عشيرة سدير وسطور في التاريخ
* عبد العزيز محمد الدريس
|
أود في هذه الأسطر إعطاء معلومات جديدة عن مدينة عشيرة سدير الواقعة شمال مدينة الرياض على بعد 130 ك.م، وبوابة إقليم سدير للقادم إليه من جهة الشمال.. واستثنيت بعض المعلومات التي أخذت نصيبها من التوضيح في وقت سابق.
1ً نشأة عشيرة:
كانت بداية نشأة مدينة عشيرة عند قدوم مانع التميمي إليها الذي حفر فيها أول بئر، واستفاد من هذه البئر في وفاء ديون كانت عليه فسمى هذه البئر «الموفية» وهي أول بئر أحدثت في مدينة عشيرة سدير ولا تزال موجودة إلى يومنا هذا، ومانع التميمي هو الذي تنسب إليه قبيلة المنعات من بني عمرو بن تميم وهو الذي ورد اسمه في البيت التالي حين ندبهم بعزوتهم «أولاد مانع» مرسول جيرانهم الذين تربطهم صلة الدم عام 1301هـ وهو:
أولاد مانع يا صلب جدي
أولاد مانع يا تالي الذخاير
والمنعات أو «المنيعات» هم أول من سكن عشيرة سدير، والموفية هي أول بئر أحدثت في عشيرة سدير. وقد ذكر حمد بن محمد بن لعبون الموجود في القرن الثالث عشر الهجري في تاريخه حينما تكلم عن تميم نجد ذكر ص 56 تحقيق ابن بسام ما نصه: «والصريح منهم المجتمعون على أحسابهم وأنسابهم في نجد... والرابعة آل منعات الذين منهم آل عشيرة أهل عشيرة». ويطلق عليهم أيضا «أولاد المنيعي» وذلك حينما نوّه رشيدان بن غشام التميمي شقيق رميزان المتوفى سنة 1079هـ بمساعدتهم له في هذا البيت من ضمن قصيدة طويلة وهو:
ومعنا من أولاد المنيعي رفاقه
مناعير إلى كيد العدو عصات
«المصدر: الشعر النبطي/ سعد الصويان ص 430».
وكذلك ذكرهم الأمير الشاعر عبدالعزيز بن جاسر بن ماضي «ت 1250هـ تقريباً» في قصيدة من ضمنها هذه الأبيات:
أرسل من أولاد المنيعي رفاقه
أدلوا عليها قبل ينضاح نورها
مناعير الورى من ذرا روس لابة
تميمية من هم حماها وسورها
على رأي من منهم ولو شمر العدى
عن ساق حرب زارها في قصورها
وقوله أيضا:
جند من أولاد المنيعي لكنهم
أسود الشرى طلق الأيادي ذكورها
كم انصفوا بارض العدى طالب الندى
ربع على الشدات تافي شبورها
وياما رموا لأضدادهم من رمية
وكم جددوا لأبطال حي قبورها
«المصدر: بنو تميم عبر التاريخ/ فوزان الماضي»
ومما قاله أحد أبناء عشيرة يصف الواقع الذي تعيشه في ذلك الوقت وهو ابراهيم بن محمد بن ادريس «المتوفى سنة 1342هـ تقريباً»:
يا راس يا للي قام يضربه الدجر
يوم المريدي شايل بيشانها
أولاد المنيعي نازلين في الخطر
وبيوتهم ما طولوا جدرانها
إلى أن قال:
لي لابة تحتزم على مثل الزهر
وتعدي إذا ثار دخانها
2ً أمراء عشيرة سدير سابقاً:
1 محمد بن ناصر بن حمد بن ناصر بن عبدالله بن عشري «توفي 1239ه» ذكره عبدالله بن بسام في كتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق وكذلك ابن بشر والفاخري وابن لعبون في أحداث 1239ه. وذكر ابن بسام بأنه: «أمير عشيرة، وكان من الشجعان».
2 عشري بن حسين بن إدريس بن عشري.
