العبودي.. ذاكرة لا تخطئ! عبدالعزيز المسند
|
من الأمور المسلم بها أن الحكم على الأشخاص لا يكون مطابقاً ومقبولاً إلا إذا كان المتكلم قد عامل الشخص أو سافر معه، وقد أتيح لنا السفر معاً عدة سفرات إلى بلاد الله البعيدة مثل البرازيل والمكسيك ودول أخرى.. لا قينا فيها التعب والمفاجآت مما يظهر الصاحب في السفر على حقيقته، وكانت رحلاتنا في الدعوة إلى الله. فوجدت في الشيخ العبودي ميزة ينفرد بها وهي الذاكرة وعدم النسيان. فأي حادثة أو منظر أو كلمة مرت بنا وسمعها فلن تفوته، وأي مكان رأيناه فلن ينساه، وكنا إذا أردنا الرجوع لاسم أو مكان لا تحتاج لتقليب الورق إذ ذاكرة الشيخ معنا، وهذا ما اتاح له الحديث عن الناس والبلدان بإسهاب، وإن كان قد مر عليها سنوات، وعنده ظاهرة التسجيل كتابة، فهو يكتب ويسجل ما لا يستهوي غيره من البلاد والناس وحركاتهم.
ولديه صبر وتحمل لا يشاركه فيه غيره، فتراه في الغربة يعيش على الكفاف ويتحمل التعب في نفسه وبدنه وصبره على أذى الناس، ويضع نفسه في المخاطر في أدغال أفريقيا أو غابات الأمازون، وأذكر أننا تعرضنا لأخطار مخيفة مثل وصولنا إلى مطار بلد في أمريكا الوسطى أثناء الليل ولا نعرف أين نذهب، فيسير بنا سائق السيارة في أدغال وظلام منذر بالخطر، ثم ينجينا الله وإذا قابلنا المسلمين في النهار حمدوا الله وقالوا لقد أنقذكم الله من موت محقق فهؤلاء مجرمون وأنتم غرباء وإذا علم أنكم من السعودية فالخطر أعظم.
وأذكر اننا وصلنا إلى (سلفادور) في أمريكا الوسطى بعد الساعة الثانية عشرة حيث ظروف الطيران تضطر لذلك وبعد شد للأعصاب أوصلنا السائق إلى فندق، ونحن متعبون فرمينا أنفسنا في غرفة بدون نور، ونمنا وفي الصباح اتصلنا بالمسلمين وهم قلة فعجبوا وقال: إن هذا الفندق مقر المجرمين.
وبساطة الشيخ محمد وتضحياته تجعله يصل إلى كل بلد أو قرية ويعيش مع كل أحد.. وقد تكونت شخصيته من البداية بسبب صحبته للعلماء ثم العمل معهم. ثم انخراطه في سلك الدعاة فصار السفر جزءاً من حياته.
ومن الأمور التي أتاحت له هذه الشخصية المتميزة عدم انشغاله بأمور الدنيا والبيع والشراء وبعده عن تجربة الزواج مما يعجبه أو من بلد اضطر إلى الاقامة بها مدة طويلة، وبعده عن مظاهر الحياة والبذخ والسكن في الفنادق المتميزة التي يرقب المجرمون الخارجين والداخلين منها وإليها.
وفي الختام فهو شخصية متميزة في كل أحوالها.. ولا يستطيع مسايرته والاستمرار معه في بلاد الله الواسعة إلا من هو مثلي في التضحية والجلد.. والله المستعان.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|