أبكي على الأمسِ القريب الذاهب |
وأسيرُ والأيامُ تدفع قاربي |
أبكي وما يغني البكاء؟! وكيف لي |
أن أستردّ مواقفي وتجاربي؟! |
ولقد تبادرت الدموعُ أيا أخي |
حزَناً على ألا تكون بجانبي! |
فكأنّ دمعاتِ المحاجر جرّأتْ |
أخَواتها فجرينَ فوق ترائبي! |
كنا كصِنوي نخلة في روضةٍ |
غناءَ تُسقى بالغمام الذائب |
دهراً ولكنّ الرياح جرتْ بها |
فتطايرتْ كدُمىً بكفَّي لاعب |
يا صاحبي: هلا بللتَ تكرُّماً |
شفةَ الهوى إن كنت حقاً صاحبي!! |
لو قد رأيتَ أخاك وهو متيَّمٌ |
ورأيتَ منه بعضَ وجهٍ شاحب |
لعلمتَ ما فعلتْ يداكَ بمدنفٍ |
ذي علةٍ وقضيتَ بعض مآربي |
أوَ لستَ تعلمُ يا محمدُ أننا |
جاران ؟! فاذكر بعضَ حقي الواجب! |
لله أيامٌ كأنّ خيالَها |
برْدُ الشرابِ على لسان الشارب!! |
وكأن ذكراها الجميلة صفحةٌ |
مسطورةٌ بالحب في يدِ كاتب |
ما زلتُ أذكر يا محمدُ لهوَنا |
وكذاك بعض حديثنا المتجاذَب |
تأتي فتلقي في الصباح تحيّةً |
فأقول : أهلاً بالحبيبِ الغائب! |
ما أحسنَ اللقيا على ظمأ الهوى |
وتصافحَ الكفين بعد تجانُب! |
لكَ في فؤادي يا محمدُ منزلٌ |
كالجنة الخضراء بين خرائب! |
غُرُفاتُه مبنيّة من خُلةٍ |
ممزوجةٍ بالحبّ غير الكاذب |
فلئن بقيتَ على العهودِ فإنني |
باقٍ ولو كان الزمانُ محاربي!! |