3 محمد بن صالح «ورد اسمه في وثيقة مؤرخة عام 1330ه».
4 عبدالعزيز بن محمد بن صالح «ورد اسمه في وثيقة مؤرخة عام 1353ه».
5 حمد بن عثمان بن ناصر.
6 عبدالعزيز بن عبدالله بن ناصر.
7 سعد بن فلاح بن ماضي.
وجميع هؤلاء انطووا تحت لواء الدولة السعودية منذ عهد الإمام محمد بن سعود إلى عهد الإمام تركي بن عبدالله ثم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه.. ولا يزال أبناء عشيرة سدير على عهدهم وعهد آبائهم وأجدادهم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وإخوانه الميامين وفقهم الله.
3ً التعليم في عشيرة سدير قديماً:
مر التعليم في نجد بمراحل عديدة وعشيرة سدير كغيرها من مدن نجد في اتباع طرق التعليم قديماً قبل ظهور التعليم النظامي، وكان التعليم في مدينة عشيرة سدير قبل هذه المرحلة يعتمد على التعليم في الكتاتيب «وهي مؤسسة تعليمية مهمتها تربية وتعليم النشء»، وسميت بذلك لأنها تعلم الكتابة، ثم تطور الاسم ليشمل كل مؤسسة تعليمية تعلم القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم. ولم تكن هناك لوائح وأنظمة رسمية تسير بموجبها هذه الكتاتيب إنما هي أنظمة متعارف عليها ومتوارثة منذ قديم الزمان، ومكان الدراسة إما أن يكون جزءاً من المسجد وإما في بيت الشيخ. وكان أبرز من قام بهذه المهمة في مدينة عشيرة في وقته عبدالعزيز بن ابراهيم بن مغيصيب «ولد 1266هـ وتوفي 1337هـ» وكان إماماً لجامع عشيرة ومدرس أبنائها وكان كاتب وثائق أهل عشيرة ورسائلها وعقودها، وكذلك عبدالعزيز بن صالح بن مغيصيب، رأيت وثيقة بخطه، ومحمد وعبداللطيف ابنا عبدالعزيز بن ابراهيم بن مغيصيب توليا إمامة الجامع وكتابة الوثائق والعقود لأهل عشيرة وتدريس أبنائها، وابراهيم بن عبداللطيف بن مغيصيب قام بالتدريس وكتابة الوثائق لأهل عشيرة ودرس في مدينة تمير أبناء أهل الشمالي قبل عام 1347هـ وعبدالعزيز بن محمد بن مغيصيب قام بالتدريس في مرحلة الكتاتيب والمرحلة النظامية، وكتابة الوثائق في عشيرة وأيضا قام بتدريس أبناء أهل الشمالي في مدينة تمير في عام 1365هـ تقريباً، ولا تكاد تخلو وثيقة من وثائق أهل عشيرة إلا ويوجد فيها اسم أسرة المغيصيب. حتى صدر الأمر بإيقاف الأمور الكتابية التي كان يقوم بها إمام المسجد وان توكل إلى كتابة العدل.
