صديق واصل لـ«الثقافية »: النحت على الخشب والحجارة أصبح فناً تقليدياً
|
من مسيرة الفنان صديق واصل
يعتبر الفنان صديق واصل من التشكيليين الشباب الذين أثروا الساحة بمشاركتهم إلا أن تميز الفنان صديق جعله يلفت الأنظار من خلال خامة الحديد التي يتعامل بها مع أعماله، وحقق من خلالها الكثير من الجوائز إضافة إلى أنه شارك في أكثر من سبعين معرضا داخل المملكة إضافة إلى ما يزيد عن الخمس والعشرين مشاركة في معارض خارج الوطن عبر القنوات الرسمية كما حصل على إحدى وعشرين جائزة في عدد من المسابقات التشكيلية والثقافية كما حصل على أربع جوائز من مسابقات عربية منها المركز الأول في معرض 25 فبراير بالكويت والمركز الأول في معرض الفنانين الشباب لدول مجلس التعاون الخليجي الثاني بالرياض.
* حوار المحرر التشكيلي:
قبل اعتزامي طرح أي سؤال على الفنان التشكيلي السعودي صديق واصل بحثت عن وسيلة للدخول إلى عالمه الإبداعي الذي اختار له خامة الحديد منطلقا للتعبير عن انفعالاته وردود فعله تجاه الواقع، فالحديد خامة صعبة المراس خصوصا أن الفنان صديق يتعامل مع مختلف قطع (الخردة) مما يلقي به الفنيون جانبا في ورش إصلاح السيارات، فيقوم الفنان صديق بإعادته بشكل جمالي ليعيد ويحفظ له قيمته الجمالية بعد انتهاء عمرها النفعي، وهنا تذكرت مقولة للفنان سيزار من كبار مثالي أو نحاتي هذا العصر من مستخدمي الخردة في إنتاج أعماله التشكيلية إذ يقول مجيبا عن سؤال حول ما يقوم به هل هو من ضروب العبث أو التسلية أو الدعابة قائلا: إنه لا يجد الإجابة عن هذا السؤال بل إنه لم يفكر يوما أن يطرح عليه مثل هذه الأسئلة، وأضاف أنه حتى الآن لا يفهم ما يقوم به إلا أنه يرى أن ما يقوم به يساير الفنون المعاصرة.. في زمن تغلبت عليه نزعة الغموض. من هنا أبدأ الحديث:
* لماذا اختار صديق واصل هذه الخامة؟
اختياري لهذه الخامة نتيجة اصطحابي مع والدي محمد أمين إلى ورشته الصناعية والمتخصصة بالسيارات في صغري، ولقد لفت نظره الخردوات التي كان يتركها والدي من حديد وأسياخ وسرندلات وبقايا تروس وغيرها من مخلفات السيارات التي كان يوضبها والدي فالتقطت أذني صوت الطرق على الحديد، وتشكلت لوحاتي في ذهني قبل أن أكبر وأيضا قد ساعدني في ذلك تخصصي في العلوم البيئية، فكانت الخامات الملوثة للبيئة مصدرا لاستفزاز طاقاتي وقدراتي الخاصة وشحنها من خلال التأملات التي بدأت منذ زمن ليس بقصير، وتعليمي للحام الكهربائي والمعدني وصهر المعادن وتشكيلها وسحبها وطرقها أثرت كثيرا في أعمالي المجسمة ولوحاتي الريليف التي فتحت لي آفاقا جديدة في التجريب والاكتشاف بناء على المكتسبات المحدودة وطموحاتي الكبيرة عبرت عنها بعض أعمالي التي يلاحظ فيها إشكال آدمية تصارع وكأنها تعاني من أزمات قاسية على الحالة الإنسانية.
* يرى البعض أن في النظر إلى الحديد ما يثير الإحساس بالقوة والشدة والصرامة كيف تمكنت من جعله أكثر عاطفة، وما هي أبرز تلك المواضيع الإنسانية؟
الإحساس بالقوة والشدة والصرامة موجودة عند الفنان الموهوب والمبدع ليروض شرائح الحديد والصفيح المعدنية في أعمال جميلة وعاطفية مع القدرة على الربط بين الأشكال مشكلا كيانا عضويا متماسكا ليتحاشى فيه الجهامة وصربتها بين الرقة والتناول الجميل، وأبرز المواضيع الإنسانية محورها الإنسان وعذاباته وصراعه مع واقعه اليومي يعانيه إنسان اليوم من الأحداث القاسية والحروب و الكوارث من الإرهاب وأجواء رعب وخوف فيها من أثر المعانات الإنسانية التي تحدث في العالم اليوم.
* التعامل مع الحديد على هذا النحو يحتاج إلى صبر وقدرة على التطويع كيف تمكنت من السيطرة عليه؟
كما يعلم الجميع فإن المعادن كالحديد والنحاس وغيرها من المواد المعدنية ذات طبيعة قاسية وصعوبة في التعامل والتطويع، وهذا يتطلب بعض الظروف الخاصة مثل الحرارة العالية والصهر والاحتياجات اللازمة في مجال اللحام والقطع والإذابة والتبريد إضافة إلى الوقت الطويل الذي تأخذه المجسمات من الدراسة والتخطيط والتكوين والتنفيذ والإخراج النهائي والصبر والتحمل يختلف من كل فنان لآخر حسب القدرات الجسدية والنفسية، والقدرة على التعامل مع الحديد، وأيضا تميزي في أسلوبي من ناحية التقنية والفكرة والأسلوب وعدم التكلف والاعتماد على طبيعة الخامات ومعالجتها ببساطة صادقة، والبعد عن التصنيع الفني كل ذلك ربما يكون سبب السيطرة عليه.
