رحالة العصر
|
الحمد لله الذي لم يزل يجود على هذه الأمة برجال يحفظون لها تاريخها وتراثها وفضائلها زماناً بعد زمان ليفيدوا أمتهم وبلادهم أمثال العالم المؤرخ الاديب رحالة العصر معالي الشيخ/ محمد بن ناصر العبودي الذي ولد في مدينة بريدة عام 1345هـ، وتخرج من مدرسة شرعية وهي حلق العلم في المساجد، فأخذ من كبار العلماء كالشيخ عمر بن محمد بن سليم كبير قضاة القصيم وقاضي بريدة، وسماحة مفتي المملكة ورئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ صالح بن احمد الخريصي رئيس محاكم القصيم، والشيخ عبدالله بن محمد بن حميد قاضي بريدة آن ذاك ورئيس مجلس القضاء الأعلى فيما بعد، وهو شيخه الذي تخرج عليه ومن ابرز تلاميذه وقد لازمه وقت الطلب حضرا وسفرا، وبعد تخرجه على العلماء انطلق من التخصص في العلوم الشرعية الى الموسوعية، فألف في اللغة والادب والتاريخ والجغرافيا وغير ذلك، وكتب خلال ترحاله إلى أغلب بلدان العالم عن كل بلد حط قدمه عليها وعما شاهده فيها من مناظر وآثار وغير ذلك، كما انه يسجل غالباً عدد سكان تلك البلد وعدد المسلمين والمساجد والمدارس الإسلامية فيها وديانة اهلها ولغتهم وآدابهم وعاداتهم وما يمتازون به من أعمال ويذكر الاحوال الجوية للبلد وتضاريسه.
لقد عرف الشيخ قارئا نهما في امهات الكتب وكتب التراث والدوريات والمجلات المفيدة، قضى شبابه وكهولته في خدمة الإسلام والمسلمين واسهم في نهضة البلاد العلمية والدعوية بالاضافة إلى المناصب الإدارية التي تولاها والمؤلفات التي دونها والزيارات التي قام بها لمعظم دول العالم.
فقد شارك في نهضة البلاد العلمية من خلال عمله قيماً لمكتبة الجامع الكبير في بريدة التي كانت تحت إشراف شيخه سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد، وهو اول عمل رسمي عين فيه، ثم مدرسا في إحدى المدارس الحكومية في بريدة فمديراً لها، ثم كلف بتأسيس المعهد العلمي في بريدة في عام 1372هـ وتولى إدارته حتى عين اميناً عاماً للجامعة الإسلامية في اول تأسيسها وشارك في وضع نظامها وهيكلها الإداري عام 1383هـ وعمل فيها لمدة ثلاث عشرة سنة ثم عين وكيلاً للجامعة نفسها.
وشارك في النهضة الدعوية من خلال عمله اميناً عاما للهيئة العليا للدعوة الإسلامية بالمرتبة الخامسة عشرة عام 1395هـ لمدة ثماني سنين، ثم العمل الحالي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي من عام 1403هـ وهو الآن بالمرتبة الممتازة.
ولقد اتاح له عمله في رابطة العالم الإسلامي الترحال إلى بلدان العالم حيث زار معظم دول العالم للاطلاع على احوال المسلمين فيها وكتب عن جميع مشاهداته في البلدان التي زارها، وقد بلغت عدد مؤلفاته عن هذه الرحلات مائة وبضعة وستين مؤلفا طبع منها اكثر من مائة مؤلف والباقي تحت الطبع، وهي ثروة ادبية تاريخية جغرافية فكرية تهم كل مثقف ومسئول.
ورغم كبر سنه وكثرة أعماله وانشغاله بالاعمال الادارية واسفاره الكثيرة الا ان ذلك لم يثن من عزيمته عن قيامه بالتأليف ومطالعة الكتب الكثيرة في فنون متنوعة وإقامة البرامج الإذاعية عن احوال المسلمين في العالم والمشاركة في مناقشة الرسائل العلمية، وهو حالياً بصدد إكمال كتابة «معجم أسر القصيم» اسأل الله ان يوفقه ويعينه على إتمامه.
كما كتب اربعين مؤلفاً في علوم متنوعة بعضها تحتوي على عدة مجلدات، طبع منها «معجم بلدان القصيم» في خمس مجلدات و «الأمثال العامية في نجد» في أربع مجلدات و «كلمات قضت» في اربع مجلدات.
والشيخ وفقه الله راوية للتاريخ المعاصر يحفظ الوقائع والاحداث ويروي عن ثقات كما انه يحفظ الاسر التي استوطنت بلدان القصيم وتاريخها ويذكر غالبا اول من استوطن من تلك الاسر لتلك البلدان وهو حريص على توثيق ذلك من خلال الوثائق وافواه الرجال الثقات.
كما انه يشجع المهتمين بتاريخ بلدانهم واسرهم والشخصيات البارزة فيهم وتدوين الروايات التاريخية عمن وجد وعمن عرف بالرواية عنهم ويحثهم على مواصلة السير والعمل والتدوين والإنتاج.
وقد عرفت عنه التجرد والإنصاف والموضوعية فيما يقول ويكتب في وصفه للشخصيات والبلدان التي ذكرها في كتبه ولا ادل على ذلك من وصفه لجميع بلدان القصيم في كتابه «معجم بلدان القصيم» حيث استوفى لكل بلد حقه من الوصف، كما انه حينما يذكر هذه البلدان يشير إلى الاسر التي تسكنها ويذكر اسماء الشخصيات البارزة من تلك الاسر سواء كان بروز تلك الشخصيات في العلم او الزعامة او الجاه او المال او الكرم او الشجاعة او الشعر.
والشيخ وفقه الله طيلة حياته العملية في القصيم والمدينة المنورة والرياض ومكة المكرمة التي تزيد على نصف قرن من الزمن من الشخصيات البارزة التي نالت ثقة ولاة امر هذه البلاد يدل على ذلك تعيينه في المناصب الإدارية المهمة إضافة إلى رحلاته إلى أغلب بلدان العالم بمهام رسمية للاطلاع على احوال المسلمين ومساعدتهم فتحدث وتكلم وحاضر في المساجد والقاعات واماكن التجمعات هناك، كما قابل كبار مسئولي تلك الدول والبلدان وتحدث معهم وقام بالدور الذي كلف به خير قيام.
وحقيقة فإني لا استطيع ان اوفي هذا الانموذج الفذ معالي الشيخ محمد العبودي حقه في هذا المقال ولكن آمل ان أكون قد اسهمت بشيء مما عرفه عنه، وتكريم الشيخ وامثاله من رجال العلم والدعوة والادب الذين أفنوا حياتهم في خدمة امتهم ووطنهم بادرة طيبة وامر محمود يشكر لولاة امر هذه البلاد المباركة الذين دأبوا على تكريم اهل العلم والفكر والادب.
د. فهد بن عبدالله الرشودي
عضو مجلس منطقة القصيم
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|