4ً عشيرة في كتب التاريخ:
ورد اسم مدينة عشيرة في كتب التاريخ سنوات 1099ه و1236ه و1237ه و1238ه و1239ه، كذلك ورد اسم عشيرة سدير سنة 1253ه عند ابن بشر، أيضا ما ذكره عبدالله بن محمد بن بسام مؤلف كتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق حيث ورد ذكر عشيرة في أحداث 1301ه ص 368، وأيضا ما ذكره الأمير سعود بن هذلول في كتابه تاريخ ملوك آل سعود حيث ورد ذكر عشيرة سدير في أحداث سنة 1319ه وكذلك ما ذكره الشيخ ابراهيم بن صالح بن عيسى «ولد 1270ه وتوفي 1343ه» في مجموعة المخطوط الذي سجل فيه إحصائيات بالبلدان النجدية والمسافات بينها وعدد الرجال القادرين على حمل السلاح في المعارك وذلك سنة 1320ه، ان عدد الرجال القادرين على حمل السلاح في عشيرة سدير عام 1320ه 250 رجلاً، مما يعطي صورة تقريبية بعدد السكان في ذلك الوقت، وكذلك ما ذكره المؤلف البريطاني لوريمر المتوفى عام 1914م 1331ه في كتابه «دليل الخليج» الذي يتكون من عدة مجلدات تاريخية وجغرافية ونورد ما قاله عن عشيرة سدير قبل مائة عام: «الموقع/ على المنخفض الذي يشكل رافداً على الضفة اليسرى للعجش. الطبيعة/ تتكون من 150 منزلاً والمنازل مبنية من الطين فوق تل يشرف على مزارع النخيل ونصف سكان هذه القرية القادرون من الناحية الجسمية في الوقت الحاضر في الكويت أو البصرة للبحث عن عمل، ثم يذكر بعض الأشياء وهي: وتوجد بها مزارع نخيل كثيرة ولكن لا توجد أشجار فواكه، وتزرع الحبوب العادية والبرسيم والشمام والبطيخ، وعمق الآبار من 6 14 قامة ولكنها تجف في بعض الأحيان وتسبب هجر القرية، وتقدر الحيوانات فيها بمائتي جمل ومائة رأس من الماشية الى جانب الخراف والماعز...» انتهى كلام لوريمر.
ومن الأسماء التي وردت في كتب التاريخ لبعض رجال عشيرة سدير:
أ ناصر بن برخيل/ في تحفة المشتاق في أحداث سنة 1237ه.
ب محمد بن ناصر بن حمد بن ناصر بن عبدالله بن عشري/ في تاريخ ابن لعبون وابن بشر والفاخري وتحفة المشتاق في أحداث سنة 1239ه.
ج ناصر بن عبدالله بن فوزان بن عبدالله بن حمد بن مانع بن عشري «المصادر السابقة» في أحداث 1239ه.
د موسى بن عبدالعزيز بن موسى في تاريخ ابن بشر وتحفة المشتاق ويختلف الاسم عند ابن لعبون حيث ذكر موسى بن عبدالله بن موسى في أحداث سنة 1239ه.
5ً آثار عشيرة القديمة:
أضيف أحد اقدم الأماكن في عشيرة سدير ألا وهو «جبرة» وتقع شرق جامع عشيرة القديم وبالتحديد شرق بئر الموفية وهي عبارة عن أرض كانت قديماً مزرعة ويوجد وثيقة وقف لها كتبها الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن مشرف المتوفى عام 1079هـ جد الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله. وتعاقب على تجديدها علماء نجد في زمانهم ونص الوثيقة: «بسم الله الرحمن الرحيم.. مضمونه أني رأيت سنة تبنان وثيقة صحيحة كتب سليمان بن علي رحمه الله بما حاصلها ان ربيعه ومانع العشري وقفا عقاريهما الآتي بيانهما على أولادهما والعقاران المذكوران أحدهما العقار الذي في أسفل قرية الجنيفي المسمى بالشارخية ما خلا قطعة فيها معلومة ذكر انها لآل حمد بن عشري لم تكن ملكاً لمن ذكرنا فلم تدخل في الوقف المذكور والعقار الآخر هو المسمى بجبرة في قرية عشيرة وشهرة كل من العقارين تغني عن حده وذكر ان ذلك جرى في صحة من عقل وبدن وطوع واختيار ومعرفة بالموقوف حين الوقف من الواقفين المذكورين وان ذلك وقف صحيح شرعي لازم مرضي وذكر انه حضر على ذلك جماعة من المسلمين منهم العدول وغيرهم ثم ذكر انه شهد به وأثبته وكتبه فقير عفو ربه العلي سليمان بن علي بن محمد بن مشرف وذلك بعد تحقق ومعرفة خطه معرفة يقينا لا شك فيه ولا مرية قال ذلك وشهد به وكتبه وأثبته أحمد بن محمد المنقور ونقله من خط الشيخ أحمد المنقور حرفاً بحرف بعد المعرفة به يقينا فقير عفو ربه العلي أحمد بن غنام الحنبلي ونقله من خط أحمد بن غنام بعد معرفته يقينا عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ونقله من خط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين رحمه الله وعليه ختمه بعد معرفته يقينا حرفاً بحرف لموجب شرعي وهو تلف الأصل المنقول منه عثمان بن عبدالله بن عمر وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم 2 ص 1341هـ».