*لك مشاركات كثيرة وأصبحت الأبرز من بين الفنانين النحاتين أو المثالين بخامات الحديد إذا صح التعبير كيف ترى تواجدك ولماذا لا نجد منافسين لك؟
أعمالي النحتية وصلت إلى كثير من المعارض الدولية وكانت له خصوصيته في عوالم من الدهشة والمغامرة والمعطيات الإضافية والمؤثرات السيكلوجية على المتلقي، ولو تداولنا أعمالا نحتية كبيرة وواسعة لهو عان وجيوفالي ومصطفى سنبل وصلاح عبدالكريم وغيرهم من الذين يستعملون البقايا الحديدية الصناعية فإننا سوف نعثر على مفاهيم جديدة تجاوز تلك المفاهيم الوظائفية الأساسية للحديد الصناعي، أما أعمالي له إيقاع جديد تركيبي ووظائفي مميز مع معطيات إضافية للون وإيقاعات تجريدية ضمنية جنبا إلى جنب.
* نجد في أعمالك تنوعا في القطع المستخدمة ماذا عن توظيفها وهل لوجودها في الشكل رمز معين أو إشارة؟
استخدامي الجري للخامات الصلبة في بناء أمرين متكاملين هما: اللوحة البارليافية النافرة التي تتكون هياكلها الأساسية من مخلفات الحديد ومن المواد التكوينية الصلبة.
والمنحوتة التجريدية التي تنهض على افتراضات تاليفية قوامها الجمع ما بين وظائفية القطعة وتفي وظاائفيتها بالاعتراضات الثقيلة، وهنا الفارق الجوهري الحاد ما بين النحت المداري الذي يقرأ من جميع الجهات دفعة واحدة، واللوحة المشغولة بمواد حديدية صلبة أو مخلفات ميكانيكية ومخلفات السيارات مما يساعد على التشكيل المستجد الذي ينفي الوجود الغاني للعناصر انبلاجا لعلاقات جمالية جديدة تقوم على قواعد غير صناعية بل إبداعية ذهنية مجردة.
* في بعض أعمالك تتعامل مع الحديد مباشرة بالقص والتقطيع والتشكيل كيف تتعامل مع الفكرة هل الفكرة تسبق العمل أم أنها تتشكل وقت التنفيذ، وماذا عن حالات التغيير والتبديل لصياغة الفكرة؟
اعتمادي على مواد هامشية حياتية من بعض المخلفات البيئية، ولكنها لا تشيد المشهد النحتي في كثير من الأحيان واعتمادي على صياغات تسيد الموضوع، والفكرة أكثر من اعتمادي على الشكل، وتأتي الحالة الابتكارية بشكل موضوعي، وتصب في نهاية المطاف في القناة الرئيسة، والفنان بدوره يحاول الفكاك من فتح الموضوعية أو الانحلال المقيدة لتحركه نحو المادة النحتية ومنحها شكلانيتها التي تطغى على المضمون والفكرة لكنه تنجح في بعض الأعمال وتخفق في أخرى.
* يلاحظ في الكثير من أعمالك وجود أطراف حادة وكأنها تشير إلى القسوة مع أن الموضوع إنساني يمثل الهدوء والتسامح؟
مع مثل هذه الأعمال المباشرة ما أن تثبت في عين الملتقي أكثر من تلك الأعمال المغايرة في حيز اهتمام المتلقي بتلقانيتها وعفويتها وبساطة موادها ومما يفتح أمامه كثيرا من المغاليق، وفي هذه الحالة يحاول الفنان تفكيك صلابة مادته بمثل هذه الرؤية البسيطة والمتناولة تحت طائلة العين المجردة.
* ما يحدث في الواقع الدولي عامة والمحلي بشكل خاص من أحداث قاسية على الإنسانية تجعل الفنان يتفاعل معها بأي شكل من أشكال التعبير هل لهذه الأحداث نصيب من أعمالك وكيف عبرت عنها بالحديد؟
تتراوح الأفكار والإحساس والمشاعر والعواطف الإنسانية من الأحداث القاسية في الواقع الدولي والمحلي في تصارع مستمر، وكأنها تعاني من أزمات فكرية وصراعات نفسية حادة في أجواء من الرعب والخوف، وأعبر عن ذلك في عملي الفني الهرم المقلوب الهم نفسه على درجة أكثر مباشرة من صراع الإنسان وعذاباته اليومية من الحروب والكوارث.
* بين النحت على الخشب والحجر وبين التعامل مع الحديد الكثير من الفوارق وقد يكون التشكيل بالطين أقرب لتقنياتك عودا إلى كيفية إضافة كتلة أو إزالة أخرى كيف ترى تلك الاختلافات؟
النحت على الخشب والحجر خامات تقليدية وحاولت الخروج من الموضوعات والخامات التقليدية التي يتناولها الفنانون في تحديد مساري واتجاهي باستخدام مخلفات الحديد، وعلاقتي بصهر المعادن وتشكيلها وسحبها لاستخلاص ملامح خاصة ورؤية ذاتية في محاكاة الأشياء والمكتسبات المحدودة.
* ما زالت أعمالك في حدود المعارض الجماعية مع أن لديك القدرة على إنتاج الكثير ما يمكنك من إقامة معرض كل عام خصوصا أن مثل هذا الإبداع ما أضاف جديدا على الساحة؟
في الوقت الحاضر نحتاج إلى دعم مادي حقيقي من المؤسسات العامة والشركات والمراكز الثقافية والأندية الأدبية ووزارة الثقافة والإعلام والجمعيات الثقافية لضرورة إقامة معرض كل عام ضمن فعاليات المهرجانات والمعارض المقامة لكن نجد هناك منتمين مقصورين للأسرة التشكيلية فقط.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|