا اللقب أصحابُ تلك الثقافة الجاهلية نفسها، الذين كانوا يضربون ب{الخنساء ضيّعت الفرير} مثلاً للضعف الأنثوي والانكسار المصيريّ في مواجهة صروف الدهر، و{المنايا التي لا تطيش سهامها}. وهو ذات المعنى الذي رأوه في هذا الصوت الشعري الأنثوي المنكوب الباكي: صوت الشاعرة الخنساء. وعلى الرغم من ذلك، فهو ضعف وانكسار منتصرٌ في النهاية انتصار الخنساء في معلّقة لبيد بن ربيعة، الذي يكسر به الشاعر اليأس من جدوى تحدّي الظروف المحيطة، مهما بلغ عدم التكافؤ بين قوتها ووهنه. |
لقد اعتقد العرب في أن الشِّعْر ذكوريٌّ بالطبع والضرورة، وأن فحولية الشعرية قرينة فحولية الذُّكورة. والشِّعر ليليّ قمري، لا نهاريّ شمسيّ. وقد ألمح إلى هذه العقيدة أبو النجم العجلي لمّا قال قوله المشهور: |