والمقصود بسنة تبنان 1099هـ وهو التجديد الأول لهذه الوثيقة على يد الشيخ أحمد المنقور .. ويتبين من ذلك ان الوثيقة كتبت في حدود 1050هـ تقريبا مما يوضح قدم أرض جبرة.
6ً مزارع عشيرة ومسمياتها:
من ضمن مزارع «وادي الودي» مزارع الدريس آل عشري ومزارع آل أبو حيمد ومزارع آل ناصر.
7ً قصور عشيرة:
من ضمن قصور عشيرة «قصر الدريس» وكانت تسكنه أسرة «الدريس آل عشري» بناه عبدالله بن فوزان بن عبدالله بن حمد بن مانع العشري في حدود عام 1200هـ تقريباً وقام بتجديده وترميمه عبدالعزيز بن ادريس بن حسين العشري في حدود عام 1321هـ تقريباً، ومن القصور قصر أسرة آل صالح في عشيرة.
8ً أبواب عشيرة:
أبواب عشيرة: من الشمال باب الحوش، ومن الشرق باب السليل، ومن الجنوب باب الحنافا. أيضا باب الهديب من الغرب نسبة الى أسرة الهديب في عشيرة وتمير، ولم يبق أثر لهذه البوابات سوى باب الحوش. وباب الحنافا نسبة الى أسرة كانت موجودة في عشيرة قديما وانقطع ذكرهم. أضيف أيضا ان هذه البوابات في ذلك الوقت لم تكن تغطي حمى عشيرة من مزارع ومنازل وأراض.
هذا ما أحببت إضافته مع علم اليقين ان هناك معلومات لم أذكرها.. وليس تقصيرا مني وإنما بعض ما وقعت عليه يداي أثناء البحث وتعاون البعض معي في إعطاء معلومات خاصة بعشيرة من إطلاع على وثائق قديمة وسماع روايات شفهية وما نقلته من المصادر الموثوق فيها والمعتبرة من كتب تاريخية.. فمن وجد لديه زيادة معلومات عن عشيرة سدير أو أسرها أو مزارعها في وثائق أو غيرها فلا يتأخر في مراسلتي لتعم الفائدة للجميع. والله من وراء القصد.
المصادر:
1 عنوان المجد في تاريخ نجد/ عثمان بن بشر.
2 / تاريخ الفاخري/ محمد الفاخري.
3 تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق/ عبدالله بن محمد البسام.
4 تاريخ ابن لعبون/ حمد بن لعبون، تحقيق عبدالله بن عبدالرحمن بن بسام.
5 الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص/سعد الصويان.
6 بنو تميم عبر التاريخ/ فوزان الماضي.
7 تاريخ ملوك آل سعود/ الأمير سعود بن هذلول.
8 صور لوثائق ومخطوطات زودني بها الإخوة الكرام وهم: الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله الشايع المحاضر بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل، والأستاذ عبدالله بن بسام البسيمي.
9 بعض الروايات الشفهية لكبار السن من أهل عشيرة.
10 صورة قصر الدريس آل عشري تصوير الأستاذ سعود بن عبدالعزيز الدريس «1416ه» وقام مشكوراً بتزويدي بها. كذلك مجموعة من الصور تصوير الأستاذ عبدالله الربيعة صورة باب الحوش، مرقب عشيرة قام مشكورا بتزويدي بها